بين «قوارب مميتة»… وحدود مغلقة… أين يقع اللاجئون؟

فاديا مطر

لم تغادر قصة مراكب الموت سابقاً أزقة المؤسسات الدولية والإنسانية، لتقع تحت ثقل كاهل القدوم المكثف للمهاجرين إلى أوروبا، فبعد المرور عبر البحر الذي أبتلع مئات الضحايا يكمن سر العبور عبر الحدود في عدد المهجرين ومن يتعاطى مع القضية في شكلها المادي الخالي من الإنسانية، لتكون بريطانيا من الدول الأوروبية التي توزع على أعضاء مجلس الأمن مسودة قرار يُجيز تنفيذ عمليات أمنية بحرية قُبالة السواحل الليبية لضبط قوارب تقل مهاجرين غير شرعيين في 16 أيلول الجاري، فيما أوضح الدبلوماسيون الغربيون أن أعضاء مجلس الأمن قد يصوتون عليها الأسبوع المقبل خلال جلسة لمناقشة أزمة الهجرة غير الشرعية التي أقرت الشرطة الأوروبية بأحتمال ضلوع 30 ألف شخص في نشاط تهريب البشر من طريق نقلهم في «قوارب الموت» إلى الدول الأوروبية مقابل مبالغ مالية ضخمة، فأوروبا التي تشهد أسوأ أزمة لجوء منذ الحرب العالمية الثانية قامت بعض دولها بإفراغ جام غضبها على المهاجرين باستخدام القوة كما فعلت هنغاريا في بلدة «روز سكي» الحدودية مع صربيا في 13 أيلول الجاري بعد انتظار لاجئين لساعات بغية ركوبهم حافلات أرسلتها السلطات الهنغاريا لنقلهم إلى النمسا، والمثال الهنغاري ليس وحيداً بل يمكن تعميمه على الكثير من الحدود الأوروبية التي يقف على عتبتها لاجئين خارج عدسات وأقلام الإعلام بعد فشل الاجتماع الطارئ في بروكسيل في 23 نيسان المنصرم لبحث توزع اللاجئين على دول الاتحاد الاوروبي، ليكون البديل إقناع دول أوروبا الشرقية باستقبال اللاجئين تعبيراً عن التضامن الأوروبي المشترك، والذي عبرت عنه «المجر» بعد أغلاقها للحدود وما جرى من تراشق بالحجارة وإلقاء

الغاز المسيل للدموع بعد النجاح لبعض المهاجرين بانتزاع سياج معبر «روز سكي» الحدودي أملاً بالوصول الى دول اوروبية غربية، فيما أعلنت كرواتيا فتح حدودها في 16 أيلول الجاري ليسجل وصول 4 آلاف لاجئ خلال 24 ساعة مضت وإعلان «زغرب» استعدادها لاستقبال اللاجئين أياً تكن دياناتهم ولون بشرتهم ليتم نقلهم إلى الجهات التي يرغبون في الوصول إليها، لكن رئيس وزراء المجر «فيكتور أوربان» كان قد حذر في صحيفة ألمانية منذ أيام أن اللاجئين يهددون «الجذور المسيحية» للقارة الأوروبية فهو موقف يضع أسئلة كثيرة عن البدائل التي تدرسها أوروبا لحل هذه القضية المتأزمة، إبان ما أعلنه الأمين العام للأمم المتحدة «بانكي مون» في 16 أيلول الجاري أن معاملة اللاجئين في هنغاريا «غير مقبولة» بعد فرض هنغاريا قوانين جديدة للحد من تدفق اللاجئين إليها وحدوث اعتقالات لأكثر من 250 لاجئاً دخلوا البلاد بطريقة غير شرعية، فمع غياب الرؤية العربية الواضحة لهذه الأزمة يقف الاتحاد الأوروبي والمؤسسات الدولية المعنية أماكم إيجاد بدائل حقيقية تنقذ من بقي بلا غرق أو يقف على الشرائط الحدودية للدول الأوروبية أو ينتظر أحد المصيرين، فلم تسعف الموقف قمة 23 نيسان المنصرم التي أعلن عنها رئيس المجلس الأوروبي «دونالد توسك» ولا تحرك مجلس الأمن والمنظمات الإنسانية لأن قوارب الموت لا تزال تبحر من بحر «الربيع العربي» الذي تقف أوروبا خلف بعض جدرانه لتتموضع بدائل هي قيد الدراسة الأوروبية أحدها أمام ما قاله مفوض الحكومة الالمانية لشؤون حقوق الإنسان كريستوف شتريسر بمنح تأشيرة الدخول الإنسانية للاجئين الذين لم تكن السياسة الأوروبية «كافية» لهم ولكنها أفضل من السياسة العربية «غير الواضحة»، أم ان كلام الرئيس بشار الأسد للصحافة الروسية في 16 ايلول الجاري يمكن له أن يكون توصيفاً ثانياً للدراسة المستترة في أوروبا بعد أن قال: «إن من يبكي على اللاجئين بعين … يصوب عليهم رشاشاً بالعين الأخرى» فهي إشارة لدعم الإرهاب في سورية من قبل مورديه، فوقف التمويل والتسليح للإرهاب يمكن له أن يكون بداية لحوار مع الحكومة السورية التي أكد رئيسها في نفس المقابلة ان «الغرب القلق على اللاجئين يجب أن يتوقف عن دعم الإرهاب، فهذا ما نعتقده في ما يتعلق في هذه الأزمة وهذا جوهر قضية اللاجئين»، ليكون كلام الرئيس الأسد بوصلة لمن يريد التوجه لحل سياسي في سورية بدل البكاء على المصائر، وهو أقرب الطرق للحل السياسي المندرج تحت الدراسة، فلا يمكن أن يكون من هو مع الإرهاب واقفاً في الصف الأول لمكافحته، وهو الذي انتج «قوارب الموت»!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى