اعتصامات متنقلة في العاصمة والإفراج عن الموقوفين مساءً

تحوّل وسط بيروت أمس إلى ساحة مواجهات بين عناصر قوى الأمن الداخلي والمعتصمين اعتراضاً على التئام طاولة الحوار، لكن الشعارات والهتافات التي رفعت من قبل المشاركين في الاعتصام، وُجّه مجملها ضد رجال قوى الأمن الذين أنيطت بهم مهمة حماية البرلمان، كما تلقوا العشرات من قناني المياه والمفرقعات، قبل أن يقدم عدد من الناشطين على تجاوز الحواجز الحديدية، ما اضطر عناصر مكافحة الشغب إلى ملاحقة الفاعلين واعتقلت عدداً منهم تم إطلاق سراحهم مساء.

وكان ناشطو الحراك المدني توافدوا إلى وسط بيروت تزامناً مع انعقاد جلسة الحوار الثانية في مجلس النوّاب، بهدف منع دخول أطراف الحوار إلى الجلسة، وفق ما أعلن القيمون على حملة «طلعت ريحتكم».

وبعد رشق البيض والزجاجات الفارغة وتوجيه العبارات النابية إلى القوى الأمنية، حاول بعض الناشطين إزالة العوائق الحديدية بالقوة للدخول الى مجلس النواب، ونجحت في ذلك جزئياً. وفي وقت استقدمت التعزيزات الأمنية إلى مكان الاعتصام، تكررت محاولات رفع العوائق، فتصدت القوى الأمنية للمحاولة وأوقفت عدداً من الشبان. ما أغضب المعتصمين الذين راحوا يصرخون واصفين قوى الأمن «بالشبيحة» وموجهين اليهم الشتائم، فما كان من عناصر مكافحة الشغب في قوى الأمن إلاّ أن تخطت في شكل مفاجئ الحواجز الحديدية، نحو المتظاهرين، على جولات متكررة، ولاحقت عدداً من الشبان والشابات، من أمام مبنى «النهار» حتى محيط تمثال «الشهداء» وجرت مواجهات بين الطرفين أدت إلى وقوع عدد من الاصابات.

في غضون ذلك، لفتت «طلعت ريحتكم» الى أن 38 شخصاً من ناشطيها ومن بينهم نسوة تم توقيفهم، ومعظمهم من القيمين على الحملة ومن بينهم مروان معلوف ومعروف الأسعد وعلي البطل وحسن شمص وإيلي كلداني. كما اعتقلت القوى الأمنية المضرب عن الطعام وارف سليمان بعد أن حاول القفز فوق الحواجز الحديدية، إلا أنه تم اطلاق سراحه بعد الظهر.

وكانت للصحافيين حصتهم من المواجهات حيث تعرض مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية» أنور عمرو لإصابة في يده جراء التدافع الذي حصل بين القوى الأمنية والمعتصمين.

ولفت أيضاً ظهور العنصر النسائي في قوى الأمن الداخلي للمرة الأولى منذ بدء حراك «طلعت ريحتكم»، وكان من مهامهن توقيف متظاهرات حاولن تخطي العوائق الحديدية، ولم تسلم نسوة قوى الأمن من وابل من الشتائم تعرضن له لدى مشاركتهن في عمليات التوقيف.

توضيح قوى الأمن

ووسط الهرج والمرج، وأمام إصرار عدد من المعتصمين على إهانة الأمنيين وتكرار عبارة «انتو بلا شرف»، معتبرين أنهم يحمون «الفاسدين» داعين إياهم الى الوقوف معهم بدل الوقوف ضدهم، أسفت القوى الأمنية لتعرض عناصرها المولجة حماية المتظاهرين وحفظ الأمن الى الضرب والشتائم من المعتصمين. وأفادت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أن عناصرها المتواجدة في وسط بيروت تعمل على توقيف الأشخاص الذين يعتدون عليها بالضرب ويقومون على حض المتظاهرين على عدم استعمال العنف وخرق الحواجز الأمنية. وأضافت عبر توتير أنه «عندما يتم خرق الحاجز والإعتداء على عناصر قوى الأمن الذي يشكل خرقاً للقانون، تضطر قوى الأمن للتدخل ليس للدفاع عن نفسها بل حفظاً للنظام». ونشرت على «تويتر» صوراً لعدد من العناصر الأمنية الذين أصيبوا خلال الصدامات مع المتظاهرين.

في المقابل، اتهم بعض الناشطين القوى الأمنية بالاعتداء عليهم وطالبوا بمحاسبة وزير الداخلية واستقالته، متحدثين عن إفراط في القوة ضد أبرياء لم يعتدوا على القوى الأمنية ولم يوجهوا إليها أي إهانات.

وبعد الظهر، وقبيل انتهاء جلسة الحوار، استعاد محيط «النهار» هدوءه، الا ان التوتر انتقل الى منطقة بشارة الخوري قرب اللعازارية حيث كان عدد من الناشطين يقطعون الطريق تضامناً مع المضربين عن الطعام. فشهدت المنطقة بعض الكر والفر أيضاً، وعمدت القوى الأمنية إلى تحويل السير. وفي وقت حضرت مجموعة من الشبان إلى المنطقة واعتدت على عدد من المعتصمين، أكدت قوى الأمن أنها تعمل على حماية خيم المضربين عن الطعام وخيمهم وعلى التحقق من هوية المعتدين وتوقيفهم.

وإثر ما شهدته التظاهرة من توقيفات، دعا عدد من الحملات الى اعتصام مفتوح في ساحة رياض الصلح ابتداء من «الآن»، احتجاجاً على ما حصل وللمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين. ورأت حملة «طلعت ريحتكم» ان ما حدث اليوم من «اعتداء وحشي على المعتصمين دليل واضح على ان السلطة السياسية ضاقت ذرعاً بمطالب المعتصمين، وهي ما عادت تتحمل الخطاب الذي يبثه الحراك بين المواطنين»، معتبرة ان «السلطة حاولت انهاء الحراك عبر الطريق الميليشيوية»، مشيرة الى ان «المماطلة من قبل وزير الداخلية نهاد المشنوق في محاسبة المسؤولين عن الاعتداء على الناس، والتضليل اللذين تنتهجهما قوى الامن الداخلي يهدفان إلى التأثير على الرأي العام».

وفي بيان لها دعت الحملة الى الاعتصام المفتوح في ساحة رياض الصلح إلى حين اطلاق سراح الموقوفين كافة من 22 آب الى اليوم، كما طالبت بعدم المس بحرية التعبير المكفولة من الدستور. وأكدت الحملة «إننا ذاهبون الى التصعيد لأنه عندما أعطينا فرصة للسلطة كي تحل القضايا التي طالبنا بها فشلت»، مشيرة الى أن «عدد الموقوفين أصبح 40».

وتوجه عدد من الناشطين الى محيط ثكنة الحلو للمطالبة بإطلاق من تم توقيفهم أمس نقلوا الى الثكنة المذكورة، وعددهم 35 وهم: ضياء هوشر، حكمت الأمين، سامر عبد الله، يوسف الجردي، أجود بو حمدان، مايا ارناؤوط، علي سليم، علي موسى، عدنان المقداد، خالد مرعي، علي حمد، حسين موسى، عباس اسماعيل، يارا الحركة، نضال ايوب، ماريا بو روفايل، حسين ناصر الدين، ديانا الحكم، ساره شكر، حنان سليم، عربي العنداري، محمد حيدر، نعيم الحسين، علي بصل، معروف الأسعد، نادين بوكروم، خالد أحمد، ايلي كلداني، بلال رسلان، هيثم عطوي، علي زهر الدين، احمد أمهز، خلدون جابر، مروان معلوف وحسن شمص.

ومساء أمس نفذ اعتصام آخر في ساحة رياض الصلح للمطالبة بالإفراج عن الموقوفين وبالفعل تم ذلك بقرار من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، وقد توجه المفرج عنهم إلى مكان اعتصام رفاقهم.

«أمل»

من جهة أخرى، أصدر المكتب الاعلامي المركزي لحركة «أمل» البيان التالي: «مرة أخرى، بالأمس اتهم حرس المجلس النيابي، واليوم حركة أمل، والمتهم الرئيسي هو الذي يعتدي على كرامات الناس عبر الشاشات، مما يحرك مشاعر الناس، لذلك، مع الاحتفاظ أمام القضاء المختص تجاه من وجه كلاماً نابياً بحق الأخ رئيس الحركة، نتمنى من الجميع الحفاظ على الهدوء وعدم الانجرار إلى الفتنة، علماً ان لا علاقة لحركة «امل» بما جرى».

عون

وفي سياق ردود الفعل على «مواجهات» العاصمة، غرّد رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون عبر تويتر قائلاً: «يحصد لبنان هذه الأيام نتائج ضرب العملية الديمقراطية ومنع اللبنانيين من التعبير عن إرادتهم في صندوق الاقتراع».

نقيب المحررين

وسجل نقيب محرري الصحافة الياس عون في بيان «للحراك الشعبي نجاحه في الاضاءة على مكامن الفساد في الدولة»، ورأى أن «على الحراك الشعبي أن يحصن نفسه ضد محاولات الاستغلال والتسييس من أي جهة أتت وأن يحافظ على سلميته لأن سلمية نشاطاته وتحركاته هي عنوان ديموقراطيته وسر قوته».

وإذ استنكر «أعمال العنف التي سادت التحركات وأوقعت إصابات بين المحتجين ورجال الامن وتعرض بعض الزملاء الذين كانوا يتولون تغطيتها للاعتداء والمعاملة الخشنة من قبل القوى الامنية وأحد أطراف الحراك»، دعا الدولة «بكل أجهزتها الى الانصات باهتمام وجدية الى نبض الشارع، واتخاذ التدابير الجذرية والحاسمة لحل كل المشكلات التي يعانيها المواطن اللبناني، قبل أن تكبر كرة الثلج ويصبح من الصعب لجم الشارع وما قد ينجم عنه من إنفلات يصعب التكهن بنتائجه».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى