وائل الإمام: الانتخابات الرئاسية في سورية أكثر مشروعية من الانتخابات المصرية
حوار سعد الله الخليل
شكلت الانتخابات الرئاسية في سورية نقطة علام فريدة في المشهد السياسي الإقليمي والعالمي وأظهر التعاطي معها حقائق ومواقف الدول، فبين داعم لإجرائها وساعٍ لتقديم كل أشكال الدعم من منطلق الصداقة لسورية إلى رافض ومانع ومشكك بشرعية إجرائها قبل انطلاقها.
عرّت الانتخابات السورية دولاً تدعي الديمقراطية ونزعت عنها ورقة التوت الأخيرة، فمن دعم الإرهاب إلى منع الإقتراع، تفننت دول الغرب بالكشف عن حقيقة سياساتها ومبادئها، وحدهم السوريون كانوا رهان سورية الحقيقي ومانحي الشرعية الحقيقية لأي سلطة تحكم الأراضي السورية.
الانتخابات السورية شرعية ومشروعية
يرى المحلل والباحث الاستراتيجي الدكتور وائل الإمام في حوار مشترك بين جريدة «البناء» وقناة «توب نيوز» «أن لأي انتخابات في العالم بعدين: بعد تشريعي وآخر مشروعي، فشرعية الانتخابات مكتسبة من الدستور والقوانين الناظمة، ففي الجمهورية العربية السورية الشرعية تأتي من دستور الجمهورية العربية السورية عام 2012 وقانون الانتخابات الرقم 4». وأضاف: «أما بالنسبة للمشروعية تكتسب من خلال مشاركة المواطنين في أي بلد بالذهاب لصناديق الانتخابات ومن خلال التزام المرشحين بالعملية الإجرائية للانتخابات من حيث الحملة الدعائية والإنفاق عليها وما شابه».
ويرد الإمام على ما يراه البعض بأن شرعية عدم سيطرة الدولة على كامل الأراضي تنفي شرعية الانتخابات بالقول: «في هذا الطرح ثغرات، ففي الانتخابات في أفغانستان وصلت الصناديق عبر الحمير الى مناطق لم تصلها يوماً، والحكومة الأفغانية باركتها ومن يدعي هذا الإدعاء يسير في مسار الولايات المتحدة التي تتعامل بازدواجية المعايير فعندما تكون الانتخابات ستؤدي لنتائج تخدم مصالح الولايات المتحدة ودول الغرب تتبناها، وبالعكس عندما لا تؤدي الانتخابات لمصالحها تشكك بها»، لافتاً إلى «أن أي عملية انتخابية لا تتم عبر المساحات الجغرافية وتتم عبر المشاركة الشعبية وهو حق مكتسب من حق التعبير عن الرأي تكون متوافقة مع مبادئ وقواعد القانون الدولي، وحتى انتخابات مجلس الشعب صوت الناخب هو الأساس بغض النظر عن المكان».
فاجأت الغرب
يؤكد الإمام «أنه على رغم أن غالبية دراسات مراكز الأبحاث توقعت المشاركة الكثيفة في الانتخابات إلا أن الصورة كانت مفاجئة للغرب، فالمواطن السوري المغترب من اختار الاغتراب بإرادته أو من هجر العالم، ومن هجر يعلم حقيقة ما حدث على الأرض، أراد أن يعبر عبر صندوق الانتخاب بطريقة ديمقراطية، ويبرز أمام كل العالم الحقيقة ويقول: «أنا أعلم الحقيقة وسأذهب للصندوق وأختار الرئيس الذي يناسبني ويناسب سورية، واعتمد عليه لأعود الى بيتي ومنزلي وأرضي ومدرسة أبنائي».
وعن منع الأردن المواطنين السوريين في الأردن من ممارسة حقهم في الإقتراع قال: «تأتي خطوة الأردن بمنع المساعدات عن اللاجئين الذين اقترعوا عنصرية من جهتين أولاً الانتخاب حق لا يجوز الضغط على اللاجئ لحرمانه من حق، وثانياً إسقاط صفة المواطن عن اللاجئ بفكر الأردنيين وبعض الأطراف اللبنانية غير إنساني، فاللجوء ناجم عن الخوف من إجرام يهدد الحياة وهكذا تصرفات تدل على استخدام تلك الإجراءات على اللاجئين لتحقيق أهداف معينة».
السفارات قالت كلمتها
ورأى الإمام «أنه على رغم المنع شارك السورييون في 34 سفارة بالإقتراع وهو ما كشف عورة قرارات الغرب».
ويتابع الإمام «مشكلة الغرب هي في الديمقراطية الإنتقائية، فماري لوبين زعيمة الجبهة الوطنية حصلت على المركز الثاني في الانتخابات الرئاسية خلف هولاند، وعلى رغم ذلك يهاجم حزبها فلا ينظرون له كحزب يمثل أكثر من 27 في المئة من الفرنسيين، فما بالك بانتخابات تحصل على أراضي الجمهورية العربية السورية، ويعلمون أن أغلب الأصوات ستذهب للمرشح بشار الأسد ويطعنون بها لأن النتائج لن تكون وفق مصالحهم السياسية».
مشروعية الأسد مطلقة
وعن مدى مشروعية الانتخابات السورية يضيف الدكتور وائل الإمام عضو الهيئة التدريسية في جامعة دمشق قائلاً: «شارك 73.42 في المئة من المواطنين في الإقتراع وهي نسبة فاقت نسبة المشاركة في انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية عام 2008، والتي يرى محللون أنها سجلت أعلى نسبة إقبال منذ الستينات بنسبة نحو 66 في المئة من الناخبين المسجلين وهو ما يمنح الانتخابات دلالات كبرى»، مضيفاً: «أولاً عندما يشارك 73.43 في المئة، فهذا يعني أن من لم يذهبوا للصناديق حوالى 26 في المئة وهي نسبة طبيعية في أي انتخابات في العالم، وهناك نسبة وسطية تمارس حق العزلة لا تنتمي لأي حزب ولا تدعم أي مرشح ولا تعنيها الانتخابات وتقدر نسبته بأغلب دول العالم 30 في المئة، وبالتالي الانتخابات السورية وفق المعايير العالمية عندما يشارك 73.42 في المئة من المواطنين في الإقتراع وينال الرئيس الأسد 88.7 في المئة من الناخبين فهذا يعني أن الرئيس الأسد نال 66 في المئة من القوة الانتخابية، بمعنى لو انتخب كل من امتنع عن الانتخاب بإرادته أو بالقسر غير الرئيس الأسد لنال الأسد 66 في المئة من القوة الإنتخابية، وهذا يعني حصوله على غالبية مطلقة من حجم القوة الانتخابية في سورية».
وتابع: «عندما يقول 65 في المئة من حجم القوة الإنتخابية نعم للرئيس الأسد والكل يعلم أن الأقليات في سورية تشكل 25 في المئة من المجتمع السوري ومن الـ 65 في المئة تشكل الأقليات 16 في المئة فقط، أي أن الرئيس الأسد حصل على 39 في المئة من أصل 65 في المئة من الغالبية الطائفية السنية في سورية، وهذا يعني أن أكثر من ثلثي هذه الطائفة قالت نعم للأسد أي أن هذا النظام ليس طائفياً كما يروج الغرب، إنما نظام سياسي لكل السوريين على اختلاف طوائفهم بما يدحض «البروبغندا» والدعايات التي تقول بطائفية النظام».
مقارنات لا بد منها
يقارن الإمام بين الانتخابات السورية والمصرية مع ما حصل في مصر فقد توجه للصناديق 45 في المئة من حجم القوة الانتخابية، وبالتالي حصل السيسي على 45 في المئة فقط من حجم القوة الانتخابية وأقل من الغالبية المطلقة، أي أن مشروعية الانتخابات في سورية أكثر من مشروعية انتخابات مصر»، مضيفاً: «وبالمقارنة مع الجزائر نجد أن الرئيس بوتفليقة حصل على 31 في المئة من حجم القوة الانتخابية، وبالتالي من لم يخرج للانتخابات بسورية سواء بإرادته أو غير إرادته لو قال لا للرئيس الأسد لما تغيرت النسبة وبقيت النتيجة شرعية».