أزمة اللاجئين: تطوير التدخّل العسكري في سورية

عامر نعيم الياس

فجأةً، هبَّ العالم أجمع للحديث عن اللاجئين السوريين عبر المتوسط إلى القارة الأوروبية. فالصور المؤلمة للطفل إيلان الكردي أثارت الرأي العام العالمي على مختلف مشاربه.

الصحافة الغربية لعبت دورها. حملةٌ إعلامية منسّقة هدفت شكلاً للضغط على الحكومات الأوروبية من أجل تحمّل مسؤولياتها إزاء المهاجرين الجدد عبر المتوسّط. المستشارة الألمانية، وفي غالبية التغطية الصحافية، كانت المثال الذي يحتذى به كراعية للقيم الإنسانية الكونية. فيما حاول الفرنسيون كما عادتهم الإشارة إلى تقارب في الموقف الفرنسي ـ الألماني والذي يأتي دائماً كتحصيل حاصل في إدارة لعبة التوازنات لإدارة أمور القارة الأوروبية. وعلى رغم ما سبق، إلا أن الصحف لم تخض في أسباب الهجرة وهذا المدّ االتاريخي القادم بشكلٍ خاص من ليبيا وسورية، اللتين دُمّرتا بأوامر من حلف الأطلسي. مع أن البلدين لم يشكّلا يوماً منبعاً للطامحين بالهجرة إلى القارة الأوروبية تحديداً.

الوجه الآخر للتغطية الإعلامية كان إرفاق هذا الفيض من الأنسنة حيال اللاجئين وصراع القيم داخل أوروبا، بتقارير حول زيادة حجم التدخل العسكري الغربي في سورية. فصحيفة «لوموند» الفرنسية نشرت تقريراً عن إمكانية مشاركة الحكومة الفرنسية بالغارات الدولية على سورية ضمن تحالف أوباما بعد اقتصار هذا الأمر على الطائرات العربية. قرارٌ جاء بعد طرحٍ بريطانيّ مشابه للسماح بعمل الطائرات الحربية البريطانية في الأجواء السورية. أما صحيفة «لوفيغارو» المعروفة بمواقفها الأكثر واقعية من الأزمة السورية خلال السنة الأخيرة، فقد انقلبت على مسار الدعوة إلى التعامل مع الدولة السورية، وصارت تطالب باللجوء إلى التدخل العسكري البرّي في سورية عملاً بمقولة أن الحرب لا يمكن كسبها من الجوّ، ولا بدّ من «قوات برّية على الأرض من أجل تحقيق الحسم». وكأن هذا الأمر بحاجة إلى اكتشاف بعد سنة على بدء الحرب الأميركية ضدّ «داعش» في سورية والعراق. وكان لافتاً في الصحيفة تقرير أكّد ما قاله وزير الخارجية الأميركية جون كيري قبل أيام عن احتمال مشاركة قوات على الأرض في سورية من دول الجوار في «الوقت المناسب». إذ نقلت الصحيفة عن مصادر خاصة ما سمّته «دعوة بعض الحكومات الملكية في الخليج وعلى رأسها الإمارات العربية المتّحدة لنشر قوات عربية على الأرض لمواجهة تنظيم داعش خصوصاً في العراق. إذ جاء هذا التطور العسكري بعد عجز القصف الجوّي الذي يقوم به الأميركيون وحده في القضاء على تهديد تنظيم داعش». ويمكن القول إن فرضية التدخل العسكري البرّي في سسورية على خلفية تصريح وزير الخارجية الأميركية وتوسيع التدخل الدولي الجوي في سورية، أضحت أمراً مطروحاً على طاولة بحث المحور المعادي للدولة السورية، استناداً إلى التجربة الإماراتية في اليمن. فالواضح أن واشنطن تعوّل في ضوء ما يجري على قوات من السعودية والإمارات والأردن للعمل على الأرض في أكثر من بؤرة توتر في المنطقة. هنا يبرز عدد القتلى الإماراتيين المتزايد في اليمن والصمت الدولي وحتى الإقليمي على ذلك، والاكتفاء بخوض الحرب بالوكالة على الساحة اليمنية، ومحاولات الأردن العلنية للتواصل مع القبائل في جنوب سورية وغرب العراق على قاعدة تشكيل محور سنّي في المنطقة.

تخلّى الأميركيون والغرب عن تظهير المسار الدبلوماسي في الآونة الحالية، وعاد الحديث مجدّداً عن خيارات تطوير التدخل العسكري في سورية والعراق بحجة الحرب على «داعش»، وحجة أزمة اللاجئين السوريين ومحاولة معالجتها بدءاً من المنبع بحسب تعبير أحد وزراء الحكومة البريطانية.

كاتب ومترجم سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى