حدث معي – حارس الشام
يحدث أن أصل إلى دمشق دائماً من بوابتها الغربية لجهة أوتوستراد بيروت دمشق الدولي، ويتفاوت موعد الوصول إلى هذه النقطة حيث ينتصب أحد حواجز التفتيش على مداخل العاصمة السورية قبل الدخول إلى أوتوستراد المزة، يفاجئني تكرار المشهد نفسه مهما تغيرت المواعيد، فجراً أو منتصف الليل، أو ظهراً أو عشية أو عصراً أو قبل الظهر، تتبدل مواعيدي والمشهد لا يتبدل إلا نادراً، الجنود على الحاجز كثر، لكن واحداً منهم نفسه يقف على التفتيش، حتى تتساءل ألا ينام، ألا ينال إجازة، ألا يرتاح، هو نفسه في كل الأوقات ومن حوله عديد من رفاقه يسامرهم ويستامرون، لكنه لا يمل ولا يكل، أتمتع بمراقبته وهو يفتح صناديق السيارات يفتشها بعناية، لا يتغير مستوى جديته مهما كثرت عليه الأعداد والانتظارات، ولا يهدأ أو تشعر بملامح التعب عليه، لا يلبث وهو يتفقد الصفوف المتجمعة أن يلمحني مع أنني لا أستقل ذات السيارة لمرتين، ولا أجلس في ذات المقعد لمرتين، يبتسم يكلف زميلاً له بالمتاعبة ويجري نحوي يفتح الطريق لسيارتي بعد إلقاء التحية، هذا الشاب الثلاثيني وهبه الله إطلالة بشوشة ومهابة رجول بقامة تقارب المترين طولاً وكتفين مهابين، تبدو البندقية مسدساً وهي تتدلى فوق صدره، دائماً كامل العتاد بجعبته وخوذته، تكتمل فرحتي به عندما سألته عن اسمه فإذ اسمه بشار، شعر أشقر وعيون زرق ووسامة تعلوها الابتسامة، وبشار الذي كان مرة يتناول إفطاره المشترك مع زملائه في صحن فول دمشقي ولمحني ترك الفطور وركض نحوي، وأعاد الكرة لما يفعل كل مرة، المهم أن بشار يصر على القيام بواجب الضيافة فيمسك من جيبه دائماً كمشة من حبات البونبون ويضعها في تابلو سيارتي، ولما تفقد جيبه ووجده فارغاً وطيبت خاطره أن لا ضرورة هذه المرة جرى سريعاً إلى الأمام وتمتم مع زميله وعاد بالكمشة المعهودة من حبات البونبون قائلاً لقد استدنت من زميلي، وفي آخر مرة بادر وهو يضع كمشة البونبون المعهودة بالقول، رشوة الجيش على الحواجز لتتحملونا، فضحكنا معاً ومضينا، إن مررت مرة ولم أجده أفتقده، بشار القائد يحمي سورية، وبشار الجندي حارس بوابة الشام.