جورج وسوف في سهرة «الجديد» حالة خاصة ولكن!

جهاد أيوب

سهرة مختلفة كصاحبها كانت سهرة «قول يا ملك» لـجورج وسوف على قناة «الجديد» وقناة «الحياة» المصرية من إخراج طوني قهوجي الثلثاء الماضي، لا نستطيع اعتبارها جلسة حوار أو أمسية غنائية، ولا هي صرعة في مهبّ الفضاء لمجرّد الثرثرة لكون الضيف حالة وليس عادياً، ولم يطلّ على جمهوره منذ أكثر من 3 سنوات… بل هي سهرة مختلفة بكل المقاييس، يكفيها عودة الوسوف بعد غياب سببه المرض وكثافة الإشاعات التي شكلت صدمة لمحبّيه وشماته لمنافسيه وكارهيه، وأيضاً رافق السهرة عودة نيشان إلى عرينه الأساسي «الجديد»، هنا نيشان غير نيشان هناك شكلاً ومضموناً ودلعاً وسرحاناً واندهاشاً، عابَه عدم تمكّنه في منتصف الحلقة من التعقيب، واختلاف وضعه كلامه شكله – حركته بعد مديح الوسوف له كما لو كان غير مصدّق للكلام…!

الكلّ يتلمّس ويدرك أنّ جمهور الوسوف الأكثر تطرفاً وتعصّباً له، ويرفضون مقارنته بأحد، وهم سعداء بهذه الإطلالة مهما اختلفنا في تقييمها، ومع ذلك لا بدّ من القول إنّ أجمل ما في السهرة كان الجمهور العفوي، ولكن الوسوف كان يحتاج إلى تأجيل الإطلالة لاكتمال علاجه، وتماسك جسده، ولنضوج صوته، فالفنان يجب أن لا يطلّ بضعفه، والضعف يولد تعاطفاً وعطفاً، وحزناً، وتغاضياً، ربما كان كافياً بلقاءات مع نجوم ومحبّي جورج للحديث عنه، والاكتفاء بفيلم وثائقي، ولكن هذه البهرجة قطف منها الكثير مالياً وإعلامياً وإعلانياً، في الأولى أشيع أن الوسوف يمر في وضع مالي محرج فقبض ثمناً لإطلالته 400 ألف دولار أميركي، وفي الثانية قطف نيشان عودة ناجحة مهما انتقد وحصدت «الجديد» تميّزاً لصالحها في برامج المنوعات، وفي الثالثة كانت فواتير الإعلانات الكثيفة واضحة الدفع!!

صراحة الوسوف وجرأته

كان الوسوف واثقاً في الغناء وتحديه للمرض، ومتحفظاً في كثير من الأحيان على عكس ما كان عليه سابقاً، ومن حركة نظراته ورأسه تعرف أنه سيقول رأياً مباشراً وقد يحرج لوضوحه ومباشرته المحاور نيشان الذي لم يشأ أن يغوص الوسوف عميقاً في السياسة، باختصار الرأي سيكون مفيداً، ولا زواريب التكاذب والمراوغة، لذلك تمكن الوسوف من توصيل ما أراد من رأيه وصراحته وصدقه بجرأة مدروسة، وهذا أربك نيشان المعتاد على ردود نجمات لا يعرفن غير المراوغة والتصنع والكذب والمجاملات المتبادلة، فلم يستطع نيشان التعقيب وسارع بالتنقل من موضوع إلى آخر خوفاً من جرأة ضيفه وردوده غير المتوقعة، وقد ظهر انزعاج نيشان من وضوح حب وإعجاب وإيمان الوسوف برئيس بلاده بشار حافظ الأسد، وجاء دفاع نيشان عن معارضة سورية غير موجودة ساذجاً في غير مكانه مما تطلب أن يردّ عليه الوسوف بالقول: «ما في معارضة ولا بطيخ… من يقتل أهله ليس معارضاً»… وأفاض الوسوف بالتعبير عن إعجابه الشديد بالسيد حسن نصر الله، وبكثير من السياسيين… وصولاً إلى رأيه بالسيدة فيروز وزياد وبالأسطورة صباح التي اعتبرها أهم فنانة في تاريخ الفن العربي، أما رأيه في لجان التحكيم من زملاء الغناء فكان مضحكاً على رغم جرأته وقساوته، وحاول نيشان أن يأخذ منه هجوماً «سكوباً» فلم يتمكّن لأنّ الوسوف أخذ الحلقة إلى المكان الذي أراد، وجاءت في صالحه شكلاً ومضموناً وحواراً.

في صوت الوسوف خصوصية

في صوت الوسوف خامة مختلفة لا ينكرها أحد منذ انطلاقته إلى اليوم، وفي أداء الوسوف خصوصية تجعل الجميع يقبل منه ما لا يقبله من الآخرين، ولديه مقدرة فائقة في أداء السهل الممتنع والعُرَب والانتقال من نغمة إلى أخرى على طريقته الخاصة، وفي هذه السهرة غنى من بقايا صوته، صوت الوسوف بخامته الوسوفية على رغم ظهور التعب عليه كان حاضراً صاخباً فيه نجاحات سابقة وقد تستمرّ ولا تعرف الأفول، نستطيع القول صوته اليوم بقايا الصوت المتمكن بأداء يعجز عن الوصول إليه من رافق الوسوف من أبناء جيله ومن يغني اليوم، لا تزال مساحته حاضرة مع أنّ الوسوف غنّى وهو جالس، وفي هكذا حال الغناء أصعب، ويفقد الصوت الكثير من قدراته ولمعانه ولا يتحكم بنفسه، ولا يغني جالساً إلا الفنان المتمكن من قدراته ونفسه، فقط وديع الصافي وصباح كانت لديهما جرأة الغناء جلوساً ومناطحة السحاب موالاً وتطريباً من دون ارتكاب أخطاء في السلم الموسيقي، أو السماح لنغمة أن تنفلت منهما، هنا مع الوسوف فلت الكثير من النغمات وتاهت بعض العُرَب، ولكنه جورج وسوف الذي يفرض عليك أن تحبه كيفما غنى وقال وكان!!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى