حقنا وحقّهم!
روى الشيخ سعيد تقيّ الدين أنه في إحدى زياراته إلى إيطاليا التقى أحد رجال الأعمال، وحين عرّفه بنفسه وبأنه من بيروت، قال له الرجل مبتسماً: أنت من البلاد التي يجرّون فيها السجّادة إلى الشرفة و«يدقوها قتلة»!
وأنا، عندما كنت في ألمانيا منذ سنوات مضت، التقيت ممرضة لدى طبيب عيون ألمانيّ. وعندما تعارفنا وأخبرتها أنّني من سورية، ظهر تعبير جميل على محيّاها وقالت لي: «أنت من بلاد الآنتيكا والآثار ومعلولا وتدمر». أما الطبيب، حين عرف أنني من سورية، فقال لي: «أنت من بلاد دكتور العيون بشار الأسد، أنت محظوظة!». فسألته: «لماذا تعتبرني محظوظة؟». فقال لي: «غالبية البلاد العربية يحكمها أمّيون في السياسة وعبيد للغرب. ولهذا، أنتم محظوظون لأنّ رئيسكم رجل ذكيّ وحرّ، حتى لو قالوا إنه ديكتاتور». قلت حينذاك: «من يقول عن رئيسنا أنّه ديكتاتور، هو بكل بساطة أحمق وحاقد».
لا أدري ماذا ستقول تلك الممرضة العجوز الآن بعدما ترى طوابير اللاجئين يقدّمون أسوأ صورة للسوريين. وهل ستبقى تذكّرنا بتدمر التي استباحها الحقد ودمّرها التطرّف والجهل والطمع!
للأسف، لم نعد اليوم نُذكر بالآثار والتاريخ، إنما أصبح العالم يعرف سورية لأنها بلد حرب ودمار، ومن أخطر البلدان التي يمكن التواجد فيها.
بعدما كانت مقصداً للسياحة والتغزل بشروق الشمس في تدمر، وعظمة معلولا وروعة قلعة حلب. أصبحت مقصداً للسياحة الجهادية التي ترى في آثار سورية كفراً، وفي تماثيلها دريئة للتصويب، وفي مسارحها احتفالات بمجازر جماعية، وبساحاتها مكانا ًللتمرين على قطع الرؤوس، وفي قلاعها أماكن مناسبة لتمركز القناصين وإطلاق الصواريخ وقذائف الهاون. وفي كنائسها القديمة تجسيداً للزندقة، وفي مساجدها أماكن لتخزين السلاح وبث الفتنة.
حقّ العربان ملوك الرمال وسكان مدن الملح أن يحقدوا علينا وأن يتمنّوا زوال سورية من الوجود بكل ما تجسّده. حقهم وهم يعلمون أن تاريخ قلاعنا أقدم من تاريخ ممالكهم. فلا عتب على من كان ماضيه كلّه عبارة عن مذابح ومجازر واغتصاب وغدر، أن يكون حاضره استمراراً لمسيرة السفالة والقذارة وتشويه القيم والأخلاق وتحريف كلام الله والمتاجرة بالدين والبشر.
حق ملوك النفط وأمراء الغاز وعبيد آل صهيون أن يجنّ جنونهم ويطير صوابهم. وأن يحاولوا بكل قوتهم إزالتنا من الوجود، وهم يعرفون أن كلّ ثرواتهم لم تشترِ لهم الرجولة وهم المخصيون. ولم تعطهم الاحترام وهم أسفل السافلين. حقهم وهم يعرفون أن وجودنا تذكير لهم بأنّهم مخلوقات لا ترقى إلى مستوى إنسان، وأنهم مهما حاولوا الارتفاع سيرتطمون بنعال السوريين. وحقنا أن نفاخر بجذورنا وتاريخنا. وحقهم أن يحاولوا تدميره بأي طريقة لكي تنقص أسباب ذلّهم. وحقنا أن نزيد هذا الذلّ والهوان ونجعلهم يرجعون إلى حظائرهم علّهم يفهمون أننا أفضل من كتب التاريخ، وأننا شعب أتقن عبر التاريخ تنظيف بلاده من كل القاذورات برميها خارجاً، أو جعلها عصفاً مأكولاً وهذا مصيرهم. دخلوا بلادنا على أقدامهم حاملين حقدهم، وعار علينا أن يخرجوا إلا جيفاً إلى المزابل.
صباح سورية تاريخاً مشرفاً وحاضراً مقاوِماً ومستقبلاً يكتبه الشهداء بدمائهم… صباح الجيش السوري المغوار.
وفاء حسن