سلامة يفتتح ملتقى العراق المصرفي: لتنسيق المخاطر وتبادل الخبرات
افتتح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة صباح أمس، «ملتقى العراق المصرفي» الذي ينظمه المصرف المركزي العراقي ومجموعة الاقتصاد والأعمال، في فندق «فينيسيا انتركونتيننتال»، في حضور عدد من المصرفيين اللبنانيين والعراقيين.
بداية، تحدث رئيس المجموعة المنظمة رؤوف أبو زكي عن أهمية الملتقى في الظروف التي يمر بها كلّ من لبنان والعراق، ثم رئيس رابطة المصارف العراقية الخاصة وديع الحنظل الذي تحدث عن واقع القطاع المصرفي العراقي والصعاب التي يواجهها في ظلّ الظروف الأمنية والسياسية المعقدة، مشيراً إلى «أهمية التعاون بين المصارف العراقية واللبنانية وإلى أهمية الدور الذي تلعبه المصارف اللبنانية في العراق والخبرات التي يكتسبها القطاع المصرفي العراقي من القطاع المصرفي العريق في لبنان».
ولفت رئيس جمعية مصارف لبنان جوزيف طربيه عن إلى «الواقع الصعب» الذي تعيشه المنطقة العربية على كل الصعد بما فيها الواقع الاقتصادي، معتبراً أنّ «الخطوات النوعية التي تقدم عليها تباعاً السلطات المعنية في العراق لجهة تطوير البنية المصرفية قانونياً وعملانياً، والتوجه لتشديد الإجراءات في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وتأسيس شركة ضمان الودائع، ووضع ضوابط مناسبة لخطابات الضمان، وإنشاء وحدات الاستعلام ومركزية المخاطر، والتعليمات الخاصة بالصيرفة الإسلامية، وقانون الصكوك الإسلامية، تمثل، فضلاً عن إستراتجيات التطوير، إستجابة واعية لمتطلبات تطور الجهاز المصرفي الوطني ولمراجعات الوحدات العاملة في السوق وما تبديه من هواجس».
وأكد أنّ المصارف اللبنانية العاملة في العراق «تلتزم اعتماد أقصى التدابير والاجراءات لمنع مرور أي عملية مشبوهة، وتطبق في هذا السياق أنظمة داخلية ورقابية متشددة للغاية»، وقال: «ما نركز عليه دوماً، هو سلامة القطاع المصرفي وعملياته من جهة، ومواصلة الالتزام بأفضل المعايير الدولية للعمل المصرفي من جهة موازية».
وركز سلامة، بدوره، على تراجع النمو على المستوى العالمي وتأثيره على التمويل خارج أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، مؤكداً على أهمية «وجود علاقات اقليمية تجمع المصارف وضرورة استخدام العملات المحلية»، موضحاً «أنّ مصرف لبنان ينظر بأهمية إلى «التعامل مع العراق خصوصاً البنك المركزي العراقي لتنسيق المخاطر وتحقيق الشفافية ومكافحة تبييض الأموال وتبادل الخبرات وتفعيل أنظمة الدفع بالعملات المحلية بين البلدين».
ولفت إلى أنّ «الليرة اللبنانية مستقرة ويتم تداولها بأسعار أقلّ من أسعار التدخل لمصرف لبنان، مركزاً على «الرقم القياسي» لاحتياطيات المصرف المركزي. وقال: «سيكون لمصرف لبنان مبادرات لتشجيع الثقة بوجود الفوائد المستقرة على الرغم من توقع صدور تصنيف ستاندرد أند بورز للبنان من مستقر إلى سلبي، وإنّ الودائع ارتفعت بنسبة 7 في المئة كمعدل سنوي، فيما ارتفعت الملاءة بنسبة 12 في المئة»، متوقعاً أنه «بين 2015 و2018 سيكون معدل الملاءة 15 في المئة، وهذا ضروري للمحافظة على الثقة وعلى التعامل الطبيعي مع الصيرفة العالمية».
وتابع سلامه: «أما في شأن الاقتصاد اللبناني، فلن تشهد سنة 2015 النمو المسجل في سنة 2014. فالنمو سيناهز الصفر هذا العام. وفي هذا الصدد، اتخذ مصرف لبنان مبادرات عديدة كما يسعى إلى اتخاذ مبادرات أخرى من خلال هيئة الأسواق المالية. وترتكز هذه المبادرات على إطلاق رزمة تحفيزات للتسليف حديثة وجديدة لعام 2016 بحدود المليار دولار وقابلة للوصول إلى المليار ونصف المليار دولار، بحيث يقدم المصرف المركزي تسليفات إلى المصارف بفائدة 1 في المئة ثم تقوم المصارف بدورها بإقراض هذه الأموال إلى قطاعات السكن والمشاريع الصغيرة والمشاريع الجديدة ومشاريع متعلقة بالطاقة البديلة والبيئة والتحصيل الجامعي».
وإذ اعتبر أنّ «قطاع السكن هو قطاع مهم ومحرك للاقتصاد وأنه يؤمن الاستقرار الاجتماعي»، قال: «وبفضل هذه الرزم، لدينا اليوم في لبنان ما يفوق المئة ألف قرض سكني. وبفضل هذا التوسع والتشجيع في التسليف، ارتفع عدد المديونين في المصارف اللبنانية من حوالي 70000 عام 1993 إلى أكثر من 700000 حالياً، الأمر الذي يحفز النمو. ومن المبادرات القادمة، قيام مصرف لبنان قريباً بإصدار تعميم يساعد في إعادة تنظيم ديون القطاع الخاص بشكل مسؤول من قبل المصارف وتحت رقابة لجنة الرقابة على المصارف، وذلك لتمكين العملاء من مواصلة أعمالهم وتمرير هذه المرحلة الصعبة من دون أن تكون هنالك حالات إفلاس».
وختم: «لبنان مرّ بظروف صعبة لكنّ اللبنانيين لم ييأسوا. وأنا أطمئنكم بأننا لن نيأس».
وأكد محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق أنّ «من بين أهداف هذا الملتقى مناقشة المشهد الاقتصادي والمصرفي، ووسائل معالجة التحديات، وتوفير الفرص المستقبلية، فضلاً عن استطلاع استراتيجية كلّ من مصرف لبنان والبنك المركزي العراقي والسياسة النقدية الخاصة بكل منها، والهادفة إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والمالية والمصرفية من خلال تفعيل وتطوير مساهمة القطاع المصرفي والمالي وفروع المصارف الأجنبية لتنمية اقتصاد البلدين».
ورأى أنّ «العراق ولبنان مهيئان تماماً وكرائدين في المنطقة العربية لنقل وتطوير الصناعة المصرفية».
ولفت إلى أنّ المصرف المركزي العراقي «كسر قيود الدولة على المصارف الخاصة»، قائلاً: «أخذنا هذه العملية إلى أبعد مدى لها. وقمنا بإجراءات أخرى تتعلق بالتأكيد على إعطاء دور للقطاع الخاص. ونحن نعتقد أنّ الأزمة المالية ستساعد العراق على تحقيق نمو حقيقي في المستقبل وهذا متوفر في العراق من خلال الموارد البشرية وغيرها».
وشدّد على أهمية الاقتراح على مجلس الوزراء «تحويل أهم مصرفيين في العراق: مصرف الرشيد ومصرف الرافدين إلى مصرفين خاصين كشركات مساهمة»، لافتا الى ان «العراق وبحكم حجم هذين المصرفين يعتزم اجتذاب مساهمات من المصارف الأجنبية»، معتبرا ان «هيكلة القطاع المصرفي تساعد على خلق دور تنافسي للقطاع».
وشدّد على أنّ بلاده تعمل على «الخصخصة بشكل صحيح وبتشجيع من قبل وزير المالية وديوان الرقابة المالية وبدعم من البنك الدولي». وقال: «نحن في مرحلة حلّ المشاكل الموجودة ليكون هناك فرصة للقيام بالخطوة الكبيرة بل بالخطوة الأكبر في العراق وفي المنطقة».