العراق افتتح ويختتم المباريات في مونديال «الربيع العربي»
كتب المحرر السياسي
لغة المونديال صارت وحدها المسموحة اليوم مع افتتاح الموسم الذي يستمرّ العالم لمتابعة تفاصيله، على رغم كلّ الانشغالات، وبلغة المونديال فشل مجلس الوزراء بالتوافق على صيغة نهائية لإدارة مرحلة شغور رئاسة الجمهورية، وبقيت صلاحيات الرئيس بمثابة كارت أحمر جاهز ليرفع في وجه أي صيغة تسهّل التعايش مع الشغور وتحويل مهمة المؤسسات الدستورية نحو إدارة الفراغ بدلاً من إملائه.
بلغة المونديال الامتحانات الرسمية أقلعت لكن التصحيح لا بدّ أن ينتظر الوقت الإضافي، فالتفاهم الذي يجاهر به وزير التربية هو لا تصحيح قبل إقرار السلسلة، وفي قضية التفرّغ لأساتذة الجامعة نجح الوزير في هزّ شباك الإضراب، بهدف ترتب عليه العودة إلى العمل مقابل وعد بحسم الأمر في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء.
الساحة الدولية التي تشكل الأزمة الأوكرانية محورها الأبرز ما زالت تتحرك على إيقاع التفوّق الروسي بإمساك ملف الجمهوريات المنفصلة، كموضوع للحوار السياسي الذي يجب أن ينتهي بالاستفتاء على دستور أوكراني جديد، فتكون روسيا قد أمسكت بالقرم في حضنها وحمت حلفاءها في جمهوريات شرق أوكرانيا من هيمنة حكومة كييف، وفي النهائيات سيتقابل الفائزون، وإذا كان محسوماً تأهّل روسيا للنهائيات، فالمرور بنصف النهائي ضروري، وبينها وبين الأوروبيين والأميركيين تصير جاهزة للتأهّل لنصف النهائي برصيد جيد ما لم تنجح المتغيّرات العراقية في وضع روسيا في معادلة صعبة قوامها، فيديرالية أوكرانية تمنح روسيا نفوذاً في الثلث الأهم من أوكرانيا مقابل فيديرالية عراقية تمنح تركيا والسعودية نفوذاً في الثلث الأهم من العراق، فيصير نصف النهائي جدياً وحاسماً.
العراق افتتح المونديال المسمّى بالربيع العربي الذي شاركت فيه كلّ الأمم والدول وخلال عشر سنوات منذ احتلال العراق دار الزمان دورة كاملة ليعود النهائي إلى العراق، ويصير التساؤل عن هوية الرابح جدياً، خصوصاً في ضوء التعقيدات الطائفية والقومية التي تحضر بقوة من التصعيد الذي يشهده العراق، ويطرح وحدته على بساط البحث، فعلى رغم كلّ التطورات والتهديدات العسكرية بين الحكومة المركزية والمتمرّدين الذي تبدو داعش أشهرهم لكنها ليست أهمّهم، يتصعّد الموقف مذهبياً ويتجه بالعراق نحو مخاطر كبرى يطلّ التقسيم من بين أنيابها.
مونديال هذا العام حاسم وخطير ومصيري بالنسبة إلى كلّ اللاعبين، فمنه سيولد نظام عالمي جديد ومنه سيولد شرق أوسط جديد.
وفيما انشغلت الأوساط السياسية والإعلامية والشعبية بكرة القدم لم تهز كرة الاستحقاق الرئاسي أياً من الشباكين في 8 و14 آذار، فمونديال الاستحقاق الرئاسي لن يحصل قبل انتهاء الخريف المقبل، بانتظار التطورات الاقليمية التي ستتلبّد غيوم مفاوضاتها الإيرانية السعودية مع ما يشهده العراق من تمدّد لتنظيم «داعش» وغيره، والخوف من أن يتمدّد إلى لبنان، لا سيما أن هناك خلايا نائمة لهذه المجموعات الإرهابية في الشمال وبعض المخيمات.
ولم يطرأ أي جديد حول الاستحقاق الرئاسي، وهذا ما عبّر عنه رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زواره مساء أمس، مشدداً في الوقت نفسه على استمرار الاتصالات بين الأطراف سعياً إلى اختراق جدار الأزمة. وهذا ما أكدته أيضاً مصادر تيار المرده لـ«البناء» أن لا رئاسة جمهورية في المرحلة الحالية، والواضح أن لا انتخابات قبل ستة أشهر كحدّ أدنى.
التطورات العراقية تحط في مجلس الوزراء
في موازاة ذلك، عقد مجلس الوزراء أمس جلسة ثالثة في السراي الحكومية برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام في ظلّ الشغور الرئاسي. وأرخت التطورات العراقية وانعكاساتها على المنطقة بظلالها على الجلسة التي لم يتمّ خلالها الاتفاق على منهجية عمل الحكومة.
وعلمت «البناء» أنّ رئيس الحكومة أكد على ضرورة أن يحافظ المجلس على فعاليته ويثير القضايا المتفق عليها وتحييد القضايا موضع الخلاف. وقال: «علينا القيام بدورنا لتحصين لبنان مما يجري حولنا، على رغم أن الأولوية تبقى لانتخاب رئيس للجمهورية. وأشار إلى أنه لا يجوز إعطاء انطباع للمجتمع الدولي أن لبنان مشلول، فهناك اهتمام دولي بلبنان علينا أخذ ذلك في الاعتبار.
ريفي: عواصف خطيرة تهبّ على المنطقة
وأخذ الوضع في العراق حيزاً كبيراً من النقاش بين الوزراء. ودعا وزير العدل أشرف ريفي بحسب ما علمت «البناء» إلى ضرورة التنبّه للتطورات الحاصلة في العراق. صحيح أنّ الوضع الأمني جيد نتيجة التوافق الداخلي الذي تلاقى مع قرار إقليمي، لكن يجب التنبّه لحماية لبنان. ودعا إلى الترفع عن الأمور الصغيرة في الوقت الذي تهبّ على المنطقة عواصف كبيرة وخطيرة.
قزي: ما يجري تمهيد لدولة تكفيرية
وأشار وزير العمل سجعان قزي أيضاً إلى أن ما يجري في العراق تطبيق لمشروع تقسيم دول الشرق الاوسط ونقلها من حالة الوحدة إلى حالة الانقسام، وصولاً إلى إسقاط الحدود بين سورية والعراق، وإقامة دولة تكفيرية وإبقاء دولة شيعية، فضلاً عن إقليم كردستان. وأكد قزي في مجلس الوزراء أنّ علينا في لبنان أن نبدي الحرص على ترسيم الحدود لكي لا تسقط ويجب تحصين البلد. وإذ أشار إلى ضرورة تفعيل عمل مجلس الوزراء، أكد أن التحصين الحقيقي للبنان يكون بانتخاب رئيس للجمهورية.
حرص من سلام
وبعد استعراض الوضع العراقي، اقترح وزراء 14 آذار أن تتم مناقشة بعض البنود في جدول الأعمال المتفق عليها والتي ليست بحاجة إلى توقيع رئيس الجمهورية، إلا أن الأمر لم يحصل. وأشار مصدر وزاري في 14 آذار لـ«البناء» إلى أن وزراء 8 آذار لم يكونوا متحمّسين لطرح جدول الأعمال اليوم أمس وأنه يجب الاتفاق على آلية عمل الحكومة. وهنا تدخل قزي طارحاً كلمة منهجية بدلاً من آلية، شارحاً أنّ الآلية تعني مأسسة الشغور الرئاسي. وأشارت مصادر إلى أن الاتفاق لم يتمّ ورفض الرئيس سلام اللجوء إلى التصويت في هذا الأمر، وذلك لإعطاء أولوية للتوافق، لا سيما أنّ وزراء 8 آذار تمنوا على الرئيس سلام إجراء المشاورات قبل ذلك. وكان رئيس الحكومة حريصاً على عدم إقرار وتمرير البنود التي تحتاج فقط إلى توقيعه لحسم الآلية الشاملة لعمل مجلس الوزراء في ظلّ الشغور الرئاسي.
إنقاذ الامتحانات
وحضرت سلسلة الرتب والرواتب في الجلسة أيضاً فاستعرض وزير التربية الياس بو صعب مفاوضاته مع هيئة التنسيق النقابية، مشدّداً على أن ما قام به كان لإنقاذ الامتحانات، وأنّ عدم إقرار السلسلة يعني أن لا إمكانية لتصحيح الامتحانات ما يعني لا نتائج.
السلسلة من مسؤولية مجلس النواب
وتحدث وزير المال علي حسن خليل عن السلسلة أيضاً وعن الموازنة، وحصل نقاش جدي في الموضوع، حيث تمّ التأكيد على أن السلسلة من مسؤولية مجلس النواب وليست من مسؤولية مجلس الوزراء، ويجب عدم إلقاء الكرة في ملعب الحكومة.
وفي السياق، شكر الوزير غازي زعيتر الرئيس سلام على مشاركته في الجلسة العامة الثلاثاء الماضي.
مخاض السلسلة إلى أين؟
أما في خصوص السلسلة، فإنها باتت مرهونة بالتئام جلسة التاسع عشر من الشهر الجاري، مع العلم أنّ المعطيات حتى الآن تؤشّر إلى أنّ قرار التعطيل سارٍ حتى إشعار آخر، ونقل نواب كتلة التحرير والتنمية تأكيد الرئيس بري على الاستمرار في السلسلة والسعي لإقرارها في الجلسة المقبلة. وقالوا إنّ كلّ الأمور الخلافية يمكن مناقشتها والاحتكام فيها للجلسة وليس هناك من سبب للاستمرار في إبقائها معلقة، لا سيما أن هناك حاجة للبت بها بعد أن أشبعت درساً وتمحيصاً.
وفي كلّ الأحوال، ينتظر أن تنطلق الامتحانات الرسمية اعتباراً من اليوم بدءاً من شهادة البريفيه، وأكد وزير التربية لـ«البناء أن الوزارة جاهزة لإنجاز الامتحانات التي ستجرى بشفافية عالية. وشدّد على أنها لن تكون معقدة وهي ستأخذ في الاعتبار الظروف التي مرّ بها الطلاب.
وكما أثمرت مفاوضات وزير التربية مع هيئة التنسيق النقابية يوم الثلاثاء الماضي نجحت مفاوضات الوزير مع وفد الأساتذة المتعاقدين. حيث تستأنف الدروس اليوم في الجامعة اللبنانية مع تعويض الأيام عند الحاجة. وأعلن وزير التربية أنه تم التوصل الى اتفاق يقضي بإجراء الامتحانات في الجامعة اللبنانية على أن يحتفظ الاساتذة المتعاقدون بحقهم بعدم تصحيح الامتحانات ما لم يقرّ التفرّغ.
ملف التفرّغ … أو عدم حضور جلسات مجلس الوزراء
وعلمت «البناء» أن الاجتماع الذي عقد عند السابعة والنصف مساء أمس في الوزارة بين الوزير بو صعب ووفد الأساتذة المتعاقدين بحضور رئيس رابطة الأساتذة حميد حكم والمنسق العام لقطاع التربية والتعليم في تيار المستقبل الدكتور نزيه خياط، وكان الجو خلاله منقسماً بين مؤيد لفك الإضراب وبين رافض لذلك. إلا أنّ شفافية الوزير كما قالت مصادر المجتمعين أقنعت الأساتذة، فعرض وزير التربية للمراحل التي مرّ بها الملف، وصولاً إلى الاتفاق مع رئيس الحكومة على إدراج ملف التفرغ في أول جلسة لمجلس الوزراء يوضع لها جدول أعمال. ولكي يقدم الوزير ضمانات إضافية لوفد الأساتذة اتصل برئيس الحكومة تمام سلام وفتح مكبّر الصوت ليسمع المجتمعون من رئيس الحكومة تأكيداً لما قاله الوزير أن الملف سيكون في أول جلسة يوضع لها جدول الأعمال. وأمام ذلك تمّ الاتفاق على فك الإضراب وتسليم الاسئلة على أن يحتفظ الأساتذة بحقهم بعدم تصحيح الامتحانات ما لم يقرّ التفرّغ.
وشدّد وزير التربية أمام الوفد على أنه مستعدّ لعدم حضور جلسات مجلس الوزراء إذا لم يقرّ الملف. وفي السياق أكدت رابطة الاساتذة المتفرّغين في الجامعة التي كانت حاضرة للاجتماع أنه في حال لم يقرّ ملف التفرّغ ستعلن الإضراب المفتوح. وأكد رئيس المكتب التربوي المركزي لحركة أمل العميد الدكتور حسن زين الدين أنه لن يضغط على الأساتذة بالتصحيح وتسليم الامتحانات، في حال لم يقرّ الملف.