حجل: الحكومات لم تول الشأن الاغترابي ما يستحقه من اهتمام ولا بدّ من نظام عصري مدني يوحّد اللبنانيين في بوتقة وطنية وقومية واحدة

ألقى الرئيس الأسبق للحزب السوري القومي الاجتماعي والرئيس السابق للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم مسعد حجل محاضرة في بلدة شحور ـ صور عن علاقة الاغتراب اللبناني بلبنان وذلك بدعوة من «ملتقى أبناء شحور»، بحضور وفد من منفذية صور في الحزب السوري القومي الاجتماعي ضم ناموس المنفذية محمد زبيب وناظر الاذاعة والاعلام محمد صفي الدين، أعضاء المجلس القومي فاروق أبو جودة، د. شوقي خيرالله وباسل حلاوي، مدير مديرية القليلة د. ناصر أبو خليل وعدد من المسؤولين.

كما حضر رئيس الملتقى محمد خليل، رئيس البلدية كمال خليل، مدير ثانوية شحور عبد المجيد رشيد، مختار شحور السابق ماجد رشيد، مدير ثانوية صريفا محمد نزال، وفاعليات.

قدم للمحاضرة المحامي رفيق الحاج، مرحباً بالحضور، ثم ألقى عضو المجلس القومي فاروق أبو جودة كلمة تحدّث فيها عن العلاقة بين بلدة شحور وبين قرى وبلدات ساحل المتن الشمالي، وقصيدة من وحي المناسبة.

حجل

أما حجل فاستهلّ كلامه بالقول: لطالما تغنّى لبنان الرسمي مزهوّاً بعدد مغتربيه الذي تجاوز، حسب التقديرات، عدد مقيميه بثلاثة أضعاف، ممّا يعني أنّ هناك ما يزيد على اثني عشر مليوناً، منتشرين في دنيا الاغتراب، يتمتّعون بقدراتٍ هائلة على مختلف المستويات، إن أطّرت ونظّمت، لكان لبنان الصغير من بين الامبراطوريات المترامية الأطراف التي لا تغيب عنها الشمس.

لكنّ هؤلاء المغتربين المتروكين إلى مصائرهم والمهملين من قبل دولتهم ومسؤوليها، ذاب أكثرهم في خضمّ المجتمعات المضيفة، ولم يبق منهم سوى قلّة فعَل فيها «الإثم الكنعاني» فحافظت على ارتباطها بالوطن الذي منه كانت والذي له عليها حق الولاء وواجب التضحية والوفاء، بينما ضاع الآخرون بانصهارهم الكلّي في مجتمعاتهم الجديدة، فربحوا أنفسهم ومصالحهم وأمّنوا مستقبلهم ومستقبل أبنائهم، في حين خسروا وطنهم الأمّ وخسرتهم أمتهم الأولى.

وقال: كلّ ذلك عائد إلى علّة في الحكومة، لأنّها لم تول الشأن الاغترابي ما يستحقّه من اهتمام كما أنّ المجلس التشريعيّ، لم يسنّ القوانين العصرية الآيلة إلى احتضان المغتربين ورعايتهم كما يجب، فضعف بالتالي تأثيرهم على مجريات الأحداث العاصفة بالكيان الصغير الذي جرّته السياسات الخرقاء التي اتّبعها أولياء الأمر، معتّقدين أنّ «ضعف لبنان قوّة له» مبتعدين عن مقولة «إنّ القوّة هي القول الفصل في إثبات الحقّ القومي أو إنكاره». جرّته مكرهاً إلى واقع مأساوي مرير، ليست أوضاع النفايات إلا مثالاً مخزياً وعاراً مذلاً، يسجّل على لائحة الحكومة.

وشّدد حجل على أنّ ما يحوّله المغتربون من مساعداتٍ ماليةٍ لعائلاتهم في الوطن، يبقى الشريان الحيويّ الأوّل والأهمّ في إمداد الدولة بأوكسجين الاستمرار، ومساعدة أهلنا على الصبر والصمود والبقاء والثبات في مٌمتلكاتهم والتشبّث بأرضهم وأرزاقهم. وهذه المساعدة الآتية من الخارج، ليست مستدامةً، لأنّ «أعداءنا في ديننا وحقّنا ووطننا»، ومن يواليهم من أبعدين وأقربين، بدأوا يضيّقون الخناق على أبنائنا هناك، خصوصاً في المغتربات الأفريقية، وكذلك في دول الخليج العربي، ولنا في إبعاد عددٍ من إخوتنا في الآونة الأخيرة خير مثالٍ وتنبيه.

أضاف حجل: لقد حاول العديد من المغتربين، إنشاء مؤسّساتٍ منتجةٍ في لبنان، صناعية وزراعية وتجارية، فلم يكتب لهم أيّ فلاح أو نجاح أو توفيق في مساعيهم، فحزموا أمتعتهم وعادوا من حيث أتوا خائبين ونادمين، ومردّ ذلك عائدٌ إلى نظام بلدنا المتخلّف الذي لا يترك لأبنائه تكافؤ فرص للمضيّ نحو الأفضل والأحسن والأجمل، ممّا يدفع بشبابنا وأجيالنا المتخصّصين وحملة الشهادات العليا والمتفوّقين إلى الهجرة للعمل والإنتاج حيثما يحلّون، في وقتٍ لا يجدون في وطنهم وظيفةً تأويهم من شرّ العوز.

واعتبر أنّ واقع الأزمات المزمنة والراهنة، حلقةٌ من مسلسلها، متأتٍّ من حالات مرضيّة دائمة، عاصرت الكيان منذ نشأته الاصطناعية التي لم تنقذه من أيّة معضلة واجهته، وما أكثر معضلاته المستعصية، لأنّ مرضه في ذاته، في داخله منذ أن كان، وما المحاولات اليائسة السابقة واللاحقة، الحاليّة والآتية، إلا ذرّ رمادٍ في عيوننا، للتغاضي عن الموبقات المرتكبة على مرأى ومعرفة منّا جميعاً. وإنّ أيّ إصلاح مجتزأ، إنْ هو إلا رقعةٌ منمّقةٌ في لباس مهترئ بال.

وقال: الوحدة الوطنية لا يمكنها أن تنمو وتينع إلا بالعمل الجدّي لوحدة الحياة والنفوس على أسس صحيحة وحقيقية تصهر كلّ أبناء الأمة وطوائفها في وحدة اجتماعية شاملة، وهذه التي أعنيها، لا تتأثّر بالأحداث السياسية المتقلّبة.

ثم تحدث حجل عن الجسم الاغترابي المظلوم الذي يحمل قيمنا الحضارية، هذا الجسم النامي باضطراد، ويشكّل مصالح اقتصادية وسياسية واجتماعية لشعبنا، فإني أدعو دولتنا، بجميع أجهزتها، إلى إدراك قيمة هذه المصالح وصيانتها وتنسيقها بشكلٍ ملائم كي لا تضيع في متاهات المزايدات الطائفية المدمّرة، وكي لا يتاجر بها على هذا المنحى. وإنّ هذه المصالح، لا تثبت وتكبر وتستمرّ إلا بقدر ما تكون الدولة راقية وقوية وعادلة، ممّا يشجّع المغتربين على العودة إلى الوطن والعمل فيه، وما خلا ذلك فباطل وخدعة لا يقع المغتربون في معمياتها مجدداً.

ودعا حجل إلى الإيمان بلبنان نوراً يشعّ على الجوار، والعمل على الإتيان بنظام عصريّ مدني، يعمل على إزالة جميع الحواجز والسدود بين مختلف الشرائح، بما يسمح بالانصهار في بوتقة وطنية وقومية واحدة لنصبح بالتالي مجتمعاً عصرياً واحداً وهيئةً اجتماعيةً واحدة، وتنظيم الاقتصاد ضمن تشريعٍ عصريّ يضمن عدلاً اجتماعياً حقوقياً وعدالةً حقوقيةً اقتصادية، والاهتمام الجدّي بتسليح الجيش الوطني ليتمكّن من القيام بواجباته في الدفاع عن أرض الوطن وحدود الكيان، كوننا نؤمن «بأنّ الحقّ القومي لا يكون حقاً في معترك الأمم إلا بمقدار ما يدعمه من قوة الأمة».

وأنهى حجل محاضرته مثنياً على نشاط «ملتقى أبناء شحور» وشاكراً للقيّمين عليه هيئةً إداريةً وأعضاء، كما شكر جميع الحاضرين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى