القمة الأوروبية بين فرنسا وألمانيا
تستعدّ أوروبا لعقد لقاء قمة تحت ضغط تدفق اللاجئين السوريين إلى عواصمها، حيث تولت ألمانيا استقبال النصيب الوافر منهم، وحيث الصوت الفرنسي بقي الوحيد المنادي بالخطاب الخشبي لما قبل سنوات، فدعا الرئيس فرنسوا هولاند إلى تشديد الغارات داخل سورية ضد «داعش»، بينما التقارير الأمنية الأوروبية تتحدث عن عبثية غارات التحالف في إضعاف «داعش»، وعن المردود العكسي للغارات دون حرب برية لا يملك التحالف فرصها لا بجيوشه ولا بحلفائه، ولا خصوصا برهاناته على ما يسميه بـ«المعارضة المعتدلة»، والتقارير الأوروبية ذاتها تقول إنّ الحوار مع الدولة السورية صار ضرورة لتنسيق الجهود لضرب الإرهاب، لأن الجيش السوري هو القوة البرية الوحيدة التي تقوم وتقدر أن تقوم بهذه المهمة، ولأن روسيا اللاعب الرئيسي في سورية من الدول غير الإسلامية قادرة على التعاون لتسهيل المهمة، فتدعو التقارير إلى المزيد من التنسيق الأوروبي الروسي حول سورية.
يتابع هولاند تكرار الوصفات القديمة فيضيف إلى الغارات المنتهية الصلاحية، التعاون مع تركيا كأساس للخطة الأوروبية، بينما يعلم الأوروبيون وخصوصاً المانيا أنّ اساس المشكلة هي تركيا، وان دعوات هولاند هي محاولة لإبتزاز تركي لأوروبا مجددا تحت شعار السير بالمنطقة العازلة وإلا تلقي المزيد من المهاجرين.
نجحت ألمانيا بردّ الكرة التركية التي يحملها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى القمة الأوروبية، بالدعوة إلى حلّ قضية اللاجئين السوريين وفقاً للوصفة التي تقدّم بها الرئيس التركي ورئيس حكومته، والتي تقوم على دعم الغرب عسكرياً لحكومة «الإخوان المسلمين» في أنقرة، لإقامة منطقة حظر جوي على عمق أربعين كيلومتراً داخل الحدود السورية الشمالية، تتعهّد تركيا بتأمين ملاذ آمن فيها للاجئين السوريين مقابل تمويل أوروبي للعملية، وكان الجواب الألماني وفقاً لديبلوماسيين أوروبيين اتهاماً لتركيا بالتورّط في دفع اللاجئين إلى غزو أوروبا رداً على رفض التورّط في حرب مفتوحة في سورية ستجلبها المنطقة العازلة، التي لن تحقق أيّ شيء في مواجهة الإرهاب ولا في مستقبل سورية، وترتبط بأجندات خاصة بالحزب الحاكم في تركيا واستحقاقاته الانتخابية، مضيفة بلسان المستشارة أنجيلا ميركل أنّ أوروبا يجب أن تكون مستعدّة لتمويل استيعاب اللاجئين في بلدان الجوار لسورية كتركيا ولبنان والأردن إذا أبدت حكومات هذه الدول استعداداً للتعاون.
القمة الأوروبية التي تستعد لقرار توزيع أعباء اللاجئين على بلدانها، فتحت الباب على البحث السياسي في كيفية وقف النزيف السوري للمزيد من موجات اللجوء عبر الدفع باتجاه روزنامة ميسّرة لجنيف تقوم على تحييد الرئاسة السورية من التداول المشروط للحلّ، واعتبار البحث بالرئاسة السورية من مندرجات ما بعد الحكومة الموحدة بين الموالاة والمعارضة من ضمن العملية الديمقراطية التي يجب أن ينتجها الحلّ السياسي، الذي يجب أن يقوم على عنوان مشترك هو الحرب على الإرهاب، وهذا هو المناخ الذي كانت إشاراته قد بدأت من أسبانيا والنمسا وبريطانيا وتوّجته ألمانيا.
في أوروبا سياستان وزعامتان، واحدة تصعد وبيدها الحلول وواحدة تشيخ وبيدها صنعت المشاكل، ولن ينسى العالم صورة وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس وهو يصافح زعيم داعش حاليا في ليبيا مهدي الحاراتي على الحدود التركية السورية على رأس جماعات مسلحة ودون حرج يقول فابيوس هؤلاء هم ابطال الحرية، بينما تقف اليوم أوروبا تتلمّس نتائج السياسات الحمقاء والغبية وتسعى لترتيب أوراقها من جديد خصوصا بعد التفاهم النووي مع إيران والمتغيّرات الروسية العسكرية في سورية لتقول إنّ طريق استقرار سورية وأوروبا واحد ويبدأ من حيث تحدث وزير خارجية أسبانيا بالانفتاح على الرئيس السوري بشار الأسد.
«توب نيوز»