«تشيرنوبيل» النازحين يرعب أوروبا
حسين حمّود
أثارت «الهبّة العاطفية» الغربية اتجاه النازحين السوريين تساؤلات عن خلفياتها وأهدافها والأهمّ حول توقيتها، الآن وليس قبل ذلك، وتحديداً عند بدء الأحداث السورية منذ اكثر من أربع سنوات.
فالطفل إيلان الكردي الذي استدرّت مأساته المشاعر الحزينة والدموع، بعد أن لفظه البحر إلى أحد شواطئ تركيا وعجز والده عن إنقاذه من الغرق أثناء هجرة العائلة قسراً إلى أوروبا، سبقه الآلاف من الأطفال الذين شوتهم نيران الحرب التي افتعلها المعسكر الغربي بالتعاون مع دول عربية، خليجية وغير خليجية، على سورية، فضلاً عن إبادة وتشريد التنظيمات الإرهابية آلاف العائلات الأخرى ذبحاً أو تفجيراً أو حرقاً من دون أن يرفّ للغرب جفن.
ولم تقتصر الاستفاقة المتأخرة جداً على موضوع النازحين على التصريحات، بل بدأت الدول الغربية بإعداد مراسم الاستقبالات الرسمية للوافدين إليها، وتأمين منازل ومصادر رزق لهؤلاء، وحضّرت موازنات للإنفاق عليهم توازي مليارات الدولارات بعد أن كانت قلّصت منذ نحو عام تقديماتها للنازحين الذين تستضيفهم الدول المجاورة لسورية ومنها لبنان. وبالتوازي مع هذا «الكرم» خصص الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند زيارته المرتقبة إلى لبنان لتفقد النازحين إليه والذين يقدّر عددهم بحوالى مليوني نازح.
مصدر وزاري أجاب على التساؤل عن الاهتمام الغربي المستجدّ بموضوع النازحين مشيراً إلى انّ الموضوع ليس مجرد عواطف، بل لدى الغرب مبادئ ومصالح، وعندما تشتبك المبادئ والمصالح في مشكلة ما يبدأ في البحث عن حلّ لهذه المشكلة.
ووصف المصدر قضية النازحين بـ«تشيرنوبيل ديمغرافي»، لافتاً إلى انّ هذا الموضوع أثار مشكلة في المجر، كما أنّ هولندا والنرويج بدأتا تشعران بوطأة ملف النازحين، ولا سيما أنّ الرأي العام الأوروبي يضغط في اتجاه ايجاد حلّ لهذا الملف. لذا أصبح الغرب «محشوراً» في هذا المأزق وبدأ السعي لإيجاد حلّ للأزمة السورية تبعد عنه تداعيات مشكلة النزوح سياسياً واقتصادياً وأمنياً، ولا سيما أنّ الارهاب وصل إلى عقر داره في أكثر من دولة حاصداً قتلى وجرحى ومتوعّداً بالمزيد.
كما أنّ المملكة العربية السعودية أخذت تستشعر هذا الخطر أيضاً، خصوصاً أنه يتواجد على ارضها ما بين سبعمائة وثمانمائة ألف نازح من دون الإعلان عنهم وقد استقلبتهم المملكة عن طريق «جمع الشمل».
وأشار المصدر إلى أنّ الحلّ يسير على خطين: سياسي وعسكري، موضحاً أنّ التصعيد الذي نشهده في بعض الأحيان، في المواقف أو على الجبهات هو لتحسين المواقع والمطالب في المفاوضات.
وأكد المصدر أنّ لبنان سيستفيد من الاهتمام الغربي المستجدّ بالنازحين، من حيث زيادة الدعم المالي للحكومة اللبنانية التي تئنّ من الأعباء المادية التي تتكبّدها اتجاه النازحين في ظلّ الأوضاع الاقتصادية المتردّية التي يمرّ بها لبنان. وهذا الأمر يساعد، حتماً على ضبط حركة النازحين أكثر وبالتالي التخفيف من المخاطر الأمنية التي تسبّبوا بها، فضلاً عن المشاكل الاقتصادية والمعيشية التي تعاني منها المناطق التي يتواجد فيها هؤلاء، وأدّت إلى احتكاكات بينهم وبين أهالي تلك المناطق.