تلاعب بالتقارير الاستخبارية لتغطية سياسة الاحتواء لا القضاء على «داعش»

لا ينقطع سيل القضايا المحرجة للسياسة الاميركية بالرغم من مشارفة العطلة الصيفية على الانتهاء، يجري استغلالها لاعتبارات سياسية بالطبع.

ابرزها كانت تلاعب المشرفين على إنتاج التقارير الاستخبارية بمضمونها، ومن ثم بتوجيه القرار السياسي في نهاية المطاف. سيستعرض قسم التحليل ما يتمّ تداوله من «تدخل قادة القيادة المركزية تعديل استنتاجاتهم في ما يخص التقارير الميدانية حول تنظيم داعش»، وطبع استراتيجية الرئيس اوباما بالنجاح وتحقيق الانجازات.

عشية زيارة العاهل السعودي أشار مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الى التحديات التي يواجهها الرئيس اوباما، وهي «تحديات جادة تشمل جملة قضايا وتعدّ حيوية بالنسبة للسعوديين». واوضح ان «الحملة الاميركية» ضد داعش تتعثر بل ان «تأثيرها الاستراتيجي للحظة يقتصر على الحفاظ على الوضع الراهن، وكذلك جهود الولايات المتحدة لإنشاء وتدريب قوات مما يسمّى «المعارضة السورية المعتدلة» بدأت تنهار وتقترب من المهزلة». واردف انه ليس من الواضح في الوقت الراهن «آلية تعامل الولايات المتحدة مع أكراد سورية، وهل هي في علاقة شراكة مع تركيا ام يجري استغلالها من قبل الرئيس اردوغان».

اعتبر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى انّ محور المحادثات الاميركية السعودية سيكون الموضوع الاقتصادي، لا سيما أنّ «زيارة الملك سلمان تتزامن مع انعقاد مؤتمر اميركي سعودي للاستثمار، ومن المتوقع ان يضمّ الوفد المرافق له شخصيات رفيعة مختصة بالشؤون المالية والاقتصادية». واوضح انّ الأوساط الاميركية قلقة لتداعيات انخفاض اسعار النفط على المداولات التجارية مع السعودية. واضاف انه نتيجة لتقلص مدخول النفط «اضطرت السعودية لتقليص الميزانيات وإبطاء تنفيذ أعمال الإنشاءات لبعض المشاريع التي بدأ العمل بها في عهد الملك الراحل عبد الله، والتقليص أصاب قطاع المشتريات الدفاعية ايضا». ووجه انتقاده إلى سياسة السعودية في زيادة انتاجها من النفط والتأثير على رفع الأسعار، بل على العكس يبدو انّ الجانب السعودي اضحى مرناً امام تخفيض اضافي في أسعار النفط».

لبنان

في تناوله للتظاهرات والاحتجاجات الشعبية في لبنان، اكد معهد كارنيغي انّ رسالتها أبعد من نطاق شعاراتها الناجمة عن إخفاق الحكومة في معالجة النفايات المتراكمة منذ زمن، ولها اعتبارات سياسية في الدرجة الأولى خاصة «للفراغ السياسي وغياب رئيس، وتمديد مجلس النواب ولايته مرتين تلقائياً». واضاف ان السلطات الرئاسية أضحت صلاحيات يمارسها مجلس الوزراء وأفضت الى اعتبار كافة اعضائه 24 وزيراً ، كل له حق الفيتو على كافة القرارات». وعليه، اصبحت البلاد محكومة «بالشلل على كافة الصعد».

جيش الاحتلال «الإسرائيلي»

سلّط معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى جهوده لإبراز «التغييرات المتعدّدة التي طرأت على المشهد الاستراتيجي في إسرائيل: التطرف، والعنف، ومجموعات مدججة بالسلاح استطاعت استبدال الدور المنوط بجيوش الدول المجاورة، والتي بمجموعها ارتفعت الى منزلة التهديد العسكري الرئيس لإسرائيل، باستطاعتها استهداف مراكز التجمعات السكنية والمرافق الاستراتيجية الحيوية بطاقة نارية قوية». واضاف ان ذلك التهديد «يتنامى باستمرار لناحية حجمه وسرعة حركته ومداه ودقته وحجم الرؤوس المتفجرة ، والبقاء على قيد الحياة». كما اعرب عن عميق القلق الذي ينتاب المؤسسة العسكرية من امكانية «تقويض قدراتها الهجومية في البر والجو والبحر، وحرمانها من فعالية جهودها الحربية» نتيجة تعاظم الطاقات العسكرية المتطورة لدى الخصوم. كذلك اضاف الى جملة عوامل القلق «نشاطات مكثفة لحفر الانفاق». كما اشار المعهد الى «تآكل مكانة اسرائيل سياسياً في الغرب في السنوات الماضية».

تركيا

اعتبر معهد كاتو انضمام تركيا للجهود الأميركية في الحرب ضد داعش خطأً «وقرار غير حصيف»، في هذه المرحلة المتأخرة من مواجهة تمدّد داعش، وانقضاء فترة زمنية طويلة «تحمّلت فيها الولايات المتحدة العبء الأكبر لجهود التصدي». وأشار بوضوح الى تباين رؤى الطرفين، الاميركي والتركي، خاصة في الأولويات بعد بروز العامل الكردي وفعاليته في محاربة داعش، بالنسبة لواشنطن، وخشية انقرة من تنامي دور الاكراد ومن ثم مكانة وهيبة حزب العمال الكردستاني. واردف انه كان يتعيّن على الادارة الاميركية «الضغط على تركيا لتأمين حدودها الجنوبية والإقلاع عن هدفها بإنشاء منطقة عازلة خالية من الأكراد في شمالي سورية». واضاف انه يتعيّن على الإدارة الحدّ من انخراط الدول الحليفة في «جهود مكافحة التهديدات التي تواجه الأمن الدولي نيابة عن واشنطن، لا سيما أن اهداف اولئك لا تتسق مع المصالح الاميركية في كافة الاوقات».

ايران

ناشد مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية صناع القرار الى الإقلاع عن «الانشغال بقرار الكونغرس المرتقب حول الاتفاق» النووي مع ايران، والعمل أبعد منه «وتركيز الجهود للنظر في آليات تطبيق الاتفاق» عوضاً عن ذلك. وحث صناع القرار على «توثيق الجهود مع حكومات الدول الحليفة وتيقنها من انّ الاتفاق سيعزز اوضاعها الأمنية وليس العكس». واوضح انّ التوجه المطلوب يستدعي «إعادة النظر بتحالفاتنا الأمنية مع دول الخليج، والسعي لإنضاج افضل الظروف للتعاون مع تركيا، بل الأهمّ نزع فتيل الأزمة الحادّة بين إسرائيل والولايات المتحدة».

باكستان

حث مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية باكستان على «مراجعة اهدافها الكامنة وراء برنامجها النووي، لا سيما وهي في وضع تنافسي أفضل، واحياناً تتفوّق على الهند. لديها اربع مفاعلات لانتاج اليورانيوم مقابل مفاعل أوحد للهند باستطاعتها انتاج 20 رأس نووي سنوياً مقابل نحو 5 رؤوس مماثلة للهند». واضاف انّ الهند تتفوّق على جارتها في «المواد الانشطارية وإنتاج الرؤوس الحربية لو أرادت ولوج ذالك الطريق، وقابلتها باكستان بالاستثمار في مجمع إنتاج ضخم للاسلحة النووية». وحذر باكستان من استمرار جهودها لتصعيد السباق النووي اذ انه محكوم عليها «بالفشل المسبق، ناهيك عن قدرتها توسيع البنية التحتية الراهنة، وينبغي عليها ان تدرك انه ليس بوسع اسلحتها النووية معالجة تحدياتها الداخلية».

«العرب يتطلعون شرقاً»

نبّه صندوق مارشال الالماني صناع القرار الى تداعيات إخفاق السياسة الاميركية في الشرق الاوسط، مما أسفر عن «بدء التوجه شرقا نحو آسيا، لا سيما دول محورية مثل تركيا وآخرين في حوض البحر المتوسط». واوضح انّ «النفوذ الاميركي الصاخب في المنطقة» سابقاً شكل حائلاً دون دخول الدول الآسيوية بقوة، بينما نجد تنامي استثمارات للصين واليابان والهند في الوقت الراهن، واضحى «حوض المتوسط اقرب الى آسيا للتنافس على احتياطاته من مصادر الطاقة، في ظلّ بروز استقلال ذاتي للطاقة في الولايات المتحدة».

الاستخبارات امتداد للسياسة بوسائل قذرة

استدارت واشنطن ودوائرها السياسية الى داخل مركز صنع القرار عقب «اكتشاف» تطويع مضمون واستنتاجات تقارير استخبارية، عسكرية الطابع، تصبّ في خدمة توجه الإدارة الاميركية الراهن بأنّ غاراتها الجوية ضدّ تنظيم داعش تؤتي أكلها وتمضي قدماً بتحقيق إنجازات.

صراع الأجنحة المتعددة في القرار الاميركي ليس وليد اللحظة او محصوراً برئيس معيّن، بل لأزمة رافقت كافة الرؤساء الاميركيين منذ الحرب العالمية الثانية بالتزامن مع تنامي دور «المجمع العسكري الصناعي» وأجنحته المالية والإعلامية، في صياغة القرار السياسي والاستراتيجية العامة، منذ الحرب الاميركية على فيتنام تحديدا.

تمّ الترويج لجذر الأزمة الاخيرة انه يخصّ «دقة وصوابية المعلومات الاستخبارية» لإعانة الرئيس على اتخاذ قراراته خدمة للاستراتيجية العامة، وحصر لبّ النقاش في داخل اروقة واشنطن من قبل الاطراف المعنية. واقصى ما ترمي تحقيقه ادخال بعض الإصلاحات على آليات وهيكل الاجهزة الاستخبارية، في المحصلة العامة «درءاً لمزيد من الإحراج والإرباك» للمؤسسة الحاكمة.

في هذا الصدد، وعقب توجيه الإدانات والاتهامات المباشرة للرئيس السابق جورج بوش الابن ونائبه ديك تشيني، حذرت دورية «فورين افيرز» المرموقة من التسطيح وثنائية الخيارات وتسييس المسائل «اذ انّ الخيارات الحقيقية الصلبة نجدها في تلاوين رمادية متعدّدة، واعتماد إصلاحات متسرّعة قد تضرّ اكثر ما تنفع». واضافت انه ينبغي الالتفات الى تعزيز واعلاء «المنطق السليم وسويّة التوجه وسلامة الحالة النفسية لكبار المسؤولين، بينما أسهمت الاصطفافات الحزبية في حصر الأزمة ضمن حدود مقبولة بشكل عام». عدد أيار/حزيران 2004

المرور على بديهيات موضوعية تستند الى الاعتماد الصارم على الحقائق دون سواها من اعتبارات لا يضيف جديداً، مع إدراك كلّ من يعمل بالشأن العام انّ «التقارير» تصاغ ويتمّ تطويعها لتصبّ في خدمة أهداف سياسية محددة لصانع القرار، مؤسسة او منصباً رئاسياً.

في الحالة الراهنة، تمّ تسليط الضوء، وبالتالي المسؤولية، على هيئة «القيادة المركزية» للقوات الاميركية المسلحة، كونها الجهة المخوّلة بجمع وتحليل وصياغة التقارير الميدانية الخاصة بالحرب على تنظيم داعش. واستحضر دور «المفتش العام» في وزارة الدفاع للتدقيق في تلك الآلية وتحديد المسؤولية، نظرياً، عقب تسريب أنباء تفيد بأن كبار القادة العسكريين مارسوا ضغوطاً على مرؤوسيهم للخروج باستنتاجات معينة تعطي «صورة وردية ومشجعة» للحرب الاميركية خلافاً للوقائع الملموسة بين أيديهم.

التسييس أسلوب قديم وفعّال

في الجانب التفصيلي الهامّ، صرّح العميد توماس وايدلي، رئيس أركان قيادة العمليات العسكرية، يوم 15 أيار الماضي، «انّ تنظيم داعش يعاني من خسارة وهو في موقف الدفاع». بينما أتت تصريحات المسؤولين العراقيين في اليوم عينه لتفنّد ادّعاءاته لتزامنها مع احتلال التنظيم للمجمع الحكومي الرئيس في مدينة الرمادي، وسقوط المدينة بأكملها في قبضته بعدها بيومين.

وأوضحت النشرة الالكترونية «ديلي بيست» الاعتبارات والدوافع التي أدّت لإعادة صياغة الوقائع بالقول انّ «التقارير التي اعتبرت متشائمة في ما يخصّ فعالية الحملة الاميركية، او التي شككت بالقوات العراقية المدرّبة اميركياً وقدرتها على إلحاق الهزيمة بداعش، وجدت طريقها عبر التسلسل الهرمي للقيادة بل لم يتمّ إطلاع كبار المسؤولين عليها».

واردفت نقلاً عن أطقم المحللين القول «القاعدة العامة المشتركة انّ الاستنتاجات والخلاصات المطلوبة كان ينبغي ان تسير ضمن سقف محدّد سلفاً، وعليه مارسوا رقابة ذاتية على المضمون» نظراً للضغوط المفروضة على عدم الخروج عن المألوف.

مدير وكالة الاستخبارات العسكرية السابق، مايكل فلين، وصف ما اعلن «المصطلح الذي يمكنني استخدامه هو تسييس الأجهزة الاستخباراتية، انه أمر خطير».

اشار العاملون في تلك الأجهزة إلى انّ قادة الاستخبارات في القيادة المركزية شكلوا درعاً واقياً ضدّ الضغوط الخارجية في السابق، بيد انّ الحماية المفترضة شهدت تراجعاً في السنتين الاخيرتين. «يلمس المرء إيحاءات وضغوط لبقة ومتقنة لكنها فعالة».

من نافل القول انّ ادارة الرئيس اوباما «سارعت» سابقاً في نعي وفاة تنظيم القاعدة عقب الغارة الاميركية على مقرّ اقامة أسامة بن لادن، عام 2011. واوضح العقيد السابق في الاستخبارات العسكرية، ديريك هارفي، للنشرة المذكورة، انه «بصرف النظر عن انّ القاعدة دمّرت او تمّ تهميشها، جاءتنا الأوامر بالتوقف والكفّ عن المضيّ في سياق ذلك التحليل».

ومضى هارفي في تعرية سياسة الضغوط الرسمية انه وبالاستناد الى الحقائق والملفات التي استولت عليها القوات الأميركية في تلك الغارة فانّ «صفوف التنظيم من وجهة نظرنا كانت متنوّعة واقوى بما كان يعتقد سابقاً، بصرف النظر عن تلقي بؤرته القيادية ضربة موجعة».

قبيل العدوان الأميركي واحتلاله العراق، 2003، استحدثت البنتاغون هيئة سياسية «مكتب التخطيطات الخاصة»، لتسويق العدوان وايلائه مهمة «توفير سياق مراجعة مستقل للمعلومات الاستخبارية الخام، قبل تصفيتها وتنقيحها، وتحدي استنتاجات الاجهزة الاستخبارية التقليدية». وما اسفر عنه «المكتب» هو إضفاء بعد ايديولوجي محدد على التقارير النهائية واتهم بالتلاعب بالحقائق وإرشاد القرار السياسي في اتجاه أوحد وهو شنّ الحرب بصرف النظر عن «المعلومات الغامضة» وصدقيتها في التيقن من «أسلحة الدمار الشامل».

الحقائق تدحض التقارير

بلغت قوة تنظيم داعش اوجها في شهر آب 2014، باحتلاله مناطق شاسعة ومدن رئيسة في العراق وسورية، وتكبّد خسارة نحو 9 في المئة من تلك الاراضي منذ مطلع العام الجاري، وفق احصائيات وزارة الدفاع الاميركية، كمؤشر على «نجاح» استراتيجية الغارات الجوية الاميركية.

الدوائر الاميركية تلتزم الضبابية والغموض امام تحديد أدقّ لطبيعة الخسائر المشار اليها، الأمر الذي انعكس على مضمون تقارير «القيادة المركزية » والتقديرات التي روّجتها وكالة الاستخبارات المركزية لعديد تنظيم داعش بنحو 31.500 عنصر عام 2014، بينما العدد الحقيقي بلغ أضعاف المعلن، حيث يقدر الأخصائيون بالشؤون العسكرية انّ صفوف التنظيم تفوق 100.000 عنصر مقاتل ويسيطر على مساحة واسعة من الاراضي يقطنها نحو 4 ملايين مواطن. تلك الأرقام لا تأخذ في الحسبان الميليشيات المحلية المشكلة في الأراضي المسيطر عليها.

الارقام «الرسمية» خرجت من التداول سريعاً لتتبعها تقديرات بأنّ قوة التنظيم العددية حافظت على مكانتها كما كانت عليه العام الماضي، تمكنه من الاحتفاظ بالمساحات الشاسعة والمراكز السكانية تحت سيطرته، بل شنّ هجمات متعددة.

مراجعة السياسة المتبعة

تعديل الوقائع الملموسة وتزيينها في الوسائل الإعلامية لم يعد ترفاً تستطيع الإدارة الاميركية الاستمرار به. واضطرت إلى التجاوب مع الاتهامات «بفشل سياساتها نحو داعش»، بل فشل طموحاتها بتشكيل وتدريب قوات مسلحة سورية «معتدلة» كبديل مواز للتنظيمات التكفيرية المتعدّدة هناك.

في هذا السياق، برز المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية، ديفيد بيترايوس، مطالباً باستغلال تنظيم القاعدة وما تبقى من تشكيلاته كرأس حربة في مواجهة داعش، مستنداً الى تجربته في استحداث «الصحوات» في العراق عام 2007 إخماد المقاومة العراقية ضدّ الاحتلال الاميركي، الى حين.

بيترايوس لا ينطق من هواه بل لما يمثله من مصالح وقوى داخل المؤسسة العسكرية والاستخبارية، راميا الى تصويب الجدل داخل اصطفافات الكونغرس باستمرار الدعم وتوفير ما تحتاجه القوات الاميركية من امكانيات ودعم سياسي وطرح المسألة على بساط البحث في مناخ الانتخابات الرئاسية المقبلة.

واوضحت نشرة «ديلي بيست»، سالفة الذكر، نقلاً عن مقرّبين من بيترايوس بأنه «يعمل بصمت لحث المسؤولين الاميركيين على بناء جسور تواصل مع عناصر معتدلة من «ارهابيّي النصرة» وتوكيلهم مهمة التصدي لتنظيم داعش». يساعده في ذلك تنامي حرب التصفية المتبادلة بين المجموعتين في الاراضي السورية بشكل خاص.

من المبكر لأوانه الجزم بنجاح توجه بيترايوس في الداخل الاميركي نظراً لما يمثله تنظيم القاعدة من ارهاب مسؤول عن هجمات 11 أيلول 2001، في الذاكرة الجمعية الاميركية.

الخلاصة

صراع الإرادات بين الاجهزة الاستخبارية وصناع القرار السياسي ليس وليد اللحظة بل يعود الى قدم الزمن، ويستمرّ في كافة العصور والأزمنة، في ما يخصّ النظام السياسي الأميركي وضوابطه المتعارف عليها.

في الماضي القريب، استفاق العالم على غزو المانيا النازية للاتحاد السوفياتي بناء على رغبة وإصرار هتلر بخلاف أجهزته الاستخبارية وقيادة الأركان العامة التي «اضطرت» لتوضيب سيل المعلومات لتناسب مقاسات رؤية هتلر، الذي ثبت لاحقاً حجم خطئه في تقييم قدرة الجيوش السوفياتية وعزمها على الدفاع بشراسة عن أراضي البلاد.

في الوضع الراهن، يستمرّ الرئيس أوباما وأركان إدارته بالإعلان عن فعالية «الحرب الجوية المحدودة» وإلحاقها الهزيمة بتنظيم داعش، مستنداً الى تقارير استخبارية «تمّت اعادة صياغتها» لتلائم طموحاته وآماله الأمر الذي وفر له ولحزبه الديمقراطي منصة سياسية استغلها في الانتخابات النصفية عام 2014.

من غير المرجح ان يطرأ ايّ تعديل جوهري على التوجه الراهن، في ما يخص «الحرب على الارهاب»، وإلى حين انتهاء موسم الانتخابات الرئاسية، لا سيما انّ مستقبل المرشحة الأقوى عن الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون، مرتبط عضوياً بسياسات الرئيس اوباما في الشرق الاوسط، وتسعى إلى تفادي اي انتقادات تمسّ جوهر السياسة خلال السباق الرئاسي.

في العرف الاميركي، ما تلبث انتقادات الأجهزة الاستخبارية ان تبرز حتى تتلاشى وتختفي سريعاً «لاعتبارات الأمن القومي». وعليه، من المستبعد السماح لمرشحي الرئاسة من الحزبين التطاول على المؤسسة بكافة تلاوينها، لا سيما القيادة المركزية، التي تأتمر مباشرة للبيت الأبيض. وفي هذا السياق، من غير المرجح أيضاً ان تلقى مناشدات الإصلاح آذاناً صاغية وستغرب عن الظهور سريعاً ايضاً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى