فنانون غزّيون يبدعون الجدارية الأكبر في فلسطين

حطّم خمسون فناناً من قطاع غزّة الرقم القياسي برسم الجدارية الأكبر في فلسطين، تحمل طموح شباب فلسطين وآمالهم ومستقبلهم، في ظل المعاناة التي يعيشونها من جرّاء استمرار الحصار الصهيوني والانقسام والهجرة والبطالة وغير ذلك.

أقيمت هذه الجدارية التي تتكون من القماش والخشب على الجدار الشمالي من مقرّ وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» في مدينة غزة، بطول 100 متر وارتفاع بلغ 160 سنتمتراً، لتكسر بذلك الرقم القياسي في فلسطين، بعد رسم جدارية في الضفة المحتلة بطول 80 متراً وبمشاركة 15 فناناً.

جاءت هذه الفعالية احتفالاً باليوم العالمي للشباب لعام 2015، تحت شعار «الشباب والمشاركة المدنية»، بدعم من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونيسكو»، وبمشاركة الاتحاد العام للمراكز الثقافية في غزّة.

يستمر عرض هذه الجدارية لأربعة أيام متواصلة، فيما ستُعرَض لاحقاً في أماكن عامة ومهرجانات وطنية في غزة والضفة المحتلة.

ويؤكّد المنسق الفني للجدارية شريف سرحان أن هذه اللوحة هي الأولي من نوعها في فلسطين، بعدما رُسمت جدارية مماثلة في الضفة إنما بطول أقل 20 متراً.

ويشارك في رسم هذه الجدارية خمسون فناناً من مختلف محافظات قطاع غزّة وتبلغ أعمارهم من 18 إلى 35 سنة.

وأضاف سرحان أن هذه الجدارية جاءت لتعبير الفنانين عن قضاياهم وهمومهم اليومية من خلال الاحتفال بمناسبة يوم الشباب العالمي، ليعبروا ما في دواخلهم، وليوصلوا رسائلهم إلى المجتمع الفلسطيني بشكل فني.

تضمّ الجدارية عدّة لوحات فنية، يشارك في إعدادها فنان أو عدد من الفنانين لرسم لوحة فنية واحدة.

وأهم ما يميّز هذه الجدارية، لوحة فنية ضخمة بطول 20 متراً، أشرف على رسمها عشرة فنانين من مدينة غزّة، شملت تظاهرة شبابية تتوسّطها صرخة شاب في واقع فلسطيني مرير.

وقال المشرف على اللوحة، الفنان التشكيلي محمد الكرنز 35 سنة : نحن الشباب شاركنا في إعداد هذه اللوحة للتعبير عن آمالنا وطموحاتنا من خلال حق الشباب في الحياة والوظيفة ومطالب الحياة بشكل عام.

وأضاف: لوحتنا اليوم تضم تظاهرة شبابية رافعة الأيادي تعبّر عن صرخة الشباب المطالبين بالصوت العالي وسط واقع مرير، يريدون حياة كريمة كي لا يضطروا للهجرة خارج الوطن.

ويتابع: أنا متزوج وأعمل بدخل محدود، وأعيش وسط ظروف اقتصادية صعبة وحصار خانق يكسر طموحي. ولا أستطيع أن أوفر الحياة الكريمة لأطفالي.

وليس ببعيد عن هذه الجدارية، اجتمعت ستّ فتيات من محافظة رفح لرسم لوحة فنية أخرى، تظهر فيها أيادٍ غارقة وسط البحر، وبعض الوثائق والشهادات العلمية لشبان فلسطينيين هاجروا من وطنهم بحثاً عن الحياة.

من جانبه، قال الرسام المُشارك في الجدارية خالد عيسى، وهو من سكان وسط قطاع غزّة، إنه شارك في لوحة تحمل اسم «مخيم الفنون البصرية والثقافة» وشارك في اللوحة تسعة فنانين، وهي تهدف إلى تسليط الضوء على مشكلات الشباب ومستقبلهم وواقعهم المقبل، خصوصاً أنّ لمشكلات الشباب النصيب الكبير في الوضع الفلسطيني الراهن.

وتابع عيسى: من المفترض أن تصل لوحتنا إلى أصحاب القرار والسياسيين، لعدم وجود تمكين الشباب في قطاع غزة، إضافةً إلى طمس حقوق الشباب في فلسطين وحرّياتهم بسبب الاحتلال والانقسام الفلسطيني الذي حرق الأخضر واليابس.

على خطٍ مواز، تمنّت الفنانة المشاركة في الجدارية محاسن الخطيب أن تحقّق رسمتها هدفها المرجوّ، والتي تتحدّث عن نزع حقوق الشباب والخرّيجين ومستقبلهم المجهول، إذ تُعبّر عن مستقبل الخرّيجين وهم يرفعون شهاداتهم أمام الجامعة بعد التخرّج، خصوصاً مع ضعف سوق العمل والتوظيف في قطاع غزّة.

وتشير الفنانة التشكيلية ريهام العيماوي 22 سنة من مدينة رفح جنوب القطاع، إلى أن هذه اللوحة جاءت تعبيراً عن انسداد الأفق في غزّة، والبطالة المتفشية فيها في ظلّ ارتفاع نسبة الخرّيجين من الجامعات الفلسطينية.

وتضيف: غالبية شباب القطاع خرّيجون، ونسبة الأمية منخفضة جدّاً 3 في المئة ، ونسبة البطالة في المقابل مرتفعة جداً الأمر الذي يدفع الشباب إلى الهجرة وترك الوطن، بينما هم في طريقهم بحراً يموتون وتموت معهم أحلامهم وشهاداتهم العلمية.

من جانبه، قال يسري درويش، رئيس الاتحاد العام للمراكز الثقافية في غزّة إن هذه الفعالية الفنية تعكس موقف الشباب الفلسطيني إزاء القضايا الوطنية العامة التي تطالب برفع الحصار والتعبير عن معاناتهم من جرّاء الانقسام الفلسطيني، والمطالبة بالوحدة. إضافة إلى معاناة الضفة المحتلة بسبب الاستيطان الصهيوني المستمر بحق أراضيها.

وأضاف درويش: تكمن أهمية هذه الفعالية بضرورة مشاركة الشباب في المجتمع الفلسطيني، وأن يكون لهم دور إيجابي بالمشاركة المدنية الفعالة لإعادة الاعتبار إليهم بعيداً عن أيّ تحزّب.

ولفت درويش إلى أن الفنانين المشاركين في رسم الجدارية هم متطوّعون، مؤكّداً أن هذه الجدارية تعيد الاعتبار إلى العمل التطوّعي لدى الشباب الفلسطيني.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى