«إخوان» اليمن والرهان الأخير…
علي القحوم
من يتابع مجريات الحوادث على المستوى المحلي أو العالمي يجد أن أميركا ودول الاستكبار أرادت إدخال المنطقة في دوامة لا نهاية لها، وفي حالة فوضى لا يستقرّ أي بلد حتى يناله نصيبه منها… وفي اعتقادي أن الدفع بالورقة التكفيرية أميركية الصنع في هذه الظروف يؤكد أن أميركا باتت تلعب بالورقة الأخيرة التي ستحرقها وتدمّر إمبراطوريتها التي بنتها طوال السنوات الماضية… فما يحصل في سورية خير دليل على تقهقرها وفشلها، ما أدى في آخر المطاف إلى أن تكون النتائج عكسية عليها، فانهارت أدواتها وعملائها والتي كانت مؤمّلة بأنها ستستطيع من خلالهم إعادة رسم الخريطة الجيو ـ سياسية للمنطقة مروراً بمصر وليبيا وتونس واليمن وسورية والعراق وأفغانستان وفلسطين. لكن ما حصل أن سورية صمدت أمام أعتى الحروب والتكالبات وباتت قاب قوسين أو أدنى من إعلان النصر المظفر وتطهيرها من رجس أميركا وأدواتها القذرة لتصبح سورية حرة عزيزة لم تخضع أو تستسلم للأعداء. أيضاً قيصر الروم، يقف بقوة في وجه أميركا قائلاً لها انتهت سياسة القطب الواحد وعليكم إعادة النظر في سياستكم الخارجية. إيران أيضاً تفاوض هنا وتقايض هناك، وباتت تتحرك مثل لاعب إقليمي محترف يملك حقاً في التحرك وفصل الخطاب… ليكون بعد ذلك سقوط «إخوان» مصر والتغيير في قطر والحراك الشعبي في تركيا والحريق في ليبيا وإغراق العراق مجدداً في ظلمة التكفير. وظهور صراع الأجنحة في المملكة السعودية وإقحام بلدنا اليمن في هذه المعمعة، بخاصة بعد الفشل الأميركي في سورية. هنا الأوراق تتناثر ويسعى الأميركي مجدداً إلى إعادة ترتيبها لكن من دون جدوى.
في المقابل، شهدت اليمن تحركات لعناصر التكفير مرفودة بالدعم المالي والسلاح والتسهيل والتمكين، مروراً بما جرى في كتاف وحوث ودماج وحرض… وكيف سلمتهم القيادة «الاخوانية» وبخاصة العسكرية النقاط العسكرية وزودتهم السلاح والتسهيل والمعلومات… ولم يكن ذلك خافياً على أحد. وبعدها تقهقرت العناصر التكفيرية من تلك المناطق هربت إلى مدينة عمران، واحتضنها القشيبي وبات مقر اللواء 310 مأوى للتكفيريين، وسمح لهم ببناء التحصينات المسلحة، والكارثة أنهم يلبسونهم لباس الجيش. ويمارسون العدوان على أبناء مدينة عمران، وإذ لم تتحرك الحكومة ولم تقم بواجبها قام أبناء عمران بحراك سلمي للمطالبة بإخراج العناصر التكفيرية وإقالة قيادة المحافظة الأمنية والعسكرية والمحافظ. بعد ذلك مارست العناصر التكفيرية الاعتداءات وحصل ما حصل. في اعتقادي أن القرار الجمهوري الأخير حول تغيير محافظ عمران كان خطوة جيدة، ويؤمل من المحافظ الجديد ألاّ يقع في الفخ ويسقط في المستنقع ويصبح تحت هيمنة قوى النفوذ في عمران.
بالتالي، هذه الخطوة قد تساهم في حل مشكلة عمران وتفوّت الفرصة على تجار الحروب ومصاصي الدماء مثل المجرم علي محسن الأحمر. والقيادات العسكرية المنشقة التي تسعى إلى دحرجة الحوادث إلى مناطق أخرى لتتسع ثم تدخل الدولة في إحراج ويزج بها في حرب سابعة ومن خلالها يتم توريط هادي ويكون في الواجهة وفي النهاية يتبرّأون منها مثلما فعلوا سابقاً. لذلك، لا بد للعقلاء في الدولة والرئيس اليمني نفسه من تفهم ما يحصل في عمران لأنه أمر خطير جداً وتمادٍ ضدّ المؤسسة العسكرية ولعب بمقدراتها ومخازنها وتوظيفها في مشاريع خارجية وحزبية. فالمجرم علي محسن الأحمر مع قيادات «الإخوان» المفلسين هم منخرطون في المشروع التكفيري التدميري الأميركي الذي ضرب المنطقة واليمن. هم منذ البداية يجندون ويرسلون المئات إلى سورية عبر دول خليجية، وعبر تركيا. نراهم اليوم بعد فشل المشروع التكفيري الأميركي في سورية يوجهون أنظارهم إلى اليمن. لا سيما أن تلك العناصر أعلنت قبل فترة أنها ستنتقل إلي اليمن، وهذا أمر خطير سيدفع بالبلاد إلى الهاوية إذا لم يحصل تنبّه إليه وتحرّك جدّي ضد المشروع الشيطاني. ألوف التكفيريين وعناصر الاستخبارات المسماة بـ«القاعدة» تتوافد إلى عمران وأرحب وضروان، والى العاصمة صنعاء نفسها. يمنحون التراخيص لحمل السلاح ويسهّل لهم الدخول والخروج ويُزوّدون الأسلحة من مخازن الجيش ويعطونهم زي الفرقة سابقاً، وهذا خطير ولا بد لوزير الدفاع والرئيس من التنبه إليه والحد الفوري من هذه التجاوزات التي تقوم بها بعض القيادات العسكرية المنشقة… فالشعب اليمني لن يظل مكتوفي الأيدي أمام ما تفعله العناصر التكفيرية والأجنبية، ولن يسمح بتكرار السيناريو السوري أو العراقي، وعلى الدولة القيام بمسؤوليتها الكاملة حيال هذا المخطط الخبيث الذي من خلاله تريد أميركا ودول الاستكبار العالمي احتلال اليمن وفرض هيمنتها عليه وإغراق أبناء الشعب اليمني في فتن وصراعات داخلية لا نهاية لها، فيما هم يقضمون الأرض وينهبون الثروات ويغذون المخططات والمشاريع التي تغرق اليمنيين علماً أن ثمة صحوة إسلامية ويقظة وتحرّك ضدّ المحتل من خلال الحراك الشعبي الكبير، فالأميركيون لا يدخلون أي بلد قبل أن يسبقهم عملاء يهيّئون ويروّجون ويعملون بإخلاص، وعندما يحرق «الكرت» بسرعة تتخلص أميركا منهم. وهذا ما تقوم به قيادات «الإخوان» المفلسين في اليمن، إذ باتوا مأجوري أميركا يعملون جاهدين وبإخلاص مع العدو الأميركي مقابل وصولهم للسلطة وتفرّدهم بها مثلما فعل «إخوانهم» في مصر… وفي اعتقادي أن المصير هو نفسه، لن يتحقق لهم شيء، وسينهارون مثلما انهار «إخوان» مصر والأيام المقبلة كفيلة بكشف ذلك، وما هو على الله ببعيد.
alialsied gmail.com