المهنّد كلثوم: انتقالي إلى عالم الدراما مرهون بتوفّر النصّ الهادف
عشقه للسينما، غيّر حلمه من طيّار حربي كوالده الشهيد، إلى مخرج سينمائي. ودراسته الأكاديمية مكّنته من اكتساب خبرة صقلها في أخراجه عدد من الأفلام السينمائية القصيرة، التي أهّلته للحصول على عدد من الجوائز خلال فترة زمنية قصيرة، إضافة إلى مشاركته في لجان التحكيم للأفلام القصيرة.
يحضّر المخرج السينمائي السوري المهنّد كلثوم لإخراج عدّة نصوص روائية طويلة ووثائقية، منها فيلم «على سطح دمشق» للكاتب سامر محمد اسماعيل، إذ يختار حالياً أماكن التصوير، ويبدأ التحضيرات لتصوير العمل في مدينة دمشق قريباً.
يقول المخرج المهنّد كلثوم: انتهيت مؤخراً من العمليات الفنية النهائية لفيلمي «ياسمين»، وهو من كتابتي مع منعم السعيدي، ومن إنتاج «صورة الحياة للإنتاج السينمائي والتلفزيوني»، إذ سيشارك قريباً في مهرجانات عالمية. مضيفاً أنّ الفيلم ذا طبيعة وثائقية يحكي عن أطفال سورية ومعاناتهم بسبب الحرب التي تُشنّ على وطنهم، وآثارها النفسية عليهم. لتقديم رسالة إنسانية إلى العالم، مفادها أنّ سورية تتعرّض لانتهاك حقوق الإنسان والطفولة على يد إرهاب دمويّ.
وعن رأيه بالأفلام التي تنتجها المؤسسة العامة للسينما للمخرجين السوريين الشباب يقول كلثوم: إن المؤسسة تقف معنا كجيل شاب من المخرجين وتدعمنا وتساندنا بما تملكه من إمكانيات. وأيّ فيلم سوري لمخرج شاب ينتج حالياً هو مدعاة للفخر، لأنه فعل مقاوم يدعم تضحيات أبطال الجيش السوري، ويوصل صورة سورية الحقيقية ومبدعيها.
وأوضح كلثوم أن هناك حصاراً كبيراً يفرضه أعداء سورية على المنتج الفني والإبداعي السوري، بما فيها الأفلام السينمائية التي تستبعد من عدد من المهرجانات العالمية، كنوع من الضغط والاستهداف المعادي لكلّ ما هو سوري مقاوِم. وعندما يحصل فيلم سوريّ على جائزة، يعتبر انتصاراً للسينما والسينمائيين السوريين.
وعبّر كلثوم عن رفضه استخدام المباشرة في الفنّ السينمائي والدراما لعرض الواقع. مفضّلاً تقديم الصورة الواقعية بأسلوب فنيّ غير مباشر يراعي إحساس المشاهد ويرتقي بذائقته الفنية، ويبتعد به عن قسوة المشاهد الواقعية في الحرب. لأنّ الفنّ مهمته انتشال الإنسان من الكآبة والحزن، وزرع الأمل والحب والإنسانية مع الوعي والفكر، لا تقديم نشرات إخبارية بطريقة سينمائية وإدخال المُشاهد في تفاصيل هو بغنى عن معايشتها.
ولفت مخرج «توتر عالي» إلى وجود عدد كبير من المخرجين السينمائيين الشباب في سورية من أصحاب المواهب الجيدة ممن يستطيعون تقديم سينما جديدة قادرة على نقل صورة فنية مشرّفة إلى العالم.
واعتبر أن مشاركته في لجان التحكيم تكريم لأيّ مخرج شاب، وتحفيز له على الإبداع. وهو دعم للسينمائيين الشباب الجدد. مؤكداً ضرورة وجودهم في لجان التحكيم لمواكبة الحدث السينمائي بعيون شبابية على الصعيد المهني والأكاديمي.
وحول إمكانية تقديمه عملا دراميا اوضح كلثوم ان انتقاله إلى عالم الدراما مرهون بتوفّر النصّ الجيّد الهادف الذي يلبّي الحاجة لهذه المرحلة، مع الامكانيات الانتاجية اللازمة. مبيّناً أن الدراما ليست بعيدة عن عالم السينما، إنما يتوجب أن تتوفر لها مقوّمات النجاح والتميّز، لتكون قادرة على صنع أعمال فنية درامية مهمة تبقى مع الزمن.
وتابع كلثوم: أركّز حالياً على مشروعي السينمائي الذي أطمح إلى الوصول به للعالمية، إضافة إلى مشروعي الجديد وهو العمل على موضوع الطفل السوري واحتياجاته في ظلّ الأزمة الراهنة وإعادة إعمار الإنسان من خلال أفلام وثائقية وروائية قصيرة، إذ أتعاون لهذا الغرض مع «مشروع مسار التنموي» في عدّة فعاليات منها «مشروع مغامرة السينمائي الصغير» لإعطاء هذه المواهب المعلومات والمبادئ الأساسية لفنّ السينما، ليكونوا نواة السينمائيين السوريين مستقبلاً.
وعن شراكته مع الكاتب سامر محمد اسماعيل قال مخرج فيلم «لماذا»: اسماعيل كاتب سينمائيّ يتقن الكتابة بروح السينما ويجيد الغوص في أعماقها. ولم أجد نصوصاً حتى اليوم يمكن أن ترتقي إلى ما يكتبه. فغالبية الكتّاب يقدّمون نصوصاً درامية تلفزيونية بشكل سينمائي، وهذا لا يلبّي الحاجة حالياً لإحداث أيّ فرق فنّي في السينما السورية.
ورأى كلثوم أن ما ينقص السينما السورية، الاحترافية في العمل والدراسة الأكاديمية السينمائية لفنّ السينما بكلّ فروعها، من تمثيل وتصوير ومونتاج وإخراج وغير ذلك، لأنّ الفنون عالمياً مقسّمة إلى اختصاصات، ويجب ألا تتداخل فنون المسرح مع الدراما والسينما، ما يستوجب الفصل بين هذه الفنون والعاملين فيها والمختصّين بصنعها.
وأكّد كلثوم أهمية دخول القطاع الخاص بالشراكة الحقيقية مع القطاع العام لصنع سينما سورية تنافِس السينما العربية والعالمية، موضحاً أن المؤسسة العامة للسينما هي الجهة الوحيدة المنتجة للأفلام السينمائية السورية، وهذا لا يكفي لإنتاج كمّ سينمائيّ كبير قادر على المنافسة وتحويل الفنّ السينمائي إلى صناعة وطنية هادفة ورابحة.
يشار إلى أن المهنّد كلثوم مخرج سينمائيّ من مواليد دمشق عام 1982. حصل على شهادتَي بكالوريوس وماجستير في فنون الإخراج التلفزيوني والسينمائي من «أكاديمية خاركوف» الأوكرانية. قدّم بعدئذٍ عدداً من الأفلام القصيرة في أوكرانيا بدءاً من «لماذا» عام 2004، و«الأمل… الإيمان… الحبّ» عام 2006. لكنّ فيلم «كافي» عام 2010 كان أهم أفلامه، إذ تناول فيه العنصرية وحصل عنه على جائزة، إضافة إلى فيلمه «توتر عالي» الذي حصد عدّة جوائز عربية.