«سورية تجمعنا»… معرض أعمال شبابية مستمدّة من الواقع
إيناس سفان
أقام اثنان وعشرون شاباً وشابة من الفنانين التشكيليين السوريين الشباب، معرضاً جماعياً أطلقوا عليه اسم «سورية تجمعنا»، عبّروا فيه عن استمرارية الحياة بكل جوانبها في سورية، مصوّرين طبيعتها وحاراتها وبطولات جيشها وحبّهم لترابها.
ضمّ المعرض الذي افتتح في المركز الثقافي في أبو رمانة ـ دمشق، 31 عملاً تشكيلياً، منها ستة أعمال نحتية، وخمس وعشرين لوحة تصوير زيتي، اختار المشاركون مواضيعها من وحي الواقع اليومي في سورية. فجاءت لوحاتهم كفيلم سينمائيّ قصير حمل في مشاهده صوراً من حارات دمشق القديمة وجبل قاسيون الشامخ وأبناء سورية الصامدين في وجه الإرهاب.
وقال رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين الدكتور إحسان العر خلال افتتاحه المعرض، إن الأعمال المطروحة قُدّمت بتقنية عالية. وهي أعمال من الواقع. وهذا دور الفن التشكيلي في تجسيد هذا الواقع. مشيراً إلى أن وعي الشباب لما تتعرّض له سورية من حرب كونية، ظهر في أعمالهم التي صوّرت هموم الوطن وطرحت مواضيع مختلفة.
وأضاف العر أنّ الفنانين الشباب هم أمل الفن التشكيلي في سورية. ويعمل اتحاد الفنانين على تسليط الضوء على أعمالهم بشكل دائم سواء من خلال المعارض الفردية أو إشراكهم في المعارض الجماعية.
وذكرت مسؤولة المعرض والمشاركة فيه الفنانة نور عماد الكوا أن الفنانين الشباب المشاركين في المعرض هم من الأكاديميين. بعضهم شاركوا في معارض فردية وجماعية سابقاً، وآخرون يشاركون للمرة الأولى. فكان هذا المعرض فرصة للتعريف بهم ووضع خطواتهم الأولى وبصماتهم في طريق الفن التشكيليّ، إذ قدّم كلّ مشارك عملاً أو عملين في التصوير الزيتي وفي النحت.
وحول مشاركتها، قالت الكوا إنها جسّدت في لوحتها الزيتية ارتباط الإنسان بالأرض من خلال جسدَي امرأة ورجل يحضنان الوطن، ومن خلالهما سورية تحتضن أبناءها وتجمعنا بالمحبة وبطبيعتها المتنوّعة وبحضارتها العريقة. مشيرة إلى أنها اختارت اللون الترابي في لوحتها لأنه لون تراب الوطن الطاهر والمقدّس.
وشارك النحات هشام المليح بعملين نحتيين. الأول من الخشب حمل عنوان «سايكي»، أما عمله البرونزي فجاء بعنوان «آراتو»، وهي إلهة الرقص والغزل لدى اليونان.
وأوضح المليح أن أعماله تحمل الفرح. وهو يتقصّد ذلك ليعطي مساحة من الأمل والتفاؤل في حياتنا، وذلك من خلال الشفافية بطرح الفكرة ضمن أعماله.
وقدّم فهد الرحبي طالب سنة ثالثة في كلّية الفنون الجميلة ، عملاً تركيبياً مزج بين التصوير الزيتي وأشياء ملموسة من الواقع. واختار لون السماء الزرقاء الواسعة ليبيّن الأمل الموجود في حياتنا بشكل دائم. منوّها أن هذه المشاركة الأولى له والتي سيكون لها الأثر الكبير في مسيرته الفنية، إذ تلقّى انطباعاً جيداً من الجمهور عما أنجزه ورفاقه في هذا المعرض.
وشاركت لينا نبهاني بعملين زيتيين على القماش، قدّمتهما بأسلوب واقعيّ مع بعض اللمسات الانطباعية. جسّدت في العمل الأول حارة دمشقية قديمة اختارت الألوان الترابية لها لتعبّر عن ارتباط الإنسان بالأرض.
أما اللوحة الثانية فتقول نبهاني إنها اختارت بورتريه يمثل وجه امرأة تقصدت أن يكون غطاء الرأس لديها كبيراً، ليمثل هموم الوطن وما يعانيه خلال الفترة الراهنة. مشيرة إلى أن المرأة في أعمالها تمثل الوطن لأنها رمز العطاء والحبّ. كما رسمت في هذه اللوحة السماء الواسعة والقمر بشكل كبير لتبيّن أن الهموم مهما كبرت ستزول، وأنّ بريق الأمل موجود دائماً.
وعبّرت سكينة نذير عاجي خرّيجة كلّية الفنون الجميلة من خلال منحوتتها المصنوعة من الجفصين المعتّق بالبرونز، والتي جسّدت فيها امرأة ورجلاً على شكل حبيبين مع زهرة الياسمين، عن حبّ الوطن الذي يجمعنا.
أما الفنان علي سليمان خرّيج معهد الأعمال التطبيقية ، فقدّم عملاً نحتياً حمل اسم «أمومة»، عبّر فيه عن الأمّ وحنانها، مع إضافة جذور شجرة على شكل جناح ملاك ليبيّن أنّ الأم رمز العطاء والطهارة كما هو الوطن الذي يجمعنا تحت سمائه.
وأشار سليمان إلى أن مشاركته مع مجموعة من الفنانين الشباب في هذا المعرض، شكل من أشكال التعبير عن استمرارية الحياة، لأن الفنّ نمط من أنماط الحياة وهو مستمر. وكلّ إنسان يعبّر عن حبّه لوطنه من خلال عمله وتمسّكه بأرضه ودفاعه عنها.
وحملت اللوحة الزيتية التي قدّمها أكرم العمري طالب سنة ثالثة في كلّية الفنون الجميلة اسم «التحام»، جسّد فيها كتلة على شكل كرة يحملها جنديّ سوريّ. فيها 23 وجهاً تمثل أبناء سورية. وكلّ وجه يحمل ملامح مختلفة من الأمل والحزن والشموخ والمقاومة، وعبّر من خلالها عن الالتحام والتماسك بين أبناء سورية وجيشها الباسل.
وعبّر الفنان أنور الرحبي أمين سر اتحاد الفنانين التشكيليين خلال حضوره المعرض، عن تفاؤله الكبير بجيل الشباب من الفنانين. وقال إن ما قدّمه الفنانون الشباب في هذا المعرض يدلّ على الطاقات الشابة الغنية التي أنجزت مشروعاً فكرياً ولونياً مميزاً.
يذكر أن معرض «سورية تجمعنا» مستمر لمدة أسبوع في المركز الثقافي في أبو رمانة، وشارك به في التصوير الضوئي كل من الفنانين أحمد الخطيب، وعمار الشوا، واسماعيل الشيخوني، ومحيي الدين الحمصي، وغطفان حبيب، ومعتز العمري، وفداء منصور، وأكرم العمري، ومنار الشوحا، وراية الشهابي، وفهد الرحبي، ونور عماد الكوا، ورجاء الميقري، ولينا نبهاني، وهناء العقلة، وصبا رزوق، ومجد شامية. وفي أعمال النحت شارك كل من النحاتين: سكينة نذير عاجي، وعلي سليمان، ونجود الشومري، وهشام المليح، ووائل هلال.