دمشق تتحدّى بالأدب القذائف والإرهاب لتعلن استمرارية الحياة!

رانيا مشوّح

تصرّ دمشق على أن تبثّ في عوالم عشّاقها عبق الشعر والأدب على رغم محاولة الإرهاب استبدال عبق الياسمين المعربش على ذاكرة الدمشقيين، برائحة البارود والقتل العبثيّ. تتحدى دمشق قذائف الهاون بالشعر، وتمضي في نشاطها الثقافي.

«البناء» رصدت أمسية أدبية في المركز الثقافي العربي في المزّة، إذ قدّمت الأديبة رزان عويرة مجموعة من القصص القصيرة، فيما داعبت الشاعرة سحر أحمد الحارة مشاعر الحاضرين بمجموعة من القصائد من وحي الواقع.

وعن دور المثقفين في ظل الاستهداف الإرهابي الممنهج للعقول قالت الحارة: بعيداً عن «الهوكيين» المرتزقة ، فإن حتمية مستقبل النصّ الأدبي كما قال الشاعر والمفكّر العربي أحمد أسعد الحارة، أن الكلمة والقصيدة طريق العودة إلى الأمام. الثقافة لا ماضي لها ولا حاضر، ولا مستقبل يمكن أن يجزّئ بينها. فهي سلسلة متواصلة من جهة، وهي انعكاس لحضارات الشعوب وانصهارها في العصر. ولعل ما حصل لبعض الإعلاميين والمثقفين في هذه الأزمة الراهنة وما سبقها من أزمات، من خطف وقتل وتعذيب، يبيّن لنا أهمية الدور الذي كانوا يقومون به وأهمية الدور الذي يتابع المثقفون الآن مسيرته.

وعن إقامة الاحتفالات والأمسيات الأدبية في دمشق على رغم الظروف الراهنة، والتحدي الكبير الذي تواجهه قالت عويرة: على رغم هذه الظروف، ثمة حلم وأمل يجب أن نحيا بهما. وعلى كلّ شخص سوري مسؤولية كبيرة للنجاح والإبداع كلّ في مجاله، لنخرج من هذا الجوّ الأسود إلى بياض نرسمه للغد لنصنع مستقبلاً جميلاً جداً لسورية وشعبها الأبيّ .

أما عن الدور الذي تحمله الكلمة من أجل التصدّي للإرهاب الفكري، فقالت الحارة: لا يزال الكلمة دورها الحيوي في التصدّي لأيّ حركة مضادّة. فكيف بالنسبة إلى الإرهاب؟ لأن الكلمة ذات رسالة، وبها نستطيع أن نخلّص الدين السماوي أيّا كان، من الدين الضرّار، ونستطيع أن نخلّص العروبة من أعرابها الخونة الذين يسعون جاهدين إلى إبادة سائر الطوائف والأطياف وتهجيرها، بحيث لا يبقى إلا الصهيونية والمتصهينون هنا وهنالك. إنّ هذه الأزمة أظهرت أن أخطر مظهر من مظاهر الإرهاب، إرهاب الكلمة واعتقال الفكر ومنع حرية الرأي، وسرقة العقول، لذلك من البديهي أن نقاوم إرهاب الكلمة لحضارة الكلمة وثقافة الكلمة وإنسانية الكلمة. فالإرهاب الفكري الذي يمارسونه سواء كان تكفيراً أو إقصاءَ أو إلغاءَ للطرف الآخر، لا يكفي أن يجابَه بالسلاح والبندقية، ولا بدّ أن تشترك الكلمة في هذه المجابهة لأن الأزمة الحرب الآن هي أزمة وعي .

وفي السياق ذاته، قالت عويرة: أعتقد أن الحرب نفسها تعطي فرصةً للأدباء والمثقّفين، وتمنحهم خبرة أكبر، وتمنح أعمالهم الأدبية الرسوخ بسبب الخبرات التي سيكتسبونها. وهذا ما يسمّى بالألم العبقري الذي يولّد أدباء أقوياء، فمن رحم الألم سيخرج أدب مؤثر ومبدع.

وعن ظروف العمل الثقافي قال محمد وسوف رئيس المركز الثقافي العربي في المزّة: النشاطات تعبّر عن استمرار الحياة في سورية. وتمثّل دليلاً على أنّ الإنسان السوري ما زال صامداً ومقاوماً. وهناك أشخاص ما زالوا يعبّرون عن استمرارية الحياة كالأدباء والشعراء والمثقفين في ظل هذا المحيط الدامي والموت و الدمار.

وأضاف: دورنا كمثقفين توطيد الأمل في الحياة وإعادة بناء الإنسان وإثبات وجودية المواطن السوري الحيّ من الداخل مهما جرى. كما أن المثقّف هو من دعائم الحياة حتى في أسوأ الظروف.

وعن الاستهداف المرهق للثقافة والمثقفين عن طريق اغتيال العقول المفكّرة قال وسوف: دور القلم كدور البندقية في المواجهة. ومؤخّراً، لاحظنا ما حصل للدكتور خالد الأسعد الباقي كآثار تدمر. لذلك من يهدم التاريخ يخشى المثقف والمفكّر لكي يكمل ممارساته في اغتيال تاريخ سورية وحضارتها، والمنطقة كلها في حرب تهدف إلى إبادة الإنسان والمجتمع والتاريخ والحضارة وكل ما هو جميل، لكن رسالتنا الموجهة إلى العالم مفادها أننا سنبقى وسنبني وسنعود .

وعن نشاطها الثقافي قالت الحارة: أستعدّ لطبع ديوان وكتاب عن الأدب قريباً، وعلى رغم صعوبة الواقع، أنا مستمرة بالمشاركة في المشهد الأدبي. هذه المشاركة التي تعود لسنوات بين منتدى الإبداع في حمص، ومهرجانات أدبية في اللاذقية ودمشق. وكانت لي مشاركات عدّة في الدوريات الأدبية منذ التسعينات عبر الصحف: «العروبة» و«الثورة» و«الثقافة الأسبوعية» و«الوحدة» و«الحياة» و«البناء».

بدورها، تحدثت عويرة عن بداياتها قائلة: بدأت كهاوية وكتبت يومياتي في قصص خاصة وبتشجيع من الأدباء وبعض أعضاء اتحاد الكتّاب العرب الذين لمسوا موهبتي الأدبية. شاركت عام 2005 في مسابقة فرع دمشق للأدباء العرب وكانت المفاجئة بحصولي على المركز الخامس. و شاركت في مسابقات ربيع الأدب التابعة لوزارة الثقافة، وذلك عامَي 2006 و2007، و حصلت على الجائزة الأولى عام 2006 على مستوى سورية، وعلى جائزة أفضل مشاركة عام 2007. أما الآن، فأنا بصدد إصدار مجموعتي القصصية الأولى .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى