أوروبا تسعى إلى فرض حل إسلامي في ليبيا
على مدى أشهر عدة يحاول المبعوث الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون فرض صيغة أوروبية للإسلام السياسي على الواقع الليبي.
وعلى رغم اللقاءات العلنية والسرية بين المبعوث الأممي والدبلوماسيين وعناصر الاستخبارات الأوروبية من جهة، وممثلي الحكومة المعترف بها دولياً إلى جانب ممثلي قوى الإسلام السياسي والجماعات المسلحة من جهة أخرى، تتأرجح التسوية بين رغبة الأطراف الأوروبية، وواقع الصراع في ليبيا.
لقد كثرت التصريحات المتفائلة للمبعوث الأممي بالاقتراب من تسوية، وهو ما وصفه المراقبون بالمخدر الأوروبي عبر التلويح بحل إسلامي سياسي في ليبيا. ومع التوصل إلى شبه اتفاق، كما أعلن برناردينو ليون، بين الحكومة الليبية المعترف بها دولياً وبقية الفصائل المسلحة، لم تظهر أي نتائج إيجابية للقاء الصخيرات الأخير، حيث رفض ممثلو الحكومة الليبية المعترف بها دولياً تعديلات مسودة الاتفاق. وهددوا بسحب ممثليهم من المحادثات التي يرعاها ممثل الأمم المتحدة.
الطرف الأوروبي يحاول إبعاد شخصيات بعينها من الحكومة المعترف بها دولياً عن المشهد السياسي، مثل اللواء خليفة حفتر الذي يقود القوات التابعة لتلك الحكومة في مواجهة الإرهاب. ويسعى أيضاً الى فرض تعديلات على اتفاق الصخيرات، على رغم أن برناردينو ليون أعلن بنفسه أنه لن يتم المساس بمسودة الاتفاق السياسي أو تعديلها. ولكن يبدو أن الأوروبيين يرون أفضل من الليبيين أنفسهم، وأفضل بكثير من الحكومة الليبية المعترف بها دولياً. إذ قام المبعوث الأممي بإجراء تعديلات تتضمن إنشاء مجلس أعلى للدولة يضم 145 عضواً، منهم 135 من المنتمين للإسلام السياسي والموالين له في طرابلس، أو ما سماهم ببقايا المؤتمر، و11 عضواً يختارهم رئيس المؤتمر.
التصريحات المتفائلة للمبعوث الأممي برناردينو ليون تثير الكثير من التساؤلات، حيث أكد يوم الأحد 13 أيلول الجاري على حدوث توافق في الآراء في شأن البنود الأساسية، مشيراً إلى أن الأطراف توافقت على 8 نقاط من أصل 9. غير أن الواقع يثبت عكس هذه التصريحات تماماً. وأعلن مندوبو الحكومة المعترف بها والبرلمان المنتخب أنهم سحبوا فريقهم للتشاور في شأن تلك التعديلات المقترحة.
الانطباع السائد حول ما يجري في شأن المفاوضات والمحادثات برعاية المبعوث الأممي والدبلوماسيين وعناصر الاستخبارات الغربية يشير إلى أن هناك شكلاً من أشكال المماطلة والتسويف في انتظار تسوية ملفات أخرى قد تكون بعيدة من ليبيا، ومن منطقة شمال أفريقيا. فالتصريحات المتناقضة للمبعوث الأممي، ورفض الولايات المتحدة والدول الأوروبية السماح بتوريد الأسلحة إلى الجيش الليبي التابع للحكومة المعترف بها دولياً، يعكسان رغبة الغرب في تأجيل أي تسوية ليبية، على رغم تصريحاتهم التي يشتكون فيها من تمدد «داعش» وانتشاره في الأراضي الليبية، واستفحال أزمة المهاجرين غير الشرعيين التي تحولت إلى مأساة دولية يحاول الغرب استثمارها في ملفات أخرى.
الغرب لا يزال يرى أن ما يسمى بـ «الإسلام السياسي» المسلح جيداً، قادر على المشاركة في السلطة. وربما يعود ذلك إلى تعهدات قطعتها الدول الأوروبية لزعماء وقادة هذا التيار، أثناء وجودهم على أراضيها، بدعمهم حتى النهاية، وبصرف النظر عن أي تغيرات أو تحولات داخلية أو إقليمية.