السويداء تنتصر على الفتنة وتكشف قاتل بلعوس وتسلّمه للسلطات قطر تورّط جعجع بمقاطعة الحوار فتضعه خارج التفاوض الرئاسي
كتب المحرر السياسي
تخطت سورية اللغم المتفجر الذي جرى زرعه في محافظة السويداء التي عرفت يومين من التوتر والقلق بعد تفجيرين استهدفا الشيخ وحيد بلعوس وعدداً من مناصريه ومن المدنيين، وأودى بحياة العشرات، وسارعت الجهات المرتبطة بقوى الحرب ضدّ سورية إلى توجيه الاتهام إلى أجهزة الأمن السوري بالوقوف وراء الاغتيال، ودعت إلى مهاجمة مواقع الجيش والأمن في السويداء، وفي وقت قياسي تمكن مشايخ وشباب السويداء بمعونة الأجهزة الأمنية من توقيف المطلوب وافد أبو ترابة الذي التحق بمعسكر مورك في الأردن منذ سنتين وبنى علاقة تعاون مع «جبهة النصرة» وعاد مع معارك درعا ينشط في محافظة السويداء متخفياً، حتى وقع التفجيران فتوجهت الشكوك نحوه، وبعد مطاردة شارك فيها الأهالي مع وحدات أمنية ألقي القبض على أبو ترابة الذي اعترف بجرائمه كلها أمام المشايخ وسجلت ووثقت اعترافاته واطلع عليها المراجع الكبار من مشايخ السويداء قبل تسليمه إلى السلطات المختصة التي أذاعت اعترافاته على شاشة التلفزيون السوري، لتستعيد السويداء استقرارها، وتستردّ سورية أنفاساً حبستها المخاوف من مخطط جهنمي مدروس لتفجير السويداء وأخذها إلى الفتنة.
لبنان الذي نقلت إليه مشاركة النائب وليد جنبلاط بالاتهامات للدولة السورية في اغتيال الشيخ بلعوس تداعيات الحدث، عاد إلى انشغاله بملفات الحوار والحراك، التي بدا الجديد الرئيسي على خطها الموقف المتفرّد لرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بإعلان مقاطعة الحوار، بصورة لافتة لا تتصل بالأسباب المعلنة، حيث لا يتصدّر لائحة المتحدثين عن آمال من الحوار أيّ من المشاركين فيه، كي تكون المقاطعة مشفوعة بالقول إنه لا أمل يرتجى من الوصول إلى تفاهمات، فالكلّ يقول إنّ مجرد انعقاد الحوار خير، وإنّ صورة القادة مجتمعين تنفيس للاحتقانات عدا عما يقدّمه اللقاء من فرص للسيطرة على الأحداث بمرجعية قيادية من الصف الأول في لحظة إقليمية حساسة بين الحروب وانعقاد التسويات، فجاءت زيارة جعجع إلى قطر تفسّر المقاطعة وتكشف السبب الحقيقي لها، بعدما بدا أنّ قطر الواقفة وراء تصعيد الحراك بالمؤسسات الإعلامية المدعومة منها، تريد إيصال رسالة احتجاج على استبعادها عن موائد التفاوض التي بدأت مسقط تحتلها بدلاً من الدوحة، والتي ستفتقد قطر صفة المفاوض فيها بتغييرات تستعدّ لها تركيا بعدما فقدت صفة المضيف بدخول مسقط مكانها في إدارة التفاوض حول اليمن، ويبدو أنّ قطر ستجرّ معها جعجع إلى خارج التفاوض بدلاً من أن تنجح مقاطعته في إدخالها إلى حلبته.
الاستعدادات المستمرّة لطاولة الحوار ظهر الأربعاء، تقابلها استعداداتموازية لحشد الحراك نحو ساحة النجمة مساء الأربعاء، واستعدادات القوى الأمنية ليوم أمني طويل.
رئيس الطاولة رئيس مجلس النواب نبيه بري سيدير الطاولة كما قالت مصادر مطلعة وفق معادلة أنّ مجرد انعقادها خير وخبر طيب، وإسهام في توجيه رسالة للداخل والخارج «أنّ الوضع اللبناني ليس ميؤوساً منه»، وأنّ القيادات تعرف مسؤولياتها على رغم الخلافات التي تستحكم بينها. وبالنسبة إلى التوقعات قالت المصادر إنّ البحث سيشمل كلّ شيء في جدول الأعمال، وفي الجلسة الأولى يتوقع أن تكون دورة إعلان مواقف من الأطراف ليبدأ النقاش الجدي في الجلستين الثانية والثالثة، ليستقرّ على أولوية عقد الدورة الاستثنائية لمجلس النواب وتفعيل الحكومة بالتفاهم على خطوط آلية عملها لتبدأ مرحلة من الاهتمام بالشؤون الخدماتية والمعيشية الضاغطة وفي مقدّمها أزمة النفايات.
«القوات» تقاطع الحوار
على وقع تصعيد الساحات والمواقف السياسية، تتجه الأنظار إلى التاسع من أيلول الجاري موعد التئام أولى جلسات طاولة الحوار التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، بعد أن حسمت الكتل النيابية التي تلقت دعوات إلى المشاركة في الحوار إيجاباً، مواقفها من الحضور، وأجمعت على الترحيب بمبادرة بري، باستثناء «القوات اللبنانية» التي أعلن رئيسها سمير جعجع عدم المشاركة. وأكد جعجع خلال احتفال لـ«القوات» في معراب أن «الحوار سيكون مثل الذي سبقوه، وبالتالي مضيعة للوقت»، وشدد على أننا «لن نشارك بالحوار إلا إذا انحصر جدول أعماله بانتخاب رئيس للجمهورية وأعلن حزب الله تراجعه عن مقاطعة جلسة الانتخاب».
سلام: الوضع الراهن صعب جداً جداً
وأشاد رئيس مجلس الوزراء تمام سلام بمبادرة الرئيس بري للدعوة إلى حوار وطني، واعتبرها «مسعى مشكوراً لامتصاص الصراع ومحاولة إيجاد مخارج وحلول سياسية للازمة».
ووصف سلام أمام وفد من رجال دين ووجهاء وفاعليات من عكار الحراك الشعبي في البلاد بأنه «تعبير مشروع عن غضب اللبنانيين من جراء تدهور أوضاعهم المعيشية»، لكنه نبه إلى أن «هناك من يحاول استثمار هذا الغضب الشعبي لنشر الفوضى في البلاد». محذراً من أن الوضع الراهن «صعب جداً جداً»، معتبراً أن «تمادي الخلافات السياسية، التي أدت إلى الفراغ الرئاسي والشلل التشريعي والتعطيل الحكومي لن يؤدي إلا إلى الانهيار».
وحذرت مصادر وزارية من الفلتان والحراك في الشارع الذي قد يقود إلى الفوضى في ظل وجود حكومة مشلولة لا تجتمع وخلاف سياسي بلغ حداً كبيراً.
وشددت المصادر على أن انعقاد طاولة الحوار في هذه الأوضاع الخطيرة أفضل من عدم الحوار، حيث ينتقل التناحر والخلاف والاشتباك السياسي من الشارع والتراشق الإعلامي إلى داخل الغرفة المغلقة لاحتواء المواقف التصعيدية ومحاولة إيجاد حلول للأزمات.
خطة شهيب تنتظر ضوءاً أخضر سياسياً
حكومياً بعد أن قدم وزير الزراعة أكرم شهيب خلاصة مقترحات اللجنة البيئية لمعالجة أزمة النفايات، ينتظر الرئيس سلام الضوء الأخضر السياسي من القوى السياسية للدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء لمناقشة هذه الخطة.
وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«البناء» أنه «عندما يحصل الوزير شهيب على ضوء أخضر سياسي من جميع القوى السياسية في الحكومة على خطته لمعالجة أزمة النفايات، سيدعو الرئيس سلام فوراً إلى جلسة لمجلس الوزراء لمناقشتها والموافقة عليها والشروع في تنفيذها، لأن المسألة تحتاج إلى توافق سياسي وفقاً للخطة التي قدمها شهيب والتي تستند إلى حلٍ موقت وحل على المدى المتوسط».
وشدد درباس على أن خطة شهيب منطقية وواقعية جداً، فهي نتاج اجتماعات قام بها شهيب مع ناشطين بيئيين وفريق من الخبراء التقنيين في هذا الملف، لكنها تحتاج إلى توافقٍ سياسي».
وأوضحت مصادر وزارية لـ«البناء» إلى أن خطة شهيب مقسمة إلى حلين، الأول يعتمد على توزيع النفايات على كافة المناطق اللبنانية، إذ لا يجوز أن تتحمل منطقة واحدة نفايات جميع المناطق الأخرى وهذا ما يتم بحثه الآن بصورة جدية، وعلى الأرجح نقل النفايات إلى جبل لبنان والبقاع والشمال لكن المهم أن لا تضع القوى السياسية العصي في دواليب هذه الخطة».
وأضافت المصادر: «أما القسم الثاني، هو حل طويل المدى يعتمد على عملية الفصل والحرق للنفايات أي عدم الارتهان للمطامر والاعتماد على الجانب التقني للتخلص من النفايات، إضافة إلى إعطاء دور هام للبلديات التي ستتولى الكنس واللم والرش كما سيتم الإفراج عن الأموال للبلديات في أول جلسة لمجلس الوزراء».
تظاهرة للحراك تزامناً مع جلسة الحوار
على صعيد آخر، تستعد مجموعات الحراك المدني للنزول إلى الشارع مجدداً الأربعاء بالتزامن مع جلسة الحوار العتيدة.
ودعت حملة «طلعت ريحتكم» في بيان إلى «تجمع سلمي حاشد يوم الأربعاء المقبل الساعة السادسة مساءً أمام ساحة النجمة وتختتمه الساعة السابعة والنصف بتحية للمضربين عن الطعام أمام وزارة البيئة، وذلك لمواجهة أخطبوط الفساد».
ورفضت الحملة دعوة الرئيس بري إلى الحوار التي «توحد السلطة بوجه كل المواطنين».
ونفذت حملة «بدنا نحاسب» في مدينة صور، اعتصاماً تضامنياً مع باقي الحملات المطلبية التي تشهدها المناطق اللبنانية رفضاً «للفساد والطائفية والمحاصصات»، وذلك عند الكورنيش البحري الجنوبي للمدينة.
وأكدت مصادر في حملة «بدنا نحاسب» لـ«البناء» أن «التظاهرة التي تمت الدعوة إليها، جاءت بعد تنسيق بين جميع حملات ومجموعات الحراك وتم تحضير لجان التنسيق العملية واللوجستية والإعلامية على الأرض».
وأشارت إلى أن «الشعارات العامة التي سترفع في التظاهرة هي التي تم الاتفاق عليها بين كل الحملات والتي أعلنت في البيان، لكن المجال مفتوح لكل حملة لتنادي بمطالب إضافية مرتبطة بأزمات النفايات والكهرباء والفساد».
وأضافت المصادر: «هناك مجموعات دعت إلى الاعتصام خلال اجتماع طاولة الحوار لكن لم يتم تحديد المكان والتوقيت، لكن الاتفاق حصل على التظاهرة المركزية مساء الأربعاء، ولفتت إلى أن تنسيق الجهود في إطار واحد والأجندة والقيادة الموحدة والتنوع هي الضمانة لعدم التدخل الخارجي في الحراك إن كان من قطر أو من أفرقاء داخل السلطة، كما يقطع الطريق أمام سعي جهات خارجية لاستغلال التظاهرة وأخذ البلد إلى الفوضى البناءة كما حصل في ما يسمى الربيع العربي».
وأكدت المصادر «أن الحراك ليس موجهاً ضد التيار الوطني الحر ولا إلى أي جهة سياسية داخلية، بل إلى السلطة التي تتحمل المسؤولية عن كل الأزمات، فالحراك المدني لا يفصل التيار الوطني الحر عن السلطة ولا يتكامل معه».
قاسم: لن نشارك في التظاهرات
وحذر نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم خلال اللقاء السنوي للجان العلاقات في حزب الله في المنطقة الثانية، من أن «هناك من يريد أن يزج باسم حزب الله ضمن الفساد وهم معروفون، ولكن مباشرة تبين كذب هؤلاء، ونحن قررنا أن لا نكون جزءاً من التظاهرات ولنا رؤيتنا واعتراضنا من خلال طرق أخرى نحن نراها مناسبة من أجل تحقيق مصالح الناس».
وأشار قاسم إلى «أننا نريد رئيساً للجمهورية يحمل برنامج عمل وواضحاً في آرائه ومستعداً للالتزام أمامنا وأمام الآخرين بالبرنامج الذي يلتزم به، ولا نريد رئيساً لا لون له ولا رائحة تتجاذبه الأطراف وهذا ما جعلنا نؤكد دائماً أننا نرى بالعماد ميشال عون الممثل لهذا الأمر».
تقدم جديد في الزبداني
يضيق الخناق على المسلحين أكثر فأكثر في الزبداني، مع تقدّم الجيش السوري والمقاومة ضمن سياسة القضم لعدد من الكتل المتبقية، وسط ضياع وتخبّط في صفوف المسلحين. فقد سيطرت قوات الجيش السوري والمقاومة على دوار السيلان المعروف بساحة المهرجان، وعلى محطة باصات السيلان وبعض الكتل المحيطة جنوب شرقي الزبداني. ويعتبر الدوار من النقاط الهامة لقربه من مركز المدينة ولاتصاله من الغرب بشارع الكورنيش الواصل لدوار الكورنيش وبهذا تكون تمت السيطرة على كامل شارع الكورنيش من دوار السيلان وصولاً لدوار الكورنيش.