اعتصام نهاري بالتزامن مع جلسة الحوار ومسائي مع احتفال خطابي أكد استمرار التحرك

بينما كان أركان الحوار يتوافدون إلى مبنى المجلس النيابي في ساحة النجمة، تجمع في محيطه عشرات الشبان من مجموعات الحراك المدني في تحرّك وصفه القيّمون عليه «بالرمزي»، على رغم الإجراءات الأمنية المشددة التي فصلت بين المتحاورين والمعتصمين، حيث أقفلت كل المداخل التي تؤدي إلى المجلس من قبل القوى الأمنية، بدءاً من الصيفي وصولاً إلى مداخل شارع الحمرا، وأُفرغت مواقف السيارات في المنطقة، واقتصر الدخول إلى المجلس على بعض الموظفين والصحافيين المعتمدين الذين استحصلوا على بطاقات أعدت خصيصاً لتغطية جلسة الحوار.

ووسط هذه التدابير تجمّعت الحركات الشبابية من حملة طلعت ريحتكم» و«بدنا نحاسب» وهيئة التنسيق النقابية» وحملة «بدنا وطن» منذ الصباح أمام مبنى جريدة «النهار» عند مدخل مجلس النواب قبل انعقاد الحوار.

وأقام عدد من الشبّان حاجزاً مقابل القاعدة البحرية على مدخل المجلس، ورشقوا بالبيض بعض مواكب السياسيين التي دخلت إلى المجلس وأطلقوا هتافات ضدهم، وترافق ذلك مع تدافش مع القوى الأمنية.

وعلّق بعض المعتصمين على الشريط الشائك صورة تجمع مختلف النواب تحت عنوان «عالبيت» وكتبوا على الأرض «جدار الفساد».

وبالتزامن، قطع عدد من المعتصمين الطريق البحرية في اتجاه بيروت لبضع دقائق ثم أعادوا فتحها لاحقاً.

وقبيل انتهاء جلسة الحوار، غادر المعتصمون نقطة التجمع تحت مبنى «النهار» في اتجاه المداخل البحرية في محاولة لاعتراض المواكب أثناء خروجها من المجلس.

وقبل فض الاعتصام، ألقى نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض كلمة طلب فيها من كل الشعب الحضور عند السادسة مساء لتوجيه رسالة كبيرة للجالسين في المجلس النيابي.

وتوجه إلى المتحاورين قائلاً: «أدرتم ظهركم لهيئة التنسيق النقابية وتسيئون فهم هذا الحراك المدني الكبير، وإذا أكملتم سيكبر هذا الحراك ويكبر ويكبر ويطيحكم ولا أحد يقدر أن يضبطه بأي اتجاه سيذهب. حتى اللحظة نحن قادرون مع الشباب والصبايا على ضبط هذا الحراك في شكل سلمي ديموقراطي، وإذا لم تسمعوا هذا الحراك فهو ذاهب في اتجاه لا أحد قادراً على إيقافه وسيطيح الطبقة السياسية في البلد».

وكانت كلمة لرئيس رابطة التعليم الثانوي الرسمي عبدو خاطر أكد فيها أن «الرابطة وهيئة التنسيق النقابية هما أول من رفع الصوت مطالبين بتصويب مسار السلطة ومكافحة الفساد والهدر وتفعيل المؤسسات الدستورية وأجهزة الرقابة والتفتيش والمحاسبة، وها هي الطبقة الحاكمة التي صمّت آذانها وأدارت ظهرها إلى كل المطالب وعلى رأسها سلسلة الرتب والرواتب، تنغمس بالنفايات ولم تستطع حتى الآن إيجاد حل لها».

وقال: «نحن مع الحراك الشعبي السلمي والحضاري ونتمنى أن يكبر ويتوسع ويشارك فيه جميع اللبنانيين. وعلينا حمايته وإنجاحه بكل الوسائل لأن فشله يعتبر نكبة تضاف إلى نكبات هذا الوطن».

وختم خاطر: «أن أهل الحوار هم أمام امتحان مصيري وعليهم إيجاد حلول سريعة للمشاكل الحياتية التي يعاني منها اللبنانيون أولاها مشكلة النفايات قبل هطول الأمطار وصولاً إلى تعديل وإقرار سلسلة الرتب والرواتب من خلال دورة تشريع استثنائية أو الدورة العادية ابتداء من منتصف الشهر المقبل».

الأيوبي

وفي خطوة إيجابية، من قبل القوى الأمنية في التعامل مع المتظاهرين، تحدّث قائد شرطة بيروت العميد محمد الأيوبي من خلف الشريط الشائك إلى المعتصمين، وحاول إعطاءهم المياه لكنهم رفضوا.

وتعليقاً على التحرّك، أبدى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ارتياحه لعدم وقوع حوادث في وسط بيروت أمس، آملاً في «بقاء التحرك في إطاره السلمي وضمن سقف القانون».

وأفاد حساب المشنوق على «تويتر» انه يتابع اعتصام الحراك المدني في وسط بيروت مع قيادة قوى الأمن الداخلي ويتلقى التقارير لحظة بلحظة.

وبالتزامن، واصل المعتصمون العشرة أمام مبنى اللعازرية حيث مكاتب وزارة البيئة إضرابهم عن الطعام. وأعلن الناشط أحمد مرتضى وهو كفيف انضمامه إلى المضربين عن الطعام أمام وزارة البيئة مطالباً بإقرار قانون حقوق المعوّقين.

وتعرّض أحد المضربين ويدعى أحمد أمهز إلى وعكة صحية وتم إسعافه.

احتفال مسائي وتجهيزات فنية

وعند السادسة عصراً، نفذ حشد كبير من ناشطي المجتمع المدني في مختلف المناطق، اعتصاماً في ساحة الشهداء، ألقيت خلاله عدد من الكلمات لممثلي هيئات المجتمع المدني، ومشاركين من مختلف المناطق. وقد حمل المشاركون الأعلام اللبنانية واللافتات، التي تتضمن سلسلة مطالب أبرزها: حل مشكلة النفايات، إيجاد قانون انتخابي على أساس النسبية، وقانون إيجارات عادل.

وفي بداية الاحتفال، الذي نقل عبر شاشات عملاقة، رحّبت فرح الشاعر بالمتظاهرين، ووجهت تحية إلى «العلم اللبناني المرفوع وحيداً، في هذه التظاهرة»، ومثلها إلى «المناطق التي تظاهرت».

ثم ألقت صفاء أبو فرح من منطقة البقاع كلمة، أكدت فيها «استمرار التحرك حتى تحقيق المطالب».

وألقى جهاد جنيد من طرابلس كلمة، تحدث فيها عن «جبل النفايات في المدينة ووصول البطالة إلى 70 في المئة وسقوط أكثر من 200 شهيد»، وطالب أهل مدينة طرابلس بـ«وضع أيديهم بيد بعض ضد نواب المدنية لأنهم لا يمثلوننا».

وألقت عدرا قانصو من مدينة النبطية كلمة، لفتت فيها إلى «استمرار إقفال معمل النفايات وتراكمها في الطرقات»، مؤكدة «استمرار المحاسبة»، وطالبت المسؤولين بـ«الرحيل».

ومن منطقة إقليم الخروب ألقى مازن المعوش كلمة، فقال إنه يتحدث باسم أهالي بلدته برجا، وإنهم يقفون ضد الفساد، وإن النساء مريضات بالسرطان بسبب مطمر النفايات ومن دخان شركة سبلين»، وأعلن أن «برجا ستثور، ولم تعد تقبل أن تكون تحت أمرة شخص إقطاعي».

وألقت كلمة الجبل ميرا أبو فخر الدين، فتحدثت عن «فقدان الطبابة»، متوعدة بـ«عدم السكوت»، ودعت أهالي الجبل إلى «كسر حاجز الخوف وأن يتحركوا».

وألقى أحمد يونس من صور كلمة، فقال: «من الجنوب المقاوم، أوجه تحية لكم لأنكم لبنان الحقيقي، فمثلما صمدنا وقاومنا المحتل، سنتابع لتحرير المواطن من الفساد وصولاً إلى إقامة لبنان الحر المستقل»، وتحدث عن «جبل النفايات قرب برك رأس العين»، معتبراً أنه «يشكل خطراً على المياه الجوفية وصحة الناس».

وعن منطقة عكار ألقت خنساء الزين كلمة، توجهت فيها إلى نواب المنطقة بالقول: «إن عكار ليست مزبلة، ونحن المحرومون ولستم أنتم، وأنتم لا تمثلوننا».

وألقت ريتا حايك وبديع أبو شقرا كلمة لجنة الدعم الفني، فوجها التحية للحضور مطالبين إياهم بـ«أن يبقوا حلوين».

ثم توقف المشاركون عن إلقاء الكلمات احتراماً لرفع أذان المغرب.

وأشارت عريفة الحفل إلى «تظاهرات حصلت في بلدان الاغتراب شاركت اللبنانيين هنا، في تحركهم في بيروت»، ثم تلا عدد منهم وعبر شاشات عملاقة الكلمات التي ألقوها للمناسبة.

وألقت دنيا العياش، كلمة حملة «إقفال مطمر الناعمة»، فوصفت الحضور بأنهم «عاصفة بشر نزلوا كي يقولوا نعم للدولة ولا لدولة الفساد»، وقالت: «نحن هنا من كل المناطق والمذاهب، وهذا ليس جديداً في وحدتنا، أما الأمر الجديد فهو وجودنا ضد حوارهم».

وأضافت: «استطعنا إقفال مطمر الناعمة، وهدمنا جدار العار، وكل مرة تزداد قوتنا، لذا دقوا ناقوس الخطر واجتمعوا ضدنا»، مؤكدة «وحدة المشاركين في التظاهرة ووحدة لبنان، والمشاكل التي تجمعنا في غياب الكهرباء والمياه والتعليم والصحة وفرص العمل»، لافتة إلى أن «مشاكل المسؤولين، تكمن في روائح الفساد التي تفوح منهم، وهذه مشاكل تخصهم وحدهم».

وتوجهت بالقول إلى الطبقة السياسية «نحن الشعب والطلاب وأصحاب العمل والعمال، نهضنا لاسترجاع استقلاليتنا، وكي نكون دولة ديمقراطية، وأن نتحرر من قيود المحسوبية»، مؤكدة «الاستمرار في التحرك لتحقيق المطالب كلها».

بعد الانتهاء من إلقاء الكلمات، قام المتظاهرون بدق المسامير في نعش رمزي، سمّوه «نعش النظام الطائفي»، ثم توجهوا إلى أمام مقر وزارة البيئة، للتضامن مع الشبان المضربين عن الطعام منذ 8 أيام، بعدما أنشدوا النشيد الوطني.

وتحدث باسم المضربين عن الطعام وارف سليمان، فأكد «الاستمرار في الإضراب عن الطعام حتى تحقيق المطالب، وهي استقالة وزير البيئة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى