أردوغان يضرب خصومه ويتفرد بحزب العدالة والتنمية
هدى رزق
شبه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شعوره تجاه حزب العدالة والتنمية، بشعور الأهل تجاه أولادهم، وسط تقارير تفيد بأن الرئيس الذي يحتم عليه الدستور التركي الحياد قام بتشكيل الحزب الذي عقد مؤتمره في 12 أيلول، لكنه برر مشاركته في مقابلة متلفزة. وأوضح أنه يرى تدخله طبيعياً بسبب قناعته بأنه القائد المؤسس للحزب، وليس واحداً من المؤسسين. هو من ألف الحزب، وهو الشخصية الأساسية التي جمعت المؤسسين ومارست جهداً لكي يتم تأليف هذا الحزب، في تبرير واضح لانقلابه على أصدقائه.
لكنه لم يصرح بأنه قام بعملية تطهير داخلية للحزب في 12 ايلول، معتقداً أنه كلما كان هناك انسجام في مكونات الحزب الأساسية كلما كانت فرص النجاح في انتخابات 1 تشرين الثاني أكبر، ما سيمكنه من ممارسة صلاحيات مكثفة من دون اللجوء إلى تعديل الدستور.
أبعد عن «المجلس التنفيذي وصناعة القرار» كل المقربين من عبدالله غول وبولنت أرينش شريكيه في تأسيس الحزب كما جرى إبعاد باباجان وهو الذي يعتبر من الاقتصاديين المفضلين للتعاطي مع الغرب. اختار تسمية الخلص لسياسته فقط. وحده داود أوغلو كان المرشح الوحيد الذي أعيد انتخابه في قيادة الحزب. لقد جرى تجاهل اللائحة التي كان قد أعدها قبل أن يلتقي أردوغان، الذي كان قد أوعز لوزير النقل بينالي يلدريم الترشح أيضاً لرئاسة الحزب قبل المؤتمر. لكن الرسالة كانت واضحة لأوغلو الذي فهم ولم يتمسك بلائحته وإن أنكر ذلك في ما بعد. لا معارضين لرؤية أردوغان السياسية من بين الخمسين عضواً المختارين كما أن اسم صهره كان من الأسماء البارزة في التركيبة الجديدة. وفيما يحاول الرئيس تأكيد أن تركيا تعيش ديمقراطية لا أوتوقراطية، كما يدعي خصومه الذين يعتقد جازماً أنهم يريدون إعطاء فكرة للخارج بأنه يعطل الحياة الديمقراطية، أشار الى حزب العمال الكردستاني الذي استعاد عملياته الإرهابية بعد توقف دام ثلاث سنوات وإلى «الدولة الموازية» أي إلى مريدي الداعية فتح الله غولن بالمشاركة في دعم الإرهاب، واعتبر أن الإعلام يخدم خصومه ويروج للإرهاب.
أتت هذا التصريحات بعد يوم واحد من فتح تحقيق حول اتهام مجموعة «دوغان» مالكة «سي أن أن تورك» وجريدة وموقع «حريات» «بتشجع الإرهاب». بعد أخذ المحقق العام بادعاءات صحف مقربة من السلطة.
في اليوم نفسه تمت محاصرة مركز مجموعة «بويداك» في مدينة قيصري في إطار حملة ضد «الغولينين» طاولت 11 شخصاً منهم أكاديميون وإداريون جامعيون. هذه المجموعة التي يترأسها ممدوح بودياك مع سبعة مدراء تنفيذيين تعتبر من أهم المجموعات الصناعية التي تعمل منذ نصف قرن في مجال الصناعة والطاقة والمال. الأمر الذي حمل مجموعة «توسياد الصناعية» وهو نادي كبار رجال الأعمال في تركيا على عقد مؤتمر صحافي، دعت فيه الى احترام الديمقراطية ورات أن البلاد تنغمس في جو من التراجع الاقتصادي والمالي وطالبت بالإفراج عن «بودياك» الذي تم إطلاق سراحه واثنين من المدراء مع الاحتفاظ بحق إعادة التحقيق معه.
أصبح الأمر واضحاً يريد أردوغان أن يقاتل من أجل البقاء في الحياة السياسية عبر تصديه لمعارضيه سياسياً وإعلامياً. يهاجمهم ويتهمهم بالإرهاب عبر الصحف الموالية له يتظاهر مؤيدوه ضد وسائل الإعلام المعارضة ويرشقونها بالحجارة ويهددونها بالإقفال. يبدو وكانه قرأ مواقع القوى السياسية التي أسقطته، وقرر محاربتها بوسائل الدولة التي يسيطر عليها، من أجل تشتيتها استغل الحملة ضد الكردستاني لضرب الخصوم أما مؤيدوه فهم يهاجمون الاكراد العزل في وضح النهار وينهبون متاجرهم، ما حمل زعيم الحركة القومية دولت بهشلي على شجب الاستقطاب الحاد وتصاعد موجة العنف وشدد على أن الأكراد هم جزء لا يتجزأ من الأمة التركية، وناشد مؤيديه بوجوب التمتع بالحس السليم، وأكد أن الهجمات التي تستهدف الأكراد هي من صنع مجموعة تسمى «المواقد العثمانية» ولا علاقة لحزبه بها بل اتهمها بالارتباط مباشرة بأردوغان وقصره وأنها تستعمل إشارة «الذئب الرمادي» التابعة لحزب الحركة القومية للتمويه على أعمالها.
يهاجم أردوغان اليوم الليبراليين الأتراك الذين دعموا حزب العدالة والتنمية عام 2001 وأعجبوا بالتحول الذي قاده مع غول وارينش بعدما اعتقدوا أنه يضرب الوصاية العسكرية بواسطة الليبراليين المسلمين والمحافظين الديمقراطيين وراهنوا على تركيا الديمقراطية المتقدمة. لكن تظاهرات حديقة غزي وضعت حداً لهذا الحلم، وقادت الى انفكاك عقد تحالفات حزب العدالة والتنمية مع جماعة الداعية فتح الله غولن التي استغل أردوغان مكانتها في القضاء والشرطة من أجل إخراج الجيش من السياسة، وهو يحاول القضاء عليها بعدما استخدمها وخبر مواطن قوتها. فيما انفك عنه أخيراً المتدينون الأكراد الذين وقفوا الى جانبه ضد أكراد اليسار في الدورات الانتخابية كافة.
يخوض أردوغان حربه اليوم ضد كل هؤلاء الذين شكلوا تحالفات العدالة والتنمية ومكنوه من الحكم 12 سنة. فهل سيتمكن بفضل التركيبة الحزبية الجديدة من حكم تركية لفترة أطول؟