اليمن يحسم…

بدا للكثيرين من المراقبين مع بدء العدوان السعودي على اليمن أنّ الحوثيين قد فتحوا على أنفسهم أبواب جهنّم، فاليمن ليس سورية حيث تصمد الجماعات المسلحة في وجه جيش الدولة، لأنّ حدود سورية مفتوحة على خمسة اتجاهات من تركيا، ومن الأردن، ومن قوات داعش في العراق، ومن حدود لبنان ودعم تيار المستقبل، هذا عدا عن الدعم الإسرائيلي المعلن، ومن وراء الحدود إمداد مالي وتسليحي لا ينقطع، عدا عن تدفق المسلحين بعشرات الآلاف من تنظيم القاعدة ، بينما اليمن محاصر بالسعودية من كلّ اتجاه براً وبحراً وجواً، والسعودية تملك قدرات مالية لا تنضب، وبالتالي لا مشكلة لديها في حشد السلاح والرجال من جيشها ومن جيوش غيرها بقوة هذا المال، وفوق ذلك تحشد الدعم الذي تجلى بقرار من مجلس الأمن لم يستطع الروس منع صدروه، رغم أنّ غطاء الشرعية الذي تستّرت به السعودية يعود إلى رئيس هارب من بلده، ولم يقف يدافع عنه جندي واحد من جنوده حاله كحال زين العابدين بن علي وحسني مبارك، وليس كحال معمر القذافي الذي استُصدر ضدّه قرار برّر تدخل الناتو رغم بقاء جزء من شعبه وجيشه معه، بينما ذهبت السعودية إلى مجلس الأمن تطلب قراراً معاكساً للشرعية يدعو إلى إسقاط الرئيس بشار الأسد وهو الشرعي فعلياً وليس بقياس منصور هادي، وهو الذي وقف معه أغلب شعبه ولا يزال جيشه يقاتل دفاعاً عن شرعيته وعن دولته.

وفقاً لهذه الفوارق التي تظهر قوة السعودية وصعوبة صمود الحوثيين صاغ الكثيرون استنتاجاتهم بأنّ السعودية ستنتصر، وأنّ الحوثيين سيهزمون شرّ هزيمة. دارت رحى الحرب واستخدمت السعودية كلّ ما لديها من قوة، وبطش ووحشية، ودمّرت جسوراً ومنشآت ومدناً ومباني سكنية، وسقط آلاف الشهداء وعشرات ألوف الجرحى، وبقي صمود الحوثيين أسطورياً، وبقيت سيطرتهم على المدن والمناطق التي دخلوها، فأثبتوا انّ من يقاتل معهم ليست عصبية مذهبية بل وطنية يمنية عابرة للطوائف والقبائل والإقليم.

قام السعوديون بإنزال قواتهم وقوات الإمارات مزوّدين بكلّ السلاح من المدرّعات الحديثة ودبابات الأبرامز الأميركية وطوافات الأباتشي ودخلوا مدينة عدن وسط مناشدات للحوثيين بمنح السعوديين فرصة حفظ ماء الوجه لوقف العدوان، فظن السعوديون أنّ جبروتهم ينتصر وتوسّعوا نحو تعز ومأرب وأعلنوا الزحف نحو صنعاء.

منذ شهر والسعوديون يتجرّعون الكأس المرة، فتحترق دباباتهم في كمائن دبابير الكورنت، ويسقط منهم القتلى والجرحى، ويوم تجمّعوا في المعكسرات تفجّرت الصواريخ وسقط المئات قتلى وجرحى في موقعة صفار، وتساقطت الصواريخ البعيدة المدى خلف الحدود وأصابت القواعد الجوية والبحرية السعودية.

التظاهرات التي خرجت في صنعاء بمئات الآلاف تقول إنّ الشعب اليمني بكلّ طوائفه حزم أمره بسلوك طريق النصر، وأنه يقف وراء قيادته في هذه الحرب، وأنّ ما أعلنه السيد عبد الملك الحوثي عن بدء التوغل البري في السعودية يعبّر عن رأيهم ولم ينسوا ولم ينس زعيمهم أنّ العنوان والبوصلة هما فلسطين وأقصاها.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى