اتجاه للتصعيد أم لاقتراب الربع الساعة الأخير؟
ناصر قنديل
– تشهد المسألة السورية مجموعة من التطورات المتسارعة تتصل بالتعامل الدولي معها، تطرح بتزامنها وإيقاعها مؤشرات تستدعي التساؤل عما إذا كانت تمهيداً لخطوات تأخذ الحرب إلى المزيد من الاشتعال والتصاعد أم هي مؤشرات على ترسيم للتوازنات يدلّ على الاقتراب من دخول الربع الساعة الأخير.
– التقارير المتواترة عن تدفق سلاح وقوات روسية نحو سورية، وربطها بالقلق من مخططات تستهدف تدخلاً واسعاً تركياً سعودياً نحو دمشق عبر الحدود الأردنية، ليس بالسيناريو السهل للقبول، في زمن التفاهم على الملف النووي الإيراني الذي يشكل سقفاً يمنع تصادماً أميركياً إيرانياً، بينما السيناريو المذكور يعني طبيعياً تصادماً سعودياً تركياً مع إيران ستكون الغلبة فيه لسورية وإيران وحزب الله ما لم تتدخل أميركا، وحيث لا يكون حاجة أو فرصة للتدخل الروسي، وفي المقابل روسيا تصدر توضيحات تندرج في سياق تأكيد عزمها على تشريع نوع من الحضور العسكري في سورية سلاحاً وقواعد تندرج ضمن الانتشار الاستراتيجي من جهة، وتمهّد لمفهوم ونمط جديدين للحرب على الإرهاب بعد فشل النموذج الأميركي، من جهة مقابلة، والأرجح أن تكون ساعة الانطلاق لحلف عالمي بحلة جديدة للحرب على الإرهاب، مع تخلخل نظام رجب أردوغان وحزبه في تركيا مطلع تشرين الثاني المقبل بعد الانتخابات المبكرة، وفي المقابل عندما تأتي التصريحات الأميركية التي تبدي قلقاً من التحركات الروسية ثم تطلب من اليونان منع مرور الطائرات الروسية لتمنح التقارير قدراً أعلى من المصداقية، لتقول إنّ ما بين روسيا وسورية مقبول أميركياً في المبدأ باعتبار الاتفاق قد تمّ على كون منطقة بلاد الشام حتى إيران ضمن دائرة مسؤولية روسيا لإدارة الأزمات، لكن من غير المقبول أن تتوسع روسيا في ترجمة مسؤوليتها لخلق وقائع استراتيجية جديدة فيما لا يبدو أنّ روسيا تريد الإصغاء لكلام واشنطن، فتردّ بالرفض اليوناني للطلب الأميركي وتكتفي، لتعلن أنه قدوم الربع الساعة الأخير من الحروب والاندفاعات السريعة لخلق الوقائع النهائية.
– الإثارة المتنامية لقضية اللاجئين إلى أوروبا، والتي تركز على المأساة السورية، وتتدفق معها المواقف المعلنة عن قرارات لاستيعاب اللاجئين ضمن معادلة قلق ديمغرافي وأمني واقتصادي، تفتح باب التساؤل عن الهدف، فما مرّ من جرائم ومآس على السوريين لم ترفّ جفون الغرب له وتمّ التعامل معه بالتعتيم يوم لم تكن للتعميم وظيفة، وما يبرّر الحملات المنظمة اليوم في ظلّ إقفال دول الخليج أبوابها أمام السوريين بإعلان أسباب يندى لها الجبين، من دون أن يحرك الغرب ساكناً، ما يؤكد الوظيفة السياسية للاستثمار، وهذه المرة لو كان للحرب، لكان الخليج مضيافاً لمعسكرات تستضيف كلّ المهاجرين السوريين بمن فيهم من قصد الغرب والبدء بتجنيد الشباب منهم برواتب مغرية وتجهيز قوة من الآلاف من صفوفهم لزجّها بعنوان المعارضة المعتدلة في هذه الحرب، بينما ما يجري لا يبدو إلا سبباً لفتح نقاش يُراد منه أن ينتهي أوروبياً إلى التسليم بأنّ عائد الأزمة السورية ببعدي الإرهاب والمهاجرين يبدّل في الأولويات، ويعيد تصدّر معادلة عنوانها «ليست مهمّتنا اختيار أنظمة الحكم الأفضل للشعوب عندما يكون أمننا في خطر»، وإلا كيف نتعاطى مع حكام الخليج، فلنضع أولويات أمننا القومي أولاً، ونذهب إلى أقصر الطرق في معالجتها، والحلّ هنا هو تسهيل شروط عودة الاستقرار إلى سورية وتوفير شروط عودة اللاجئين بالتالي، والمدخل معلوم، الانخراط مع الدولة السورية لضمان تفوّقها على الإرهاب من جهة وتولي بسط الاستقرار من جهة أخرى، واستيعاب العائدين من اللاجئين بدعم مالي ولوجستي أوروبي ودولي، يخفف من خطر اللجوء الديمغرافي والاقتصادي والأمني، وهذا بدء الاستعداد لدخول الربع الساعة الأخير.
– ما جرى في منطقة السويداء في سورية على رغم كلّ الهرج والمرج على قناة «العربية» وقناة «الجزيرة»، يقول إنّ ورقة «جبهة النصرة» واعتدالها وفقاً للرواية المشتركة لوليد جنبلاط وموشي يعالون قد احترقت، وإنّ ما نجح في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري بتبرئتها قد فشل هذه المرة، و«النصرة» التي تحدّث باسمها أحمد أبو عدس الذي ينكره جنبلاط هي «النصرة» التي يقول باعتدالها وهي «النصرة» ذاتها التي يمتدحها ديفيد بترايوس الرئيس السابق للاستخبارات الأميركية الذي تخلص من أبي مصعب الزرقاوي واخترع بديلاً منه تنظيم «جبهة النصرة»، وهي «النصرة» ذاتها التي تراها «إسرائيل» مؤتمنة على أمنها، ويقول أيمن الظواهري إنها الفرع الرسمي لتنظيم «القاعدة»، ويعلن أميرها له البيعة والولاء، وسقوط «النصرة» في عيون أهل السويداء يعني نهاية لكلّ هؤلاء ولنفوذهم في السويداء، وربما يعني مع اقتراب الربع الساعة الأخير أن يخرج في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان من محامي الدفاع من يطلب حق الاستماع للتحقيقات السورية في قضية اغتيال الشيخ وحيد بلعوس وربما تصل التحقيقات والمعلومات إلى كشف المستور في قضية الحريري.
– هو تصعيد ما قبل الربع الساعة الأخير، حيث مرة خلط أوراق ومرة حرق أوراق ومرة ظهور أوراق مفاجئة.