حزب الله مع الحراك

حسين حمّود

بعيداً من نظرية المؤامرة حول الحراك المطلبي الشعبي الذي يشهده لبنان، انطلاقاً من بيروت إلى عدد كبير من المناطق تحت شعار أساسي، هو مكافحة الفساد من باب أزمة النفايات، وبالرغم من ضمّ حزب الله إلى لائحة الفاسدين، فإنّ الحزب يؤيد الحراك ويشجعه لأسباب وطنية واجتماعية منها:

1 ـ إنّ المطالب التي يرفعها الحراك هي نفسها التي ينادي بها الحزب سواء في حلقات النقاش الداخلية أو في أدبياته وبياناته وتصريحات مسؤوليه، فهو يلحّ على انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن لكن بمواصفات محددة ويحذّر من الفراغ. كما يشدّد على زيادة إنتاجية الحكومة وتفعيل التشريع في المجلس النيابي لإقرار المشاريع التي تعنى بالشؤون الحياتية للمواطنين. كذلك فإنّ مطالبته دائماً بالدولة العادلة والقوية من كلّ النواحي وبكلّ عناصر القوة التي تجعل لبنان قادراً على مواجهة كلّ المشاريع، داخلية أو خارجية، والتي تهدف إلى استضعافه ورهنه سياسياً واقتصادياً للخارج أو لفريق سياسي لبناني بمفرده.

2 ـ وانسجاماً مع السبب الآنف، فإنّ الحراك الشعبي أظهر وعياً للمشكلات البنيوية التي يعاني منها النظام اللبناني، وهذا الأمر مرشح للتطوير مستقبلاً باتجاه فرز القوى التي تعمل حقاً من أجل إصلاح بنية النظام وتلك التي تعيق هذا الهدف.

3 ـ إنّ الحراك الذي وصف بأنه «عابر للطوائف» نجح في شدّ المجتمع اللبناني إلى نفسه والتحامه مع أجزائه، مع ما يعني ذلك من قوة مجتمعية صلبة تصبّ في إطار تعزيز قوة المقاومة التي تحتاج إلى حاضنة اجتماعية قوية، في مواجهة مشاريع الوصاية على لبنان. وهذا ما يعكسه رفض معظم الناشطين دعوة مساعد الأمين العام للأمم المتحدة جيفري فيلتمان مجلس الأمن إلى اجتماع للبحث في مسألة الحراك الشعبي، وهو ما اعتبره الناشطون تدخلاً سافراً في الشؤون اللبنانية.

4 ـ الأهمّ من كلّ ذلك، هو أنّ الحراك جاء في ذروة الاشتباك السياسي الطائفي والمذهبي، فكان من حسنات هذا الحراك إبقاف هذا الاشتباك الذي أضرّ بالمصلحة الوطنية وسط الظروف التي تمرّ بها المنطقة، وصرف الانتباه إلى قضايا وطنية ومعيشية واقتصادية وسياسية، كما يفترض أن يكون وأن يتلاقى اللبنانيون جميعاً لمعالجتها وإيجاد الحلول لها.

هذا ما يقوله مقرّبون من حزب الله حول الحراك الشعبي على عكس ما يشيعه البعض عن موقف الحزب في هذا الشأن، إلا أنّ الأخير يتحفظ على تعميم الناشطين في موضوع الفساد واتهام كلّ الطبقة السياسية بهذه الآفة التي بدأت بحسب المصادر، منذ ما قبل مشاركة الحزب في السلطة، إذ خلال تلك الفترة كان التركيز على تحرير الأرض اللبنانية المحتلة من قبل العدو «الإسرائيلي» مقدّماً قوافل الشهداء في سبيل هذا الهدف. وحتى بعد دخوله «جنة السلطة» كان زاهداً بالوزارات والحقائب، متكتفياً بما يعطى له حتى وإنْ كان ممثله في وزارة لا فاعلية لها ولا حتى مكتب يداوم فيه الوزير.

لذا، وحتى لا تضيع البوصلة، تضيف المصادر، يدعو الحزب الناشطين ضدّ الفساد إلى البدء من نقطة محدّدة ليتوسّعوا بعدها في التحقيق لمعرفة كلّ مكامنه الأصلية والمتشعّبة عنه، وهذه النقطة معروفة ويشكو منها الجميع وهي شركة «سوليدير»، حتى تبدأ بالفعل عملية الإصلاح الشامل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى