العدوان السعودي على اليمن… هذه بعض الحقائق عن النتائج
هشام الهبيشان
مع مرور أيام الحرب العدوانية والمغامرة السعودية في اليمن «عاصفة الحزم – إعادة الأمل»، لا يمكن أن يتم الحديث عن أي نصر حققته هذه الحرب، وذلك لأسباب ومبرّرات عدة، سأقدمها في سياق حديثي هنا، لأننا بعد عملية التقييم الواقعي للأضرار والانتكاسات والخسائر التي لحقت بالجميع مشاركين أو مستهدفين من هذه الحرب، سنخلص إلى نتيجة مفادها أنّ الجميع قد خسر من نتائج وتداعيات هذه المغامرة.
إذا حللنا بوضوح طريقة تعاطي مجموع الأنظمة العربية الرسمية وبعض الأنظمة الإقليمية مع هذا الحدث وهذه الحرب العدوانية والمغامرة السعودية في اليمن، فإننا نلاحظ أنّ بعض هذه الأنظمة كان شريكاً في مراحل هذه المغامرة، وبعضها كان محايداً وبعضها اختار طريق مواجهة شبه مباشرة سياسية ومن خلف الكواليس مع أطراف العدوان على اليمن، فقد تحولت وما زالت الأرض اليمنية طيلة أكثر من 150 يوماً إلى ساحة صراع دولية ـ إقليمية ـ محلية، وعلى مستويات عدة، وكان الصراع الأكثر وضوحاً صراع محاور المنطقة والإقليم، وقد كانت المعركة على أشدها في اليمن وكانت جميع هذه المحاور تسعى ومن خلف الكواليس، إلى تصفية مشروع المحور الأخر وإجهاضه على أرض اليمن.
وفي محصلة عمل كلّ هذه المحاور وتصارع القوى على أرض اليمن، برزت مجموعة من الحقائق أمام كلّ محور من هذه المحاور، مع بداية اندفاع مسارات التصعيد الميداني، وهذه الحقائق والتي تمكن تسميتها بمجموعة الوقائع و«اللاءات» الخمسة التي لا يمكن تجاوزها من أي محور وهي كالآتي:
ـ تيقن النظام السعودي من عدم جدوى إعادة اليمن إلى النفوذ السعودي، تزامناً مع رفض معظم اليمنيين اليوم الرضوخ لإرادة النظام السعودي، وهذا ما أكد حقيقة أنّ اليمن قرّر الخروج من تحت العباءة السعودية، وهذا ما دفع النظام السعودي إلى الانتحار والسقوط بالمستنقع اليمني، في محاولة منه لاستعادة واستيعاب صدمة خروج اليمن من تحت العباءة السعودية، ومحاولة الحصول على بعض المكاسب الميدانية كورقة قوة على طاولة المفاوضات والحلول السياسية المقبلة الخاصة باليمن.
ـ لا يمكن للأنظمة العربية التي ساهمت، ولو بشكل معنوي، في توفير الغطاء وإعطاء الشرعية للنظام السعودي للقيام بهذه المقامرة والمغامرة في اليمن أن تستمر طويلاً بتوفير هذا الغطاء لأنها حينها ستكون أمام واقع جديد، فالسعودية قد تجرّهم إلى مغامرات جديدة في المنطقة، وسيكون ثمن هذه المغامرات كبيراً في المقامرات والمغامرات السعودية المقبلة.
ـ لا يمكن تخطي وتجاوز دور مصر، كشريك وراعٍ، لأي حلّ مستقبلي في اليمن لاعتبارات عدّة، ليس أولها ولا آخرها عوامل ودور الجغرافيا والديمغرافيا التي تجمع بين مصر واليمن، وإنّ بداية الحلّ ستكون في يد مصر في النهاية، وهذا ما تؤكده معظم القوى اليمنية، على رغم مشاركة مصر المحدودة في العمليات العدوانية ضدّ اليمن.
ـ لا يمكن أبداً فصل دور القوى الوطنية اليمنية أنصار الله والمؤتمر الشعبي وحلفاؤهم، أو استثناء دورهم، كشريك في الحلّ، وهناك إجماع شبه كامل في المنطقة على دور هذه القوى الوطنية ومجموعة الحركات التي تنتمي إليها تحت هذه المظلة، لتكون بمجموعها شريكاً وركناً أساسياً للحلّ.
ـ لا يمكن إنكار الدور الإيراني ـ الجزائري ـ السوري، ويضاف إليه دور بعض الكيانات العربية والنخب وقادة الرأي العرب والإقليميين الذين بمجموعهم قاموا بإسناد ودعم مسار الحلول السياسية الخاصة بإيقاف مسار العدوان السعودي على الأراضي اليمنية.
ختاماً، لقد كانت الأيام المئة والخمسون من الحرب السعودية على اليمن كفيلة بتحويل اليمن إلى بلد منكوب، وهذا يطرح، بدوره، سؤالاً مشروعاً ويستحق أن يطرح في هذه المرحلة، والسؤال بمضمونه العام وفي سياقه الإنساني والأخلاقي هو: من سيهب اليمن الحياة من جديد؟ هنا لا يمكن أبداً التقليل من نتائج وآثار هذه الحرب العدوانية على اليمن، اقتصادياً وسياسياً وأمنياً، والأهم من ذلك هو الملف المجتمعي، الذي هو في حاجة الآن إلى عمل مضنٍ لإعادة بناء وترميم البيت الداخلي المجتمعي اليمني، وخصوصاً بعد سلسلة التباينات والشروخ التي خلفتها المغامرة السعودية بين أبناء الوطن الواحد في اليمن.