الحرب ضدّ الإرهاب مصلحة موحدة
بلال شرارة
نحن نحتاج إلى إعادة ترتيب الأولويات العربية، ذلك لأنّ البقاء على صورة الواقع الراهن سيجعلنا ندور حول أنفسنا وسيبقى نزفنا مستمراً، وبصراحة أكثر فإنّ شلالات الدم ستبقى تنزل كالريّ المهمهم من أعالي أوطاننا إلى أسفلها من دون توقف، وبالتالي لن يستجيب أحد للمبادرات الأممية أو الإقليمية المطروحة أو المحلية لتسوية هذه الأزمة أو تلك، أو إغلاق هذا الملف أو ذلك، أو طيّ هذه المسألة أو تلك.
أزعم دائماً ولو أنّ الأمر لم يعد كذلك فلسطينياً! أنّ الأولوية العربية الأولى ستبقى القضية الفلسطينية هي لم تعد كذلك حتى فلسطينياً بسبب التناحر المصلحي بين سلطة رام الله و سلطة غزة والتناحر ليس مصطلحياً يرتبط بحرب الشعب الطويلة أو القصيرة الأمد أو إذا كانت المقاومة السياسية تسابق العسكرية أو إذا…؟
أما الأولوية العربية الثانية فهي من دون شك: الإرهاب
الإرهاب في أيّ موقع عربي لا يختلف عن الإرهاب في أيّ مكان عربي آخر إلا بالاسم أحياناً؟! أنا أزعم أنّ الإرهاب مثل القط له أسماء كثيرة ولكنه في النهاية هو نفسه، وأرى بأمّ العين وبالملمس وبالمسمع أنّ الإرهاب هو التنظيم الدولي لـ»الإخوان المسلمين» سواء كان اسمه هنا «داعش» أو «القاعدة» أو… فهذا الإرهاب جميع أسمائه تناسل من نفس الرحم.
لذلك، وقد فتك الإرهاب وقتل ودمّر وأقام دويلاته وإماراته وتجاربه الدموية على مساحات كبرى وعلى نواحٍ وجهات ومدن وأرياف في دول مختلفة، ويهدّد دولاً أخرى، فإنه لا يمكن لأنماط السلطات المختلفة أن تزعم أنّ بإمكانها في سورية مثلاً أن تتحالف مع هذه الجماعة الإرهابية المسلحة ضدّ النظام، وفي محور آخر مع جماعة أخرى، وأن تموّل بالسلاح وبالمسلحين المرتزقة أيّ بالعديد والعتاد، هذه الجماعة أو تلك في مواجهة النظام الذي يواصل الحرب ضدّ مختلف الجماعات أو ضدّ تلك الجماعات التي ما أنزل الله بها من سلطان.
على نفس السوية والقدر لا يمكن للسلطات عبر الحدود خصوصاً العربية أن «تستعمل» أو تعتقد أنها تستعمل هذه الجماعة أو تلك في مواجهة الحوثيين وأنصار الرئيس علي عبد الله صالح وعملياً ضدّ الجيش اليمني الذي ما زال صامداً منذ أشهر من الغارات.
والمسألة نفسها تطبّق على العراق إذ لا تمكن إدارة الحرب على العراق أو مثلاً المالكي واليوم حكومة العبادي بواسطة السلاح والمسلحين المموّلين عربياً والأجهزة التي أفرزت الزرقاوي وغيره.
الوقائع تثبت يوماً بعد يوم أنّ الإرهاب هو المستفيد الأول من إضاعة البوصلة ومن عدم ترتيب الأولويات العربية ومن تقديم المصالح الخاصة على مصلحة الحرب ضدّ الإرهاب.
عقدة بعض النظام العربي هي بشار الأسد الرئيس الأسد وأولوية بعض هذا النظام هي إسقاط الأسد ولو بالتحالف مع الإرهاب؟!
أما آن لهؤلاء أن يقتنعوا بعد هذه السنوات الطويلة من الحرب ضدّ النظام في سورية أنهم إنما قدّموا خدمات مجانية باتجاهين:
الأول: احتكارات السلاح الغربية التي يهمّها أن تجد أسواقاً لبيع السلاح، وهذا أمر يحتاج إلى ساحات وصراع.
الثاني: الإرهاب وهو المستفيد الأول من شحنات الأسلحة ومن التمويل ومن كلّ شيء عابر للحدود.
يا هؤلاء جميعاً، نعتقد أنه آن الأوان للرؤية بالمنظار السياسي والعسكري وهو مفتوح من جهة العينين ومن الجهة الأخرى وتبديل منظار أولمرت ووزير حربه بمنظار جديد .
آن الأوان للتصديق أنّ أحلام إسقاط النظام في سورية وكذلك في مصر والعراق واليمن وتونس واستهداف الجزائر عبر ليبيا ومحاولة إسقاط مالي والجوار المالي ونيجيريا هي كوابيس وليست أحلاماً وأنّ الدرس المستفاد من تونس درس الديمقراطية باعتبارها أصغر هذه البلدان كفيل بأن يقنع المموّلين بأنّ الناس جمهور الناس في هذا البلد أو ذاك لن يقبلوا بأن يسود الإرهاب بلدانهم.
في كلّ الحالات أقطارنا باقية والإرهاب الى زوال والحلّ هو بإعادة تنظيم استثمار الإمكانات والطاقات العربية في حرب موحدة ضدّ الإرهاب وضبط للحدود أمام حركة السلاح والمسلحين وتجفيف المصادر المالية للإرهاب.