ورشة عمل متخصِّصة للاتحاد العمالي: العدالة الاجتماعية غير موجودة في لبنان
تابعت ورشة العمل المتخصّصة التي يقيمها الاتحاد العمالي العام بالتعاون مع منظمة العمل الدولية جلساتها أمس، حيث عقدت الجلسة الأولى برئاسة رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي روجيه نسناس، والتي تحدث فيها كلّ من عبد الحليم فضل الله وأنطوان واكيم تحت عنوان «الضرورات الوطنية والاقتصادية والاجتماعية لقانون التقاعد والحماية الاجتماعية».
وأشار فضل الله إلى «الفجوة العميقة وانفصال تام بين التشريعات القائمة في لبنان وبين الواقع الاقتصادي والاجتماعي»، مؤكداً «وهم الفصل بين السياسي والاقتصادي وعلى الترابط بين السياسة والاقتصاد وأنّ التقاعد والحماية الاجتماعية كسلعة مستحقة هو جزء من تشريع لا يجب أن يخضع للصراع والتنافس بل لإقرار تشريع اجتماعي وإصلاح للنظام الضريبي ولا تغطية صحية».
ثم تحدث أنطوان واكيم مشدّداً على أن «يكون موضوع التقاعد على رأس أول جلسة للمجلس النيابي وإلا يجب أن تقطع الرواتب عن النواب حتى يحلوا هذا الأمر».
وترأس رئيس لجنة الصحة العامة والعمل والشؤون الاجتماعية النيابية النائب عاطف مجدلاني الجلسة الثانية بعنوان «موقع نظام التقاعد والحماية الاجتماعية في استقرار العلاقة بين أطراف الإنتاج» والتي تحدث فيها رفيق سلامة وفادي الجميل والصحافي عدنان الحاج.
وأشار مجدلاني إلى أنّ «العدالة الاجتماعية غير موجودة في لبنان»، وصنف التغطية الصحية في لبنان أربع فئات: المنتسبون للضمان، المقتدرون على التأمين بكلفة عالية، المضمونون خاصة في الضمان الاجتماعي من الأسلاك الأمنية والعسكرية وموظفي الدولة، وزارة الصحة لغير المشمولين بأي ضمان. وأكد «أهمية سدّ العديد من الثغرات في هذا التقييم»، لافتاً إلى «أنّ المشروع الجدي للتقاعد طرح منذ العام 2004 لكنّ المشكلة تتوقف على أي إدارة للصندوق ـ مستقلة أم الإدارة القائمة في الصندوق»؟
وطرح سلامة مسألة الحاجة إلى ثلاثة شروط لتحقيق المشروع: الخارطة التقنية، الأهداف المرجوة والإرادة السياسية.
وعرض لواقع تصفية تعويض نهاية الخدمة مشيراً إلى أنه «تم تصفية تعويضات 20 ألف أجير، 4 آلاف فقط منهم عند نهاية الخدمة، والباقي ترك عمل مبكر أي ما يشكل 62 في المئة بمتوسط تعويض حوالى 9 ملايين ليرة لبنانية فقط وتساءل عن مصير المبالغ المتعلقة بغرامات التأخير أو تلك الناتجة عن تخفيض نسبة التعويض عن الـ 100 في المئة وأين تذهب وهي تقدر بملياري دولار أميركي».
وأشار الجميل، من جهته، إلى أنّ «لدينا موارد بشرية ومالية كبيرة لا حدود لها ولكن ليس لدينا نمو وعندنا بطالة تصل إلى 23 في المئة»، مشيراً إلى «دور الصناعة في قدرات الاقتصاد الوطني»، وأكد أنّ «من المعيب أن يحتاج العامل إلى المساعدة بعد سنّ الشيخوخة ويترك من دون معاش تقاعدي وضمان صحي، لذلك فإنّ الهيئات الاقتصادية أطلقت برنامجاً اقتصادياً واجتماعياً من دون انتظار حلّ لمشكلات المنطقة وأنّ علينا البدء بإصلاح إداري شامل وتحسين أوضاع الضمان الاجتماعي وأننا فريق واحد ويستطيع التوصل إلى أفكار مشتركة».
وانتقد الصحافي عدنان الحاج «وجود أنظمة مختلفة في بلد واحد للضمان والتقاعد»، مؤكداً أنّ «80 في المئة أصبحوا كاليتامى بعد ترك العمل من دون أي حماية اجتماعية مع تعويض نهاية خدمة يتراوح بين 40 مليون و 100 مليون ليرة في حده الأقصى لمن عمل لسن الـ 64 وفوق العشرين عاماً»، وأشار الحاج إلى أنه «رافق المشاريع التي طرحت وكانت الخلافات دائماً تتركز حول من يدير المشروع ما وهي نسب الاشتراكات وما هو مصير مبالغ التسوية، وخصوصاً أنّ هذه المبالغ تصل إلى 60 في المئة من مستحقات موجودة عند أصحاب العمل وأنّ العمال المكتومين لم تطرح أي مشاريع تشملهم وأن 40 في المئة من العمال غير نظاميين وهم من دون أية حماية».
وأكد أنّ «الدولة القوية تحتاج إلى حركة نقابية قوية»، وتساءل عن «سبب حصرها بسندات خزينة وليس بمشاريع مثل القروض السكنية».
وترأس رئيس الاتحاد غسان غصن تحت عنوان «رؤية منظمة العمل الدولية لمشروع قانون التقاعد والحماية الاجتماعية في لبنان مقارنة بالبلدان المشابهة» الجلسة الأخيرة التي تحدث فيها مدير عام الضمان الاجتماعي الدكتور محمد كركي والمستشارة الإقليمية للضمان في منظمة العمل الدولية أوروسلا كولكي.
وتناول غصن نظام التقاعد والحماية الاجتماعية وفقا لاعتبارين: «الاعتبار الأول وهو إقرار قانون تأمين التغطية الصحية للمضمون مدى الحياة أي بعد التقاعد وبلوغه السن القانوني وهو أمر جرى الاتفاق عليه بين أصحاب العمل والعمال والدولة والاعتبار الثاني هو تأمين معاش للتقاعد والعجز وهو موضوع ورشتنا هذه مستعينين بأصحاب الخبرات خاصة في منظمة العمل الدولية ومسؤولة برنامج أنظمة التقاعد السيدة أورسولا كولكي».
وعرض كركي «التحديات التي تعترض المشروع ومؤسسات الضمان الاجتماعي بشكل عام مثل: تأمين الخدمة بطريقة لائقة وتأمين استدامتها وشمول مظلة الضمان أفقياً فئات وشرائح جديدة وعامودياً زيادة التقديمات»، مشيراً إلى أنّ «الصندوق يضم 49 ألف مؤسسة و 591 ألف مضمون وحوالى مليون وثلاثماية وواحد وثمانين ألف مستفيد».
وذكر بأنّ «النظام المالي مطبق منذ 1965 ومن يومها تقدم مشاريع للتقاعد»، وشرح «طبيعة النظام القائم لنهاية الخدمة بصفته نظاماً موقتاً منذ إنشاء الصندوق». ثم تحدث عن «خصائص مشروع قانون التقاعد والحماية الاجتماعية وأهمية قدرة الاقتصاد الوطني على استيعابه مع المحافظة على الدور الرعائي للدولة»، وتحدث كذلك عن «إلزامية الداخلين الجدد واختيارية السابقين وفتح الباب تدريجياً لضمان جميع اللبنانيين المقيمين أو في الخارج».