باريس تتراجع عن مطلب رحيل الرئيس الأسد

كشف مصدر أمني سوري أمس عن تسلم الجيش السوري في الأيام الماضية خمس طائرات مقاتلة على الأقل وكذلك طائرات استطلاع ومعدات عسكرية روسية لمساعدته على محاربة تنظيم «داعش».

وأوضح المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية أن الطائرات ستساهم في تحديد الأهداف بدقة عالية كذلك أكد مصدرٌ عسكري آخر في مدينة اللاذقية وصول أسلحة استطلاع جديدة تساعد على تحديد المكان والهدف بدقة إضافة إلى رادارات ومناظير ليلية.

وأضاف المصدر «بدأ يظهر أثر السلاح الروسي على الأراضي السورية، وافتتح الجيش السوري استخدامه لهذه الأسلحة في مدينتي دير الزور والرقة، تحديداً في استهدافات على أرتال لتنظيم «داعش».

وأشار المصدر الى «أسلحة نوعية لديها إصابة دقيقة للهدف، ولدى بعضها صواريخ موجهة من بعد»، لافتاً الى انها «أسلحة دفاعية وهجومية ولا تقتصر على الطائرات».

وكان مسؤولون أميركيون أعلنوا في وقت سابق أن روسيا نشرت ثماني وعشرين مقاتلة جوية في مطار في اللاذقية، وبدأت بتنفيذ مهمّات استطلاع بطائرات من دون طيار.

جاء ذلك في وقت ذكر دميتري بيسكوف الناطق الرسمي باسم الرئيس الروسي في تعليق للصحافيين أمس أن موسكو و»تل ابيب» اتفقتا على إطلاق قناة لتبادل المعلومات حول التطورات في سورية.

وقال: «نظراً لاستمرار توتر الأوضاع للغاية في سورية، والتي تتجه في الكثير من جوانبها نحو التدهور، اعتبرنا في هذه الحالة وانطلاقاً من علاقات الشراكة بين روسيا و»إسرائيل» أنه من الأجدى إطلاق قناة لتبادل المعلومات في هذا الإطار الحساس، وهذا ما تطرق إليه الحديث يوم أمس»، موضحاً أن المحادثات الروسية – «الاسرائيلية» «تناولت ضرورة تبادل أوسع للمعلومات والتنسيق على هذا المسار بين روسيا وإسرائيل».

وفي معرض الإجابة عن استفسار عما إذا كانت روسيا لم تنشر سوى خبراء في سورية قال: «ما من أي أهمية هنا لطبيعة الجهة المتواجدة على الأرض» هناك.

وفي إجابة عن سؤال حول صحة ما تشيعه وسائل إعلام غربية بصدد نية موسكو نشر زهاء ألفي عسكري في اللاذقية، أوصى بيسكوف بطرح هذه الأسئلة على المعنيين في وزارة الدفاع. وأضاف: «لقد قدمنا هنا جميع التوضيحات وتمت الإجابة عن جميع الأسئلة بالكامل. أما الاستفسارات الإضافية من هذا القبيل فينبغي توجيهها إلى وزارة الدفاع». وأشار إلى أن هذا الأمر ينسحب كذلك على المعلومات التي تناقلتها وسائل الإعلام حول نشر روسيا طائرات حربية وطائرات بلا طيار في سورية، مضيفاً: «هذه المسائل لا تخصنا، ويتعين على كل حال الاستيضاح في شأنها من وزارة الدفاع. هناك يجيبون باقتضاب، وما الغاية من وراء الإسهاب في الرد والإجابات».

الى ذلك، أكد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن المطالبة برحيل الرئيس السوري بشار الاسد كشرط مسبق لحل الأزمة «ليست واقعية».

وقال فابيوس في مقابلة أجرتها معه صحف أوروبية عدة، إنّ الحل في سورية يمر عبر تأليف «حكومة وحدة وطنية» تضم أطرافاً من النظام والمعارضة، مؤكداً أنه «يجب الحفاظ على الجيش وعلى دعائم أخرى للدولة منعاً لانهيار النظام على غرار ما حصل في العراق»، وأشار إلى أن «الأمر يتطلب في آن واحد عناصر من النظام واعضاء من المعارضة ممن يرفضون الإرهاب».

الى ذلك، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف أن موسكو تدعو إلى بدء حوار سياسي عاجل بين الأطراف المتنازعة في سورية. وقال: «ندعم تسوية سياسية لهذه الأزمة الدموية. فهي مستمرة منذ أكثر من أربع سنوات، وقتل الكثير من الناس. المسألة الملحة هي التوصل في أسرع ما يمكن إلى بدء حوار سياسي بين الأطراف المتنازعة».

وأشار غاتيلوف الى أن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا مستمر في خطته لإطلاق حوار سوري – سوري يتضمن تشكيل أربع مجموعات عمل في قطاعات مختلفة، معتبراً أن «الجزء السياسي يملك معنى جدياً جداً. قائلاً: «نحن نؤيد ما عرضه دي ميستورا، ونتعاون معه. وجاهزون للاستمرار في العمل سوية».

ورأى الدبلوماسي الروسي أن على المجتمع الدولي محاربة المنظمات الإرهابية في سورية، بما فيها تنظيم «داعش» بالتنسيق مع دمشق. وقال: «بضرورة توحيد المجتمع الدولي جميع جهوده» لمحاربة هذه الظاهرة»، قائلاً: «من المعروف أن هناك ائتلاف دولي بقيادة الولايات المتحدة، ينفذ عمليات في العراق وسورية، غير أنه إذا كان يعمل في العراق بالتنسيق مع سلطات بغداد، فللأسف، لا يوجد مثل هذا التعاون في سورية».

واعتبر المسؤول الروسي أن «ذلك يستدعي أسفاً كبيراً. إذ لو حصل تعاون مثل هذا التعاون، لكانت الحرب على الإرهاب فعالة أكثر». مضيفاً «من الضروري توحيد جهود جميع من يقدرون فعلاً على مواجهة هذا التهديد الإرهابي، لذلك اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تشكيل جبهة دولية عريضة لمكافحة هذا التهديد».

وأعرب عن ثقته في أن تُولى هذه المسألة اهتماماً خلال الدورة المرتقبة لجمعية الأمم المتحدة العامة. كما ذكر أنه يخطط للقاء بين وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري على هامش أعمال الدورة حيث «سيتم بحث جدول أعمال شامل لن يقيد بالموضوع السوري فقط، بل ومشاكل أخرى بما فيها الخاصة بالعلاقات الثنائية بين البلدين».

وفي ما يتعلق بتدفق اللاجئين السوريين إلى دول أوروبا، وصف الدبلوماسي الروسي محاولات الغرب لتحميل الرئيس السوري بشار الأسد المسؤولية عن التدفق بـ«المفلسة». وقال: «لقد أشرنا منذ البداية إلى أن النزاع الذي كان الشركاء الغربيون يؤججونه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد تكون له تداعيات، وحصلت التداعيات بالفعل»، «الناس يهربون من الحرب وأفعال تنظيم «داعش».

مع ذلك، ذكر غاتيلوف أن موسكو ترى تغيراً في موقف واشنطن تجاء مستقبل بشار الأسد. وأوضح أن فكرة رحيل الأسد «تبقى ضمن الخطة الاستراتيجية لواشنطن، لكن يبدو أن خطتها التكتيكية تحتوي على محاولات لإيجاد مناهج تسمح برؤية مختلفة لآفاق التسوية السياسية وإقامة حوار سياسي بين أطراف النزاع السوري»، قائلاً: «من وجهة النظر هذه، يمكن أن يكون هناك بعض التقدم».

من جهته، أكد نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان قوله إن موسكو وطهران «ستفعلان كل ما هو ممكن للمساعدة في حل الأزمة السورية».

وأضاف في مؤتمر صحافي عقده في العاصمة الروسية «تعتزم طهران وموسكو استخدام كل الاحتمالات والإمكانات لمساعدة سورية على الخروج من هذه الأزمة»، وأشار الى أن روسيا وإيران ستواصلان الحوار مع المعارضة السورية، لكنه أكد إن الرئيس الأسد يجب أن يكون جزءاً من أي حلّ سياسي للأزمة السورية.

ورحّب المسؤول الإيراني بمبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول تشكيل جبهة مشتركة لمحاربة الإرهاب، قائلاً إن بلاده مستعدة للتعاون في تنفيذها.

عبد اللهيان تطرق الى تصريحات رئيس وزراء كيان العدو بنيامين نتنياهو الذي زار موسكو وقال: «السيد نتنياهو بذل جهوداً كبيرة لكي لا يتم الاتفاق النووي مع إيران. وهو بذل جهداً لتشجيع الدول على تأييدها لسياسة «إسرائيل». لحسن الحظ، في هذه القضية لم يساعد نتنياهو أحد. ولذلك خلال الأيام القليلة الماضية، بعد الهزيمة في شأن الاتفاق النووي، نحن نلاحظ أنه يدلي تصريحات غير متوازنة. وما يقوله يعتبر كلاماً فارغاً وهراء».

من جهة أخرى، يصل وفد من معارضة الداخل السوري موسكو لإجراء لقاءات مع مسؤولين روس، ويضم ممثلين عن هيئة العمل الديمقراطي وحزب الشباب الديمقراطي والتيار الوطني السوري.

وفي السياق، عين الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس، رؤساء أربع مجموعات عمل ستجتمع في جنيف في شأن الأزمة في سورية.

وأعرب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا عن أمله بأن يمهد عمل المجموعات التي تم تعيينها «أمام اتفاق سوري لإنهاء الأزمة في سورية على أساس بيان جنيف» الذي تم التوصل إليه عام 2012، موضحاً أن الأشخاص الأربعة الذين عينهم بان كي مون هم يان ايغيلاند، نيكولاس ميشيل، فولكر بيرتيس، بيرجيتا هولست ألاني.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى