بين المرّ والأمرّ «القبول بالأسد أضمن»

تتصدّر قضية اللاجئين السوريين أولى صفحات وأخبار وسائل الإعلام المحلية والدولية بعد خمس سنوات من عمر الأزمة السورية، بحيث يطرح السؤال البديهي لماذا اليوم؟

لماذا اليوم يتحرك العالم أمام مشكلة لجوء وتشرّد سبقت هذه الحماسة والحرص بسنين؟

تعرف الدول الكبرى انّ أزمات اللجوء تكاد تكون مؤشراً خطيراً على تهديد أمن وسلامة الأراضي التي تبدي استعداداً لاستقبال العائلات المنكوبة ليس لأهداف بعيدة عن الإنسانية، وهي ليست كذلك، إنما لأسباب تتعلق بالأمن القومي والحسابات الديمغرافية وأسس التكوين الطائفي والمذهبي، وقد عانت عدة دول عربية منها بالتحديد في موضوع اللجوء الفلسطيني.

لبنان إحدى تلك الدول التي عانت الكثير من هذا اللجوء الذي لا يمكن رفضه من جهة إنسانية، لكن بالتأكيد لم ينجح لبنان في ضبط وجوده بما يتلاءم مع طبيعة النسيج اللبناني، فها هي مخيمات اللجوء اليوم في لبنان تعدّ أخطر البؤر التي تغزوها الحركات الإرهابية بسبب سوء تصرّف الحكومات المتعاقبة وعدم تعاطيها الكفؤ مع الفلسطينيين بالنظر الى حالتهم الإنسانية وحاجاتهم التعليمية والمهنية والمعيشية، فالفلسطينيون في لبنان لا يستطيعون التملك او الحصول على وظائف لائقة في الدولة اللبنانية، فكل هذا ممنوع نسبة إلى الحسابات الطائفية المعقدة.

مشكلة التوطين التي جعلت من لبنان بلداً ممانعاً ورافضاً لطي صفحة القضية الفلسطينية جعلت السلطات «الاسرائيلية» المتعاقبة تراهن دائماً على مشاريع توقع لبنان في فخ القبول بالتوطين والوقوع في فخ طيّ القضية نهائياً.

تدرك أوروبا خطورة الأمرين معاً الأول أمنياً والثاني لجهة التوطين او الاستيطان في دولها، وهي تدرك انّ التقارير الأمنية تتحدث عن عدد هائل من المتطرفين الذين دخلوا عدة بلدان حدودية أوروبية خصوصاً انها عانت مع الإرهاب بما يمنع التهاون في ايّ مؤشر من المؤشرات، اما من جهة توطين اللجوء السوري فقد تصبح أزمة حقيقية تهدّد بالتقسيم الديمغرافي والطائفي والعرقي، وبالتالي فإنّ أوروبا التي فتحت الأبواب أمام اللجوء في توقيت مفاجئ تدرك أنها أمام أزمة يتوجب التوقف عندها بحلول جذرية وإلا فإنها على موعد مع خطر أمني شديد الخطورة وديمغرافي قادر على أن يخلق أزمات متجذرة مستقبلاً.

تحرك دايفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا الى لبنان ثم الأردن ليطلع عن كثب على مشكلة اللجوء والمخيمات السورية في المنطقة، وليعلن انّ هذا الملف بات أولوية بريطانية وأوروبية على حدّ سواء، تشكل بريطانيا واجهتها الأولى بالموقف السياسي وبالتحالفات المفترضة بين التحالف الدولي وغير ذلك مما يمكن ان يظهر قريباً لجهة الحلول.

تبدو بريطانيا اليوم ومعها إسبانيا والنمسا وغيرها من الدول الأوروبية متوجهة نحو حلول سياسية سريعة للأزمة السورية، وهي لا تبدي حرجاً في إطلاق مواقف رسمية في هذا الإطار خصوصاً ما صدر عن وزراء الخارجية في الدول الثلاث المذكورة وتأكيدهم ضرورة الحديث مع الرئيس الأسد.

ازمة اللجوء هي باب الحلّ السياسي في سورية، ومقبولية التعاطي مع الدولة فرضت نفسها كواقع لا يمكن تخطيه وإلا فإنّ الإرهاب والتطرف سينتشر في اوروبا، وهذا غير وارد…

فهناك بالنسبة إلى الغرب المرّ والأمرّ منه، والتراجع عن الأهداف المعلنة سابقاً ضدّ الرئيس الأسد أسهل من خسارة الأمن الذاتي الأوروبي.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى