قالت له – ألا تغضب
قالت له لماذا أتمكن من أن أغضب منك ولا أراك تغضب، وأستطيع في وقت الغضب أن أشعر بكراهيتي لك تجتاحني، وأراك تغدق علي في لحظات الانفعال والخصام بكلمات التفهم والود والتفسير العقلاني لغضبي، بينما أشعر برغبة شديدة بصفعك، ولما تعود لي سكينتي أندم وأشعر كم أحبك وكم ظلمتك، أليس في هذا دليل عكس ما ستدعي من كمية حب تتجاوزني بها، لأن كل قضيتك في الحب تبدو لي هي تشكيل عقدة نقص لي بأنك الأحرص والأقدر والأكثر تدفقاً وعطاء وأنني مخربة محترفة ومشاغبة شقية تكسر كل شيء بعبثية وبلا مسؤولية، إن من لا يصيبه جنون الغضب في الحب لا يعرف الحب، فالتحكم بالمشاعر السلبية يعني ضمناً قدرة التحكم بالمشاعر الإيجابية، والتصنيع هنا يحتمل التصنيع هناك، فقال لها سأصارحك أنني غالباً أنوي صفعك، وغالباً أنوي إنهاء الخلاف ودياً وهجرك بعده من دون وداع، وغالباً أتمنى لو أقدر على أن أرفع صوتي بأعلاه بكلمة إخرسي، لكن الذي يمنعني شيئان، الأول أنني أملك أول غضبي ولا أملك آخره، بينما لا تملكين أول غضبك لكنك تملكين آخره، فأخشى أن تبدئين بالندم وأكون قد بدأت بالغضب فتضيع لحظة المصالحة وأما الثاني فهو أنني أخشى من جنونك إن قلت لكل أنا مغادر ولن نلتقي أن تقولي بألف سلامة وتنكسر الجرة بين جنونين، فأقرر أن أتحمل دوراً لا أحبه هو دور العاقل، فهل نتبادل الأدوار في المرة القادمة تدعيني أغضب وأدعك تعقلين، فقالت أظن عندها سنفترق جدياً لأن ما سيدعك تغضب ويمكنني أن أكون عاقلة يعني أن سبب الفراق بيننا قد حان، فقال أخشى أن يحين مرة ولا نستلحق توزيع الأدوار، فقالت هل يكون الحب قد انتهى عندها، قال يكون الحب قد صار أكبر من أن تتحمله أجسادنا وأعصابنا وألسنتنا، فيصير الفراق شكل الهروب الوحيد من الجنون.