هل يغامر نتنياهو ويقتحم المسجد الأقصى…

سعدالله الخليل

اقتحام متواصل للمسجد الأقصى ليس الأول من نوعه واعتداء متكرّر على حراسه وحملات اعتقال تستمرّ طوال الليل بحق المقدسيّين في عدة أحياء، انتهاكات ممنهجة تمارسها سلطات الاحتلال «الإسرائيلي» في ما يبدو خطة تتجاوز حدود موجة تصعيد عابرة للسير في تنفيذ مشروعها القديم الحديث بهدم المسجد الأقصى، فما يجري أسفل المسجد يفوق ما تشهده ساحاته، فأعمال الحفر أحدثت انهيارات خطيرة في أماكن مختلفة كمقدّمة لإسقاط المسجد بما ينسجم مع ما تتعرّض له مدينة القدس ككلّ إلى عملية تهويد منهجية بهدم المنازل، وتشريد سكان المدينة وتوسيع المستوطنات في القدس لإضفاء صبغة يهودية كاملة على المدينة.

يدرك رئيس حكومة الاحتلال الذي تردّدت أنباء عن نيته اقتحام المسجد بأنّ الظروف مواتية لتنفيذ مشروع أجداده وحلمهم القديم الجديد، وكلّ ما يجري في الساحة يقف في صالح المشروع اليهودي في الداخل والخارج الفلسطيني سواء اقتحم المسجد أو لم يفعل، ففي الداخل الفلسطيني تضيع الرؤية وبوصلة القوى الحقيقية في أماكن أخرى بعيدة عن المسجد الأقصى والمشاريع الفلسطينية الفاعلة على الأرض لا وجود للأقصى في خططها، فالسلطة الفلسطينية عاجزة عن حلّ مشاكل بيتها الداخلي والبت بشرعية منظمة التحرير الفلسطينية وغيرها من القضايا المستفحلة في الجسد الفلسطيني، فيما نجحت الجهود القطرية التركية بتدجين حماس وتحويلها إلى فصيل مهادن يألف التعايش مع المشروع «الإسرائيلي»، ويرضى بنصيبه من الوطن والأرض الغزاوية المشرّعة الأبواب على القاهرة، لتغدو القدس وأقصاها بالنسبة إلى حركة «المقاومة الإخوانية» شعاراً من شعارات النضال على المنابر، ولتلحق بركب خليجي جاهز للسكوت عما يجري والذهاب إلى التطبيع في السرّ والعلن مقابل ضمانات بقاء عروشهم تحت الوصاية الأميركية، والسكوت عن مشاريعهم القذرة في المنطقة التي تصبّ في خانة أبعد ما تكون عن المصلحة الفلسطينية.

حين قالت سورية إنّ ما تشهده المنطقة من ربيع مفترض لا يصبّ في خانة مصالح الشعب الفلسطيني ولا قضيته، انبرى صانعو الثورات إلى الهجوم عليها، واتهموا سورية بالتستر وراء القضية الفلسطينية لتغطية عجز داخلي عن احتواء ما تواجهه في الداخل السوري، وحين أطلّ العدو «الإسرائيلي» في المشهد العربي من الأبواب سارعت تلك الأصوات إلى الإيحاء بأنّ المنطق يفرض لأيّ طرف استغلال الظروف المواتية لضرب قوى أعدائه، ومع بدء قوافل المهاجرين الفلسطينيين بالخروج من سورية ولبنان مراكز الثقل الأكبر في الشتات الفلسطيني، بدا واضحاً أنّ حق العودة بات في مهبّ الريح كون المدافعين عنه أصبحوا في عداد المواطنين الأوروبيين، ولعلّ قرار منظمة الأونروا تقليص مساعداتها والحديث عن وقفها خلال السنوات الثلاث المقبلة يكشف جانباً مما يحضر في الكواليس للقضية الفلسطينية.

ما يجري في القدس يرفع الصوت عالياً لإطلاق انتفاضة فلسطينية ثالثة من بوابة الأقصى التي فجرها الشعب الفلسطيني بدخول رئيس وزراء العدو الأسبق أرييل شارون إلى باحة المسجد الأقصى وأوقفتها اتفاقات أوسلو التي خرج منها الشعب والسلطة بخفي حنين وأمام ضبابية المشهد الفلسطيني ومأساوية المشهد العربي ثمة تفاؤل بأنّ يتمكن الشعب الفلسطيني من قول كلمته ويفجّر ما بداخله في ربيع فلسطيني حقيقي، فهل يفعلها نتنياهو ويطلق شرارة الربيع الفلسطيني كما فعل في بلدان الشتات؟

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى