ملتقى تضامنيّ للدفاع عن الأقصى والأسرى في سجون الاحتلال
لورا محمود
ما زالت أعين الصهاينة شاخصة نحو المسجد الأقصى لإزالته وبناء الهيكل المزعوم مكانه. فقد حاولوا مرّة تلو الأخرى تهويده وهدمه بأعمال الحفر المستمرة، والاعتداء عليه مرة بالحرق ومرة بتفجير بعض أجزائه. وقد وصل عدد المنظّمات الصهيونية التي أنشئت لهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل، إلى أكثر من عشرين منظمة.
ومؤخّراً، تعرض مسجد الأقصى لعدد من الانتهاكات الصهيونية، عبر اقتحام باحاته واستخدام الأسلحة لمواجهة الفلسطينيين العزّل المرابطين لحمايته. وكذلك، يتعرّض الأسرى الفلسطينيون للتنكيل والضرب والقمع وسط إضراب بعضهم عن الطعام.
لهذه الأسباب كلّها، وللتعبير عن التضامن مع الأقصى والأسرى، أقامت فصائل المقاومة الفلسطينية ملتقى للدفاع عن المسجد الأقصى وعن الأسرى في سجون الاحتلال، وذلك في مقر المجلس الوطني في دمشق، بحضور عدد من ممثلي القوى والفصائل والهيئات والفاعليات الفلسطينية والسورية.
وأكد أمين سرّ تحالف فصائل المقاومة الفلسطينية خالد عبد المجيد أنّ ما يجري في القدس من محاولات لاقتحام المسجد الأقصى، نعتبره من أخطر الخطوات التي يقوم بها الكيان الصهيوني، مستغلاً الظروف التي تعيشها المنطقة، لفرض أمر واقع على الفلسطينين، خصوصاً على مدينة القدس وعلى المسجد الأقصى، وأيضاً على كلّ المقدّسات الإسلامية والمسيحية. لذلك، نعتبر أن اللقاء الوطني اليوم والتحرّك الذي يقوم به الفلسطينيون في القدس والضفة الغربية وقطاع غزّة وفي الشتات، كل ذلك سيشكل حافزاً لاستنهاض قوى أمتنا وكل أحرار العالم لردع الاحتلال من الاستمرار في مخططاته. فالاحتلال يقوم بعمليات اقتحام واعتقال يومية في الضفة الغربية وقطاع غزّة، إضافة إلى الإجراءات التي تتّخذ ضدّ الأسرى في سجونه. لذلك، لا بدّ من موقف وطني فلسطيني وعربي حقيقي يردع الاحتلال من الاستمرار في هذا المخطط. فنحن كفلسطينين علينا مسؤولية مواجهة الاحتلال بكل ما نستطيع.
وأردف قائلا إن ما جرى في الأيام الخمسة الماضية من مواجهات ينذر بتفجير انتفاضة جديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ونحن كفصائل مقاوِمة فلسطينية نطالب السلطة الفلسطينية بوقف التنسيق الأمني، لفسح المجال أمام شعبنا لتفجير هذه الانتفاضة ضد الاحتلال.
وأضاف عبد المجيد أن «إسرائيل» استغلت الظروف التي تعيشها المنطقة وانشغال الدول العربية بما يحدث فيها، لا سيما المؤامرة على سورية وعلى محور المقاومة. وبالتالي، نعتقد أنّ هذا الاستغلال بحاجة إلى مواجهة توضع في إطار وطني فلسطيني عربي قومي دولي، نكرّس فيه جهودنا من أجل تحشيد المواقف والخطوات بدءاً من تجديد المقاومة وانتهاءاً بتحرك سياسي على الساحتين العربية والدولية.
وقال: نحن مع فضح كلّ المواقف المتواطئة والمتآمرة وتعريتها، تلك المواقف التي تحاول إعادة الساحة الفلسطينية إلى مسار سياسي عبر تجديد المفاوضات لتصفية الحقوق الفلسطينية بغطاء عربي دولي، وبرعاية الولايات المتحدة الأميركية.
وفي حديث إلى «البناء»، أكد رئيس «جمعية الصداقة الفلسطينية ـ الإيرانية» عبد الكريم شرقي أن القضية الفلسطينية أساسية ومحورية لدى إيران، والمؤشر على ذلك أنه ومنذ الأحداث الأخيرة في فلسطين والأقصى، لم نر إلا مسيرة واحدة وبعشرات الآلاف، وكانت في طهران. وهذا دليل على أن هناك حالة شعبية حاضنة للقضية الفلسطينية. فهي في صلب وجدان الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وأضاف: يعتقد كثيرون أن إيران تتعاطى مع القضية الفلسطينية كورقة من أجل الدخول إلى المنطقة، وهذا فهم خاطئ مئة في المئة. وهذا ما أكده عدد من القادة الإيرانيين خلال تواصلنها معهم، وممّن كان لهم دور كبير في القضية الفلسطينية.
ولفت شرقي إلى أنه عندما يكون الشعب الفلسطيني موحّداً وقوياً، وتكون قيادته قوية، فإنّ هذا سيحرج الدول العربية كلّها، خصوصاً الأنظمة العربية العميلة. فقبلاً، لم يكن يجرؤ أحد على لقاء رسمي أو سرّي مع أيّ عضو من الكيان الصهيوني، لكن بعد تراجع الموقف السياسي الفلسطيني وبعد الانقسام الفلسطيني، فُتح المجال أمام كثيرين لأن يقولوا لسنا ملكيين أكثر من الملك. مع أن هذا ليس مبرّراً للأنظمة العربية للتخلّي عن فلسطين. فيجب ألّا ننسى أن الشعب الفلسطيني هو خط الدفاع الأول عن الأمة في مواجهة المشروع الصهيوني. فلو لم يكن هناك صمود ورفض من الشعب الفلسطيني على مدار 67 سنة، لكان ربما الكيان الصهيوني قد امتد إلى سورية ولبنان والعراق.
وأضاف شرقي أن ما يحصل اليوم، هو كشف للعورات. فهناك صراع بين محورين: المقاومة والمشروع الصهيوني. وقد أوجدوا اليوم صراعاً آخر يتخذ بُعداً مذهبياً، وبدأ يتّخذ بُعداً إيديولوجياً ما بين الإخوان المسلمين والشيعة. وهناك للأسف من اختار البعد الأيديولوجي عن البعد الوطني المقاوم.
وأكد شرقي أنه لا يمكن لشخص أن يكون مع فلسطين ضدّ سورية. فالقضية الفلسطينية، وبعد أربع سنوات ونصف السنة من عمر الأزمة السورية، ل اتزال هي القضية الأساسية والمحورية لدى القيادة السورية.
بدوره، أشار رئيس اتحاد الكتّاب العرب الدكتور حسين جمعة إلى أن ما تعرّض له المسجد الأقصى، ما هو إلا استكمال لمخطط صهيوني لإنجاز ما سُمّي «الربيع العربي» المشؤوم. فمن كان يتصور أن النظام في المملكة العربية السعودية والدول المتحالفة ستقوم بعدوان على اليمن يشبه العدوان الصهيوني الشرس، ليس فقط على المقدّسات والأقصى، وليس فقط بإهانة الأسرى والاعتداء عليهم، إنما بالتهويد وقتل كلّ فلسطيني يرشق حجراً.
ولفت جمعة إلى أنّ العدوان الصهيوني الأميركي الغربي على العالم العربي من تونس إلى ليبيا ومصر واليمن، كان بمثابة الركيزة الأساسية لاستهداف سورية. واليوم، بعد أربع سنوات ونيّف من عمر الأزمة السورية، نقول لقد تأكد للجميع إن هذا العدوان هو برعاية أميركية صهيونية لتصفية القضية الفلسطينية.
وأكّد جمعة أنّه يجب إطلاق صيحة نؤكد فيها وحدة المسار النضالي بين الفصائل الفلسطينية. فلا يجوز أن تتعرض فلسطين لكلّ ما تتعرّض له، وتبقى الفصائل الفلسطينية متسلّحة بإيديولوجيتها الخاصة. فعلينا أن نتجه جميعاً إلى الوطن الواحد والقضية الواحدة، وأن نكون يداً قوية إلى جانب أخوتنا الذين دافعوا ويدافعون عن قضيتنا. أي أن نعيد للقضية الفلسطينية وجهها الأصيل، لأنها بكل أبعادها هي أمّ القضايا وصُلب القضايا، ويجب أن نتّحد لخدمتها.
وتحدّث أمين عام الجبهة القومية الفلسطينية للعودة الدكتور نبيل أبو خاروف إلى «البناء» عمّا جرى مؤخراً، إذ أرسل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس رسالة لنتنياهو يطالبه بالموافقة على نقل فلسطينيي سورية إلى الضفة الغربية. وهذا الأمر خطير ومرعب، ويعتبر بمثابة إعطاء «إسرائيل» صك براءة من مسؤوليتها عن النكبة، ويعني أيضاً إعفاءها من مسؤوليتها لتنفيذ القرار الدولي 194 القاضي بحق عودة الشعب الفلسطيني.
ولفت أبو خاروف إلى أن الدولة الفلسطينية عندما تطالب بنقل فلسطينيي سورية إلى الضفة، فهذا يعني أيضاً نقل فلسطينيي لبنان وتحويلهم جميعهم إلى لاجئين في وطنهم. ولا ننسى أن هناك مليوناً ونصف المليون من الفلسطينيين في الضفة الغربية، يعدّون لاجئين، وهناك مليون لاجئ في قطاع غزّة، وهناك أيضاً لاجئون في أراضي 48 يقدّر عددهم بحوالى ثلاثمئة ألف، طُرِدوا من أراضيهم وبيوتهم تحت ذرائع المصادرات الأمنية. والهدف كله تفكيك بنية المجتمع الفلسطيني.