إيطاليا تحثّ أوروبا على إعادة كتابة قواعد اللجوء

حثت الأمم المتحدة الاتحاد الأوروبي على استقبال 200 ألف لاجئ على الأقل، داعية إلى تبنّي تعاط موحد لقضية الهجرة وذلك في وقت يبحث الاتحاد في مبادرة فرنسية ألمانية لتوزيع منصف.

وشدد المفوض الأعلى للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس في تصريحات أمس على أن ما تواجهه أوروبا اليوم هو أزمة لاجئين وليس ظاهرة من ظواهر الهجرة. وأضاف: «غالبية الناس الذين يصلون اليونان يهربون من مناطق النزاعات مثل سورية والعراق وأفغانستان، وذلك من أجل إنقاذ حياتهم».

واعتبر المسؤول الأممي أن أوروبا فشلت في إيجاد مقاربة مشتركة للرد على الأزمة، وهذا ما أدى إلى معاناة الناس، فيما لقي ما يربو على 2600 شخص مصرعهم وهم يحاولون الوصول إلى القارة الأوروبية عبر البحر الأبيض المتوسط، أما أولئك الذين وصلوا إلى السواحل الأوروبية، فواجهوا «الفوضى والإهانات والمخاطر».

وتابع أن «الأشخاص الذين يملكون طلبات حماية صالحة… يجب أن يستفيدوا بعد ذلك من عملية إيواء جماعية بالمشاركة الإلزامية لكل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي».

وقال غوتيريس إنه ما من دولة في الاتحاد الأوروبي يمكنها أن ترفض القيام بما عليها وأن على الجميع القيام «بتغييرات جذرية» للسماح بمزيد من عمليات التوطين والسماح بالدخول على أساس إنساني وتوسيع نطاق إصدار تأشيرات الدخول وبرامج الرعاية والمنح الدراسية والطرق الأخرى للدخول بشكل قانوني.

وأضاف المسؤول الأممي إن صورة الطفل السوري الغريق الذي لا يتعدى عمره ثلاث سنوات وقذفته الأمواج إلى شاطئ تركي والتي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي «حركت قلوب الناس في شتى أنحاء العالم»، لكن الاتحاد الأوروبي أخفق حتى الآن في التوصل إلى طريقة مشتركة للتعامل مع الأزمة.

وفي السياق، قالت ميليسا فليمنغ المتحدثة باسم المفوضية السامية إن بريطانيا تعرض 4000 مكان للاجئين السوريين. وأضافت: «نرحب كثيراً بزيادة أماكن إعادة توطين السوريين في المملكة المتحدة. ستكون هذه الأماكن مهمة بالنسبة لحياة ومستقبل أربعة آلاف شخص».

وكانت فرنسا وألمانيا قد اقترحتا مبادرة «لتوزيع منصف للاجئين» في أوروبا، ومن المقرر أن يجتمع وزراء الخارجية الأوروبيون اليوم الجمعة في لوكسمبورغ لبحث هذا الملف.

وأعلن قصر الإليزيه في بيان أن المبادرة الفرنسية الألمانية تتعلق بإعادة توزيع اللاجئين بين دول الاتحاد الأوروبي. ولم تذكر الرئاسة الفرنسية في نص البيان كلمة «الحصص».

وأضافت الرئاسة أن هذه المبادرة تهدف أيضاً إلى «ضمان عودة اللاجئين غير الشرعيين إلى بلادهم الأم وتقديم الدعم والتعاون الضروريين مع البلدان الأم ودول العبور».

من جهة أخرى، قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت في مؤتمر صحافي إن الرسالة إلى رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك احتوت على عدد من المقترحات الملموسة بشأن كيفية تصدي أوروبا لأزمة المهاجرين.

وتشمل هذه الخطوات إنشاء مراكز استقبال «بالمناطق الساخنة» في إيطاليا واليونان وطلباً بأن تدرس المفوضية ما إذا كاتن تجب إقامة مراكز من هذا النوع في دول أوروبية أخرى.

وقال زايبرت: «يجب أن يكون ما يسمى النقاط الساخنة في إيطاليا واليونان جاهزة وتعمل في أقرب وقت ممكن… بحلول نهاية العام على أقصى تقدير» مشيراً إلى أن المانيا وفرنسا لديهما استعداد لتقديم الدعم.

وأضاف: «مسألة كيفية توزيع اللاجئين ترتبط ارتباطاً وثيقاً بإنشاء مراكز الاستقبال استناداً إلى مبدأ التضامن في الدول الأعضاء كافة. نحتاج إلى آلية مستديمة وملزمة لإعادة توطين هؤلاء الناس على وجه السرعة.

وفي هذا السياق، أعلنت مفوضة اللاجئين الأوروبية عن زيادة مفاجئة في عدد اللاجئين الذين يصلون اليونان. وأوضحت أن 5.6 ألف شخص دخلوا مقدونيا من اليونان أول من أمس، علماً بأن التدفق اليومي للمهاجرين لم يتجاوز سابقاً 3 آلاف شخص.

وأكد النائب الأول لرئيس المفوضية الأوروبية أمس أن رئيس المفوضية جان كلود يونكر سيقترح الأسبوع المقبل، مخططاً أوسع لنقل طالبي اللجوء في أرجاء الاتحاد من المجر واليونان وإيطاليا وفق حصص لكل دولة.

وقال فرانس تيمرمانس في تصريحات أذيعت من جزيرة كوس اليونانية: «سيعلن الرئيس يونكر اقتراحاً معدلاً لنقلهم الأسبوع المقبل بخاصة من الدول الثلاث الأكثر تأثراً وهي اليونان وإيطاليا والمجر».

وتابع تيمرمانس: «سنكرر اقتراحنا للدول الأعضاء حتى نتأكد من أننا نملك خريطة للتوزيع ونضع بذلك التضامن الأوروبي موضع التنفيذ لنتأكد من توزيع من يصلون إلى أوروبا بين الدول الأعضاء»، مشيراً إلى أن «المفوضية ستصر على ذلك وأنا واثق أننا نستطيع تحقيق نتائج».

يذكر أن الاتحاد الأوروبي تخلى عن فكرة الحصص لتوزيع اللاجئين في أراضيه في حزيران الماضي، عندما تعهد باستقبال 40 ألف لاجئ. لكن بيانات المفوضية الأوروبية تشير إلى وصول ما يربو على 100 ألف مهاجر جديد منذ ذلك الوقت، فيما بلغ عددهم منذ مطلع العام، حسم تقييمات مختلفة، ما بين 350 ألفاً و400 ألف شخص.

وتقول مصادر دبلوماسية إن المفوضية الأممية ستقترح على الدول خلال اجتماع لوكسمبورغ زيادة الحصص لاستقبال اللاجئين بين جميع أعضاء الاتحاد من أجل إيواء 120 ألف شخص.

لكن هناك دول في الاتحاد ترفض هذه الفكرة. وكانت هنغاريا قد أعلنت على لسان رئيس وزرائها فيكتور أوربان رفضها لفكرة الحصص، مؤكدة أن أولويتها تتمثل في حماية حدودها، وذلك مع تزايد تدفق اللاجئين الذين يدخلون أراضيها من صربيا غير العضو في الاتحاد الأوروبي.

وقال وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني أمس إنه يتعين على أوروبا إعادة كتابة قواعد اللجوء إذا أرادت الحفاظ على حرية التنقل فيما تواجه القارة مصاعب التعامل مع وصول مئات الآلاف من المهاجرين.

وفي تصريحات أدلى بها في مؤتمر اقتصادي بمدينة تشيرنوبيو بشمال إيطاليا قال جنتيلوني إن قواعد اللجوء يجب أن تتغير للحفاظ على منطقة «شنغن» الأوروبية.

وقال: «إذا لم نتفاوض من جديد على لائحة دبلن وحقيقة أن الشخص يدخل أوروبا وليس دولة بعينها فستنتهي بنا الحال إلى إعادة التفاوض على شنغن وقواعد حرية التنقل وستكون هذه هزيمة للساسة في أوروبا».

وتلزم لائحة «دبلن» الخاصة باللجوء طالبي اللجوء إلى أوروبا بطلب اللجوء في أول دولة أوروبية يصلون إليها مما يضغط على دول مثل إيطاليا التي يصل إليها الكثيرون عن طريق البحر وكذلك المجر التي يصل إليها المهاجرون براً.

إلى ذلك، ضاعفت الحكومة الفنلندية إلى المثلين تقديراتها لعدد طالبي اللجوء إلى البلاد هذا العام إلى نحو 30 ألف شخص بعد تدفق اللاجئين في غضون الأيام القليلة الماضية.

ورفعت الحكومة قبل أسبوعين تقديراتها إلى 15 ألفاً مقارنة مع 3600 العام الماضي، مشيرة إلى أنه خلال الأسبوع الحالي وصل الكثير من طالبي اللجوء آتين من السويد.

من جهة أخرى، قالت صربيا أمس إنها مستعدة لبحث استقبال حصة من المهاجرين لتشارك الاتحاد الأوروبي الذي تريد الانضمام إليه في هذا العبء.

وقال وزير الداخلية نيبوشيا ستيفانوفيتش إن صربيا «مستعدة للحديث عن استقبال حصة من المهاجرين ضمن خطة موقتة للدول أعضاء الاتحاد الأوروبي». وأضاف: «بصفتنا دولة تريد الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي فإن هذا وقت مناسب لإظهار استعدادنا لتلك المهمة».

وعبر ستيفانوفيتش عن قلقه من تداعيات الإجراءات التي تعتزم المجر اتخاذها لإغلاق حدودها أمام المهاجرين الذين يعبرون من صربيا اعتباراً من 15 أيلول، وقال: «هذا لا يفيد في وقف المهاجرين»، مضيفاً أن «المسألة الوحيدة هي كيفية تعاملنا مع ذلك وكيف نستعد لاستقبالهم المهاجرين ».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى