«سلمى والغيلان»… مأثورات إنسانية للأطفال في قالب مسرحيّ
إيناس سفان
اختار مؤلّف مسرحية «سلمى والغيلان» ومخرجها التي تُعرض على خشبة «مسرح القباني» في دمشق، الفنان رشاد كوكش، حكاية شعبية قديمة ليعيد صوغها في نصّ جديد، موظِّفاً عناصر المسرح لتقديم رؤيته الإخراجية في مسرحية حملت مقولات ومأثورات إنسانية في إطار تعليمي وترفيهي مناسب للأطفال.
واستطاع العرض إدخال الأطفال في جوّ المسرحية منذ اللحظة الأولى، من خلال الأغاني التي قدّمتها «سلمى» في العمل، والرقصات الشعبية المرافقة، إضافة إلى حوار «سلمى» مع الأطفال وطلب المساعدة منهم في اتخاذ القرار، ما جعل المسرحية تدور في إطار تفاعليّ بين الخشبة والحضور، كان الممثل صلة الوصل بينهما.
وعمل العرض على إشراك حواس الحضور بشكل تفاعليّ واسع. فعلى رغم غياب شخصية السيدة صاحبة القصر، إلّا أن حضور صوتها ولغة الأمر والقسوة التي تتعامل بها مع خادمتَي القصر «سلمى» وأمها، كل ذلك جعل حضورها مؤثراً جدّاً ولو بشكل صوتيّ، إضافة إلى المؤثرات الصوتية والبصرية الأخرى والتي ساهمت في نقل الطفل من مقعده في صالة العرض إلى عالم شخصيات سمع عنها في حكايات الجدّات. إذ رأى الأطفال الشخصيات الخرافية مثل «الغول الطيب» و«الغول الشرير» و«الضفدعة المسحورة» أمامه وجهاً لوجه على خشبة المسرح.
ووظّف فريق العمل ديكور المسرحية بشكل ممتاز. فالمُشاهد عاش مع «سلمى» ووالدتها أجواء الفقر والتعب في قبو مظلم. وانتقل معهما إلى قصر فاخر بطريقة تشاركية وتفاعلية جميلة، جعلت الأطفال جزءاً من الحكاية.
وقال المخرج كوكش: أردت من تقديم هذا النصّ إدخال الفرح والتفاؤل والمتعة إلى نفوس الأطفال والكبار. وفكرته قصة من الزمن القديم تحمل عدداً من المعاني الإنسانية، تجسد الصراع بين الخير والشر من خلال الشخصيات التي تتغيّر في مجريات القصة بحسب تغيّر ظروف حياتها. وهي في النهاية شخصيات لها انعكاساتها في المجتمع.
وأضاف كوكش: حرصت على تقديم الأفكار في إطار مسلٍّ يُخرِج الأطفال من الواقع المحيط به نتيجة الأزمة والحرب. ويقدّم مأثورات تربوية مفيدة لهم تتلخّص بعدم الغرور، وبالتواضع ومساعدة المحتاج بشكل دائم.
وحول الأعمال المسرحية الموجّهة للأطفال التي قُدّمت خلال هذه السنة، أشار كوكش إلى أنّ مسرح الطفل في مديرية المسارح قدّم عدداً جيّداً من الأعمال هذه السنة. إذ عُرض عمل «زهرة الياسمين»، إضافة إلى التحضير لنصّين، وكلها ضمن أعمال مسرح الكبار للصغار إضافة إلى مسرحيات العرائس.
الفنانة روجينا رحمون التي أدّت دور «سلمى» في المسرحية، رأت أنّ العمل عبارة عن رسائل واضحة للأطفال، تتحدّث عن طمع الإنسان. وذلك في إطار قصة اجتماعية مسلّية. مشيرة إلى أن تقديم عمل للأطفال ليس بالعمل السهل، فلدى الطفل أسئلة كثيرة وفضول، وذكاء قويّ يهتم بكل التفاصيل. يجب أن ينتبه الممثل لها ويعمل على تجسيد أفكار النصّ المسرحي مقدّماً المعلومة والترفيه بما يتناسب مع مستوى الطفل.
الفنان القدير أحمد خليفة الذي حضر المسرحية اعتبر أنّ العمل قدّم أفكاراً جميلة ضمن رؤية إخراجية موفّقة. مشيراً إلى الدور الكبير للمسرح في إخراج الأطفال من أجواء الحرب، وبث التفاؤل والأمل في نفوسهم. إضافة إلى الدور التعليمي والتربوي.
وقال الفنان صاحب الخبرة الكبيرة في المسرح السوري إن قواعد المسرح الحديث تعتمد على أن يكون الممثل هو المتفرّج، والمتفرّج هو الممثل، وذلك بهدف إشراك المُشاهِد في الجوّ المسرحي بشكله العام.
من جانبها، أشارت الفنانة ليلى بقدونس إلى أن للمسرح دوراً كبيراً في توعية الطفل وتعليمه كل ما هو جميل وحضاري. مضيفة أن مسرحية «سلمى والغيلان» من خلال جوّ الترفيه، إضافة إلى دور مخرج العمل والممثلين، جعلت الأطفال يعيشون متعة كبيرة. وهذا يخلق جيلاً محبّاً للفنّ ومتذوّقاً له.
يذكر أن عرض مسرحية سلمى والغيلان مستمر على خشبة مسرح القباني حتى 22 أيلول الجاري، ويجسّد شخصيات المسرحية كلّ من الفنانين: تماضر غانم، وروجينا رحمون، وإيمان عودة، وبسام ناصر، وصبا رعد، وعدي الغوطاني، وريما العقباني، ورضا شاهين.