سلام: التعاطي الدولي مع أزمة اللاجئين لم يكن كافياً

أعلن رئيس الحكومة تمام سلام أنّ لبنان يواجه تحديات عديدة، لافتاً إلى أنّ «الشق الإنساني الناتج عن أزمة اللاجئين السوريين» هو «أحد أهم التحديات التي تواجه التنمية».

ولفت سلام في كلمة ألقاها خلال قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة في نيويورك، إلى «أنّ ردّ الفعل الدولي على أزمة بهذا الحجم، لم يكن بالمستوى المطلوب». وقال: «إن ردّ الفعل الدولي على أزمة بهذا الحجم، لم يكن بالمستوى المطلوب. لقد ركزت الموارد المحدودة فقط على تمويل العمل الإنساني، في وقت نحن في حاجة إلى المساعدة الإنمائية، وتقاسم عبء تمويل استضافة النازحين . وتعتبر أزمة اللاجئين التي تواجهها أوروبا اليوم، نتيجة مباشرة لهذه الاستجابة غير الكافية».

وأضاف: «في هذا الصدد، نحن نرحب باعتراف جدول أعمال عام 2030 بالتهجيرالقسري للسكان، نتيجة تفاقم النزاعات والتطرف العنيف والإرهاب، وكذلك الاعتراف بالحاجة إلى تعزيز قدرة المجتمعات المحلية المضيفة، لا سيما في البلدان النامية. وذلك يكون من خلال تقويم منهجي لتكاليف استضافة النازحين، مع الأخذ في الاعتبار احتياجات التمويل الطويل الأجل، واتخاذ الإجراءات العادلة في توزيع النازحين وفق مبادئ تقاسم الأعباء».

وتابع: «في لبنان، كانت جهود ومبادرة القطاع الخاص أساسية في هذا الإطار، وقد ساهم الاغتراب اللبناني بشكل رئيسي في تعزيزها من خلال التحويلات. وفي هذا الصدد من المهم إعادة النظر في القيود غير الضرورية المفروضة على التحويلات المالية، التي تتمثل بزيادة التكاليف غير العادلة لها، وتؤدي إلى تضرر الجهة التي تتلقى هذه التحويلات، كما تؤثر سلباً بشكل مباشر على الاستهلاك والتعليم، اللذين يعتمدان بشكل أساسي على هذه التحويلات. … «نحن نستثمر بشكل أساسي في تعليم أولادنا فقط، لنراهم يهاجرون عند بلوغهم سن العمل، مما يؤثر جدياً على إنتاجيتنا والسبيل الأمثل للحدّ من هذه الموجة، هو تأمين تنمية مستدامة متوازنة. في الواقع، لا بدّ من تجنب الانزلاقات في التنمية غير المتوازنة، ووحده تعزيز التنمية الشاملة، يمنع نشوء بؤر بؤس تشكل أرضاً خصبة لكلّ أنواع التعصُّب».

أما في ما يتعلق بالمساعدات الدولية، فاعتبر سلام أنها «عامل أساسي في إطلاق التنمية في البلدان الأقلّ تقدماً، فمن الضروري إعادة النظر في مفهوم البلدان ذات الدخل المتوسط، لأنها تلحق الضرر بعدد من الدول، التي ستخسر المساعدات في وقت هي بحاجة ماسة لها، أكثر من دول غير مصنَّفة ضمن هذه الفئة. وبناء على ذلك، ينبغي إعادة بلورة مقاربة المساعدات العالمية مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية كلّ بلد، والأهم من ذلك كله، ينبغي أن يكون الهدف من المساهمات دعم استدامة التنمية».

وأكد أنّ «تعزيز الشراكة العالمية قد يكون أحد أهم الأهداف. فقد حان الوقت لتدرك المجتمعات الأكثر تقدماً، أنها تساعد نفسها بشكل مستدام من خلال مساعدتها البلدان الأقلّ نمواً عبر نقل التكنولوجيا والمعرفة. كما يجب أن يشكل احترام البيئة والحدّ من التلوث وتصحيح أضرار السنوات الماضية، أهدافاً بحدّ ذاتها، على أن تكون كذلك معايير للتقدم في الاستدامة تساهم في ضبط ومراقبة العملية بشكل فعال».

وختم: «نحن نرحب بالاعتراف بالتنمية كحقّ لكلّ إنسان، فهي أساس العيش اللائق، لكننا بحاجة أيضاً إلى الاعتراف، بأهمية وضع حدّ للصراعات المسلحة والإرهاب والعنف الطائفي والكراهية، من أجل ضمان الأمن والاستقرار والسلام، الذي يشكل شرطاً لا غنى عنه لتحقيق التنمية، وواجباً أساسياً لكلّ القيادات والحكومات».

وكان سلام وصل مساء الخميس إلى نيويورك، وعقد عدة لقاءات مع رؤساء دول ومسؤولين أبرزهم ملك الأردن عبدالله الثاني، وملك إسبانيا فيليبي السادس.

كما استقبل في مقر إقامته في فندق «والدورف أستوريا» في نيويورك، مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون السكان واللاجئين والهجرة آن ريتشارد، في حضور وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل.

وقالت ريتشارد ردّاً على سؤال عن احتمال استضافة الولايات المتحدة لعدد من اللاجئين الموجودين في لبنان: «ستأخذ 10 آلاف لاجئ من الأردن ومصر وتركيا، على أن تأخذ في وقت لاحق عدداً من لبنان».

كما التقى رئيس الحكومة نظيرته النروجية إيرنا سولبيرغ، ووصف الوضع في لبنان بأنه صعب بسبب العدد الكبير للاجئين، مؤكداً حاجة لبنان إلى المساعدة في هذا المجال.

وإذ رحب باستضافة الدول الأوروبية للاجئين «في حال كان ذلك ممكنا»، دعا إلى «مواجهة الأزمة من المصدر وإيجاد حلّ للوضع في سورية، وليس معالجة النتائج».

وأعربت سولبيرغ، من جهتها، عن تقديرها «لما قام به لبنان من أجل النازحين السوريين»، مؤكدة أنّ الأمر «يشكل عبئاً كبيراً ما يجعل لبنان بحاجة إلى مساعدة».

كما التقى سلام ممثلة الاتحاد للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية فيديريكا موغيريني، في مبنى الأمم المتحدة.

وفي سياق متصل، حذر سلام، في حديث إذاعي، من «مغبة استمرار التعطيل على مستوى السلطة التنفيذية لما لذلك من ضرر مباشر وأكبر من شلل رئاسة الجمهورية ومجلس النواب، حيث أنّ جدول أعمال مجلس الوزراء بات مزدحماً بالملفات والقضايا العالقة التي تحتاج إلى بتها»، آملاً «أن ينعكس الحوار القائم إيجاباً على عمل مجلس الوزارء».

ودعا اللبنانيين إلى «التجاوب مع خطة الوزير أكرم شهيب بشأن النفايات لتسهيل تطبيقها، وبالتالي رفع فتيل متفجر تمثل بغضب الشارع».

ونوه بـ «الجهود الجبارة التي بذلت على مستوى الاستقرار الأمني»، لكنه حذر من «أنّ الاستقرار الاقتصادي والمعيشي والاجتماعي لا يزال في خطر ويتطلب الكثير من العناية لمواجهته، وإلا انزلقت البلاد في اتجاه الانهيار نتيجة استفحال الصراع السياسي الداخلي».

على صعيد أزمة اللجوء السوري، أمل رئيس الحكومة في «زيادة الوعي لدى قيادات الدول الكبرى وتلك الصديقة للبنان لدعم لبنان في ظل ما يتحمله من أعباء ومخاطر نتيجة الأعداد الزائدة من اللاجئين السوريين، وكذلك على مستوى الأزمة السياسية المستفحلة في المنطقة وانعكاساتها السلبية على لبنان».

وكان سلام، التقى في مقرّ إقامته وكيل الأمين العام للأمم المتحدة وموفده الشخصي تيري رود لارسن في حضور مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة السفير نواف سلام، وتناول البحث تطورات الأوضاع في لبنان والمنطقة، إضافة إلى موضوع النازحين السوريين في لبنان، كما تطرق البحث إلى الأوضاع في جنوب لبنان.

من جهة أخرى، أعرب الرئيس سلام، عن حرصه على قيام «أفضل العلاقات مع مملكة البحرين الشقيقة وجميع دول مجلس التعاون الخليجي»، مؤكداً أنّ «مواقف لبنان الرسمية في شأن العلاقات الخارجية تعبر عنها الحكومة اللبنانية حصراً، ولا ينفرد بها أي طرف سياسي لبناني حتى ولو كان هذا الطرف مشاركاً في الحكومة».

وقال في تصريح: «إنّ إخواننا في مملكة البحرين يعرفون طبيعة النظام اللبناني وتعقيدات الواقع السياسي في لبنان التي تسمح بظهور اجتهادات كثيرة حول مختلف القضايا، سواء الداخلية منها أو تلك المتعلقة بالمنطقة والعالم. لكننا نؤكد أنّ ما صدر في بيروت في حقّ البحرين لا يلزم الحكومة اللبنانية ولا يعبر في أي حال من الأحوال عن موقف لبنان الذي يعرف مكانته ومكانة أبنائه في قلوب البحرينيين وعقولهم».

وأضاف: «إنّ لبنان الذي عانى طويلاً من تدخل الآخرين في شؤونه الداخلية، يؤكد حرصه على عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وخصوصاً الدول العربية الشقيقة التي تحتل مملكة البحرين مكانة مميزة بينها، وهو يتمنى كل الخير والتقدم للأخوة البحرينيين، القادرين بحكمة قيادتهم وبتكاتفهم، على تخطي أي اختبار وطني يواجههم».

وختم مؤكداً «حرصنا على مصالح أشقائنا العرب بمقدار حرصنا على مصلحتنا الوطنية ومصلحة أبنائنا»، معتبراً «أنّ المرحلة الصعبة التي تواجهها أمتنا تستدعي منا توحيد الصفوف لحماية هذه الأمة وتعزيز منعتها».

ووجه سلام، برقية إلى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، معزياً بضحايا حادثة منى.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى