لؤي نزّال… سيمفونية نصوص صاعدة

شذى غضية

هدوء و سيجارة، شيئان كفيلان لإشعال قلم ينزف بعبير الحروف وأجملها. قلمه لا يغادر جيبه. ومخيلته المشتعلة بكل التفاصيل الحالمة غير المنسيّة، خلقت من جوفها شاعراً فلسطينياً يكتب بقلبه قبل قلمه.

لؤي نزّال، 36 سنة من مدينة جنين، شاعر وأستاذ جامعيّ، حاصل على شهادة البكالوريوس في التاريخ والعلوم السياسية من جامعة بير زيت، وماجستير شؤون سياسية عربية من الجامعة نفسها. يعمل مدرّساً في التربية والتعليم، ومحاضراً في جامعة القدس المفتوحة في جنين.

«وسالت دمعة على خدّ القمر… وعاد يبكي منهكاً من رحلة السفر»، خطّ حروفه الأولى وهو في السابعة عشرة من عمره. لم يكن ينشر ما يكتبه، إنما اكتفى بتخزينها بين طيّات دفاتره. كانت خواطر مراهِقة عن الحبّ والهجر والحزن.

انقطع نزّال عن الكتابة حوالى سبع سنوات، ثم عاد ليزهر من جديد عام 2010، كتب نصّه «إلى سلبية»، وبدأ حينذاك بنشر مخطوطاته في المواقع الإلكترونية والصحف العربية.

«نادين» وصغيرته، وجهان لديوان شعريّ وأنثى واحدة، يقول نزّال: «نادين» كان باكورة دواويني الشعرية، صدر سنة 2013 عن «دار فضاءات» في الأردن، لم يكن اختياري اسم هذا الديوان عبثاً، فهو اسم ابنتي «نادين»، وهناك قصيدة في المجموعة تحمل اسمها، لكن معظم القصائد وجدانية عدا واحدة تحمل النَّفَس الوطنيّ.

يقع الديوان في 122 صفحة من القطع المتوسط، 29 قصيدة تراوحت بين التفعيلة والكلاسيكية.

لم تكن كلّ نصوص لؤي واقعية، بل كان بعضها يميل إلى الخيال. يعقّب نزّال بقوله: هناك قصائد من الواقع، وهناك نصوص من وحي الخيال. لكن الخيال أيضاً جزء مهمّ من كلّ نصّ. ومنذ أن شرعت في الكتابة، لم أملك طقساً معيّناً حين يستملكني وحي النصّ لا أفلت منه، لأنه يقضّ مضجعي وأنا نائم إن أهملته. وكثيراً ما أُبقي بعض نصوصي تائهة من دون تتمة. فالنص يُرغِم الكاتب ولا يُرغَم، وما زالت هذه النصوص معلقة حتى الآن، بعضها تجاوز عمر ورقه السنتين، وبعضها يرجع لي رغماً عني فأكمله.

يشير نزّال إلى جزئية النصوص القريبة إلى قلبه بقوله: صعب أن أميّز بين أولادي. لكن هناك نصّاً بعنوان «فوق الكتاب حواري»، هو نوع من الفخر الذاتي بالنفس، نرجسية بشكل ما، يمسّني جدّاً.

أما عن الديوان الشعري الثاني فقد كان بعنوان «سِفر الخطايا»، صدر عن «دار موزاييك للترجمات والنشر» في الأردن عام 2014. مئة وصفحتان تحمل 54 نصّاً. منها واحد فقط وطنيّ بعنوان «إبليس»، والباقي نصوص طابعها وجدانيّ.

يقول لؤي: في البداية كان اسم المجموعة «بقايا»، وبعد نقاش مع مدير دار النشر، نوقِشَت مجموعة ضخمة من الأسماء، حتى استقريت على «سِفر الخطايا»، وكلمة الخطايا وردت في أحد النصوص، وسِفر هو الكتاب.

ويضيف: كان الغلاف عبارة عن تفاحة حمراء، والتصميم ليس لي، ولم أتدخل به مطلقاً، صمّمته مصمّمة من الأردن اسمها روزان القيسي، استوحت من خطيئة آدم التفاحة، والنصّ خلف التفاحة من كلمة سِفر. حين رأيت الغلاف ذُهلت!

عبّر الشاعر عن إعجابه اللامتناهي بشاعر المرأة نزار قباني، وبمظفّر النوّاب، وأحمد بخيت، وصديقه حسام أبو غنّام، ثم أيّ نصّ يخترق أعماقه.

لا حدود للؤي نزّال، على رغم الظروف والمعيقات، لا يجيد فنّ التنميق، ولا يسمّي نفسه شاعراً فيقول: لست أنا من يمنحني هذا اللقب، وأسعى إلى التطوّر في كلّ مرّة أكتب فيها نصّاً جديداً. قريباً، لن يكون هناك أيّ جديد حتى أخرج بنصوص أستهدف أن تكون قادرة على أن تحبب بها القارئ.

ووجّه نزّال رسالة إلى الكتّاب الصاعدين: كونوا على قدر نصوصكم ومسؤوليتكم، وارفعوا من مستوى ثقافتكم عبر القراءة بشكل كبير. يجب أن تتعلموا من أخطائكم، فما لا يميتنا يزيدنا قوّة وإصراراً، وتقبلوا النقد البنّاء بصدر رحب لأنه سيفيدكم في القادم من حياتكم الأدبية.

قصاصات من أحزان الوطن:

من قصيدة «الرواي المخمور»

ردّ الجمعُ وقالوا فوراً:

ظلٌّ لله على أرضه

في حكم الشعب له قدرةْ

يجري سحباً فوقَ أراضٍ

في علمِ الغيمِ له دورُهْ

ينبتُ أشجاراً وحقولاً

للحاكم يا راوي سِحرُهْ

معروفٌ من يوم ولدنا

لشيوخٍ حكمٌ بالفطرةْ

من خلف حجابٍ نسوتُهُ

جاريةٌ تحكم من خِدرِهْ

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى