دمشق تؤكد استعدادها للتعاون مع بغداد لمواجهة الإرهاب وموسكو تدعو الغرب لتجنب المعايير المزدوجة حول «داعش»
تلقى الرئيس السوري بشار الأسد رسالة من السيناتور الأميركي ريتشارد بلاك، سيناتور فيرجينيا بمناسبة فوزه بالانتخابات الرئاسية اعتبر فيها أن هذه الانتخابات كانت نصراً مدوياً للشعب السوري وأن العالم لا يستطيع أن يتجاهل الدعم الكاسح الذي عبر عنه السوريون المبتهجون الذين تدفقوا إلى صناديق الاقتراع للتصويت.
وأشار بلاك إلى أن الناخبين السوريين «وجهوا تقريعاً لاذعاً للجهاديين العنيفين وإلى أن الانتخابات أثبتت اشمئزاز وقرف السوريين من جز الرؤوس والإعدامات العلنية وأكل لحوم البشر وعمليات الصلب» معتبراً أنه بات من الواضح الآن «أن المؤامرات الخارجية لتقسيم سورية على أساس مذهبي قد فشلت وأن الشعب السوري اليوم يبقى موحداً».
وأضاف بلاك «أعتذر عن تعليقات وزير الخارجية الأميركي جون كيري الفظة وغير اللائقة حول الانتخابات… لا يمكن لعاقل أن يتجاهل انتخابات يختار فيها ثلاثة أرباع الناخبين مرشحاً بهامش تسعة إلى واحد… لحسن الحظ أن اختيار الرؤساء ليس من حق كيري بل من حق الشعب السوري». وأضاف: «لقد كانت بلادكم يوماً درة الاستقرار والانسجام الديني والثقافة والحضارة… ويبعث انتخابكم الأمل لأولئك الذين يحلمون باستعادة العظمة التي كانت سورية تتمتع بها»، وختم بالقول: «لا ينبغي تجاهل هذه الانتخابات… لقد كانت خطوة رئيسية نحو تحقيق السلام العالمي وعلامة على ان الوقت قد حان للاذعان لإرادة الشعب السوري ووضع حد لهذه الحرب».
وفي السياق، أوضح السفير الأميركي المطرود من دمشق، روبرت فورد، انه «لا يوجد حل عسكري للأزمة السورية بيد انه يتعين على الادارة الاميركية تزويد المعارضة السورية بالسلاح … من قذائف هاون والصواريخ لضرب المطارات وربما صواريخ ارض – جو عند توفر ضمانات معقولة».
وأضاف فورد في مقال صحافي «ان الرئيس السوري بشار الاسد لا يستطيع تخليص سورية من الجماعات الارهابية .. اذ ان الطرفين الرئيس السوري ومجموعات الجهاديين يشكلان تحدياً للمصالح الاميركية الاساسية»، مؤكداً أنه استقال من منصبه نظراً لعدم تطابق وجهة نظره مع متطلبات السياسة الخارجية الاميركية «ووجدت صعوبة متزايدة في تبرير السياسة الاميركية»، بحسب قوله. وأردف انه لا ينادي بـ «شن غارات جوية اميركية على سورية او ارسال قوات مشاة، بل ينبغي تكثيف برامج التدريب والمعونات المالية المقدمة للمعتدلين داخل المعارضة المسلحة بالتعاون من أعضاء مجموعة أصدقاء سورية … اذ ان المعتدلين حرصوا على ايضاح رفضهم لايديولوجية تنظيم القاعدة … ويحتاجون في النهاية الى محاربة القاعدة والجهاديين الاجانب …».
وأقر السفير الأميركي المطرود بأن الانتخابات الرئاسية في سورية «تشكل انتصاراً للأسد .. ومن المرجح ان يستمر النفوذ الايراني في سورية طالما بقي الاسد في منصبه»، وحذر من ان يؤدي التردد في توفير الدعم المطلوب الى «تعجيل اليوم الذي ستضطر فيه القوات الأميركية للتدخل ضد تنظيم القاعدة في سورية».
الى ذلك، عبّرت وزارة الخارجية الروسية عن قلقها الشديد مما يجري في شمال العراق ومن التطورات الخطيرة هناك، مشيرة إلى وجود دلائل على محاولات «داعش»، المجموعة الإرهابية التي تنشط في العراق وسورية، توسيع مناطق سيطرتها في الأراضي العراقية.
وتعليقاً على تصريحات من واشنطن وغيرها من العواصم الغربية حول التطورات الأخيرة في العراق، أعربت الخارجية الروسية عن أملها «بأن يعلن جميع أعضاء المجتمع الدولي رفضاً قاطعاً لا لبس فيه للإرهاب وان يتجنبوا النهج الانتهازي في تقويمه».
وأعربت الخارجية في بيانها عن أسفها من اعتماد «معايير مزدوجة في تقويم نشاطات جماعة واحدة هي «داعش» في كل من العراق وسورية»، مشيرة إلى أن «النشاط الإرهابي بات يكتسب بعداً إقليمياً على نحو متزايد، بما لذلك من تأثيرات سلبية واسعة النطاق لا يمكن تفاديها على شعوب المنطقة واقتصادات دول الشرق الأوسط، إضافة إلى تهديد وحدة أراضي دول المنطقة».
وفي السياق، قالت وزارة الخارجية السورية إن العراق يتعّرض لأعمال إرهابية في إطار مؤامرة عالمية ضد الشعبين العراقي والسوري، مشيرة إلى محافظتي نينوى وصلاح الدين حيث استولى تنظيم دولة الإسلام في العراق والشام «داعش» الإرهابي على الموصل واقترب من كركوك.
وجاء في بيان الخارجية أمس، «أن سورية تدين هذه الأعمال الإرهابية وتعبّر عن دعمها وتضامنها مع الحكومة والشعب العراقيين في التصدي للمجموعات الإرهابية»، وتؤكد أن «ما يواجهه العراق هو ذاته ما تواجهه سورية»، وأضاف: «أن سورية تطالب جميع الدول بالعمل الجاد لتجفيف منابع الإرهاب ووقف تمويل وتسليح وتدريب العناصر الإرهابية أو تسهيل مرورها إلى العراق وسورية اعتماداً على القرارات الدولية حول التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب».
كما دعت سورية مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة إلى إصدار قرارات واضحة تدين هذه الأعمال الإرهابية وإلى اتخاذ إجراءات فورية بحق الدول الداعمة لهذه المجموعات الإرهابية وإلزامها بالتوقف عن تقديم الدعم المالي والعسكري لها.
وفي شأن آخر، بحث فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري أمس، مع سيغريد كاغ رئيس البعثة المشتركة لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية والأمم المتحدة آخر المستجدات المتعلقة بالملف الكيماوي السوري والتقدم الكبير الذي تحقق في إطار تنفيذ سورية لالتزاماتها بموجب انضمامها لاتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية.
وأكد المقداد استمرار حرص سورية على التعاون البناء والتنسيق الوثيق مع البعثة المشتركة حتى الانتهاء من هذا الملف في شكل كامل، مشيراً إلى أن سورية «تعاملت بمستوى عالٍ من الشفافية مع هذا الملف وأن ما تحقق من إنجازات كبيرة في عملية تنفيذ سورية التزاماتها على رغم الظروف الأمنية الصعبة التي تمر بها هو خير دليل على ذلك»، ملمحاً إلى أن الدول الغربية «تتحمل مسؤولية أي تأخير في إغلاق هذا الملف نظراً لمواقفها المستمرة في تسييسه».
من جهتها، عبّرت كاغ عن سعادتها بما تم إنجازه وبالنجاح الكبير الذي تحقق في إطار تنفيذ سورية التزاماتها خلال هذه المرحلة، مشيرة إلى أن هذه الإنجازات «ما كان لها أن تتحقق لولا التعاون السوري الواضح مع البعثة المشتركة والجدية التي أبدتها سورية في تعاملها مع مسؤولياتها الدولية على رغم الظروف الأمنية الصعبة التي تمر بها».