تقسيم العراق يدقّ باب تركيا والسعودية

كتب المحرر السياسي

العراق يلملم قواه لمواجهة نيران الفتنة الطائفية، التي بدا واضحاً أنّ التعامل الخليجي والغربي معها لا يتناسب مع الكلام عن تصنيف داعش تنظيماً إرهابياً، فاستفاق الغرب والخليج وإعلامهما على التفتيش عن الذرائع التي تبرّر التلكّؤ بالتضامن مع الحكومة العراقية ومساعدتها على مواجهة التحدي، والمساعدة كانت تحتمل بالتأكيد جهداً سياسياً لمصالحات تطاول العشائر وأصحاب المطالب والشكاوى، لتحقيق المصالحات والتسويات تحصيناً للمواجهة مع داعش وما تمثل من خطر، إن صدقت النوايا.

بدا أنّ الغرب والسعودية وقطر وتركيا يستطيبون ما يجري للعراق رهاناً على شنّ حرب نفسية على إيران، وإضعافاً لوهج الانتصارات المحققة في سورية، والتي تصدّرت أنباؤها وخصوصاً نبأ استرداد الجيش السوري لمدينة كسب وتطهير جوارها الحدودي مع تركيا، في عملية بدا واضحاً أنها مثلت تحدياً لتركيا وتهديداتها ودورها في الهجوم الذي استهدف كسَب وما حولها قبل أسابيع، بما فرض على الأتراك الانكفاء تفادياً للمواجهة المباشرة التي كان الجيش السوري جاهزاً لتحمّل تبعاتها.

تحرير كسَب يفتح الطريق بسرعة لمواصلة تطهير ريف اللاذقية واسترداد الأمان الكامل لبلدات ومدن الساحل وامتداداته نحو ريف إدلب وحماة وصولاً إلى الحدود التركية، لكن النتائج الأهمّ ستكون على جبهة حلب التي تتهيّأ لملاقاة إنجاز كسب بإيقاع يبدو أنّ تطوّراته الدراماتيكية ستكون الحدث الأبرز، قبل موعد القسم الدستوري للرئيس بشار الأسد بعد شهر من اليوم.

بدا أنّ الرهان الغربي السعودي يقوم على ابتزاز إيران بالتلويح بترك العراق نحو التقسيم، وحشد القدرات الشعبية والعشائرية والمادية لقيام إقليم عراقي في الوسط، يحاكي الإقليم الكردي في الشمال، ويتكوّن من غالبية من الطائفة السنية وله جيشه وحكومته وبرلمانه في عراق فيديرالي، كصيغة لحلّ سياسي تمّ تداوله في الكواليس مقايضة مع الطلب الروسي بقبول الاستفتاء في أوكرانيا على الصيغة الفيديرالية التي تنصف جمهوريات الشرق التي أعلنت انفصالها.

هذه الحرب النفسية ردّت عليها روسيا بالتنبيه إلى أنّ ترك الجرح الأوكراني مفتوحاً سيؤدي إلى امتداد تداعياته في الصراع بين الكاثوليك والأرثوذكس في سبع دول أوروبية، أهمها هنغاريا ورومانيا، كما كان الردّ الإيراني أنّ تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم طائفية وقومية سيمتدّ إلى كلّ من السعودية وتركيا، حيث لا شيعة السعودية ولا أكراد تركيا سينتظرون بلا حراك ما يجري مع أبناء طائفتهم على حدودهم المجاورة.

سورية وحدها بدت محصّنة من خطر التقسيم، بعدما صار التقدم العسكري عابراً لجغرافيا الطوائف الافتراضي، وجاءت الانتخابات الرئاسية لتقدم مشهداً شعبياً عابراً للتوزّع المناطقي والطائفي في الكتلة الشعبية الحاضنة لمشروع الدولة والملتفّة حول الرئيس بشار الأسد.

بانتظار أن تنتهي اليوم حال المراوحة التي يعيشها اللبنانيون متابعو مباريات المونديال، مع عقد وزير الاتصالات بطرس حرب في مؤتمر صحافي اليوم للإعلان عن نتائج المفاوضات التي أجراها مع شركة «سما»، صاحبة الحق الحصري في نقل مباريات كأس العالم في كرة القدم وكذلك مع شركات الكابلات، وذلك بدفع من وزير المال علي حسن خليل، فإنّ حال المراوحة السياسية في ملف الاستحقاق الرئاسي وسلسلة الرتب والرواتب لا تزال تدور في حلقة مفرغة. مراوحة سيتحدث عنها رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون يوم غد الثلاثاء في برنامج «بلا حصانة» مع الزميل جان عزيز.

جنبلاط إلى باريس

ومرة جديدة تتجه الأنظار إلى العاصمة الفرنسية باريس التي يصل إليها رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط للقاء الرئيس الحريري هذا الأسبوع، بعد حالة الجفاء التي سادت العلاقة بين الرجلين، والتي بدأت منذ دخول جنبلاط في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.

الرئيس التوافقي وإعلان بعبدا

وأكدت مصادر الحريري لـ«البناء» أن لا عداوة بين الرئيس الحريري والنائب جنبلاط، فكلّ ما في الأمر أن رئيس جبهة النضال الوطني لديه رؤية لما يجري في لبنان يعتبرها صائبة للحفاظ على المصلحة الوطنية. وأكد أنّ اللقاء الباريسي سيؤكد ضرورة العمل لتجنيب لبنان تداعيات ما يجري في العراق، وكيفية الاتفاق على مخارج في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي، لجهة أن مسألة رئاسة الجمهورية تتطلب تحديد مواصفات الرئيس التوافقي القادر على تطبيق إعلان بعبدا.

السعودية تطلب تأجيل الاستحقاق

وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أنّ اللقاء الذي جمع الحريري بوزير الصحة وائل أبو فاعور الاسبوع الفائت، اقترح فيه رئيس المستقبل ضرورة الفصل بين عمل مجلس النواب وعمل مجلس الوزراء، ولم يعط أبو فاعور جواباً على الطرح، مكتفياً بالقول: «لا يمكننا الخروج من الرئيس نبيه بري». وأشار الحريري أيضاً خلال اللقاء إلى أنّ الوقت الآن ليس للاستحقاق الرئاسي، والمملكة العربية السعودية تطلب تأجيل الاستحقاق لتنقشع الصورة في العراق وسورية. وأشارت المصادر إلى أنّ هاتين النقطتين العالقتين تنتظران لقاء الحريري جنبلاط.

الاصطفافات تمنع انتخاب الرئيس

وعلى خط الاستحقاق الرئاسي، لفت نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم إلى أنّ الاصطفافات السياسية الموجودة تمنع انتخاب رئيس بسبب التوازن الحاد والدقيق. وقال: لا 8 آذار تستطيع أن تأتي برئيس ولا 14 آذار كذلك، ولا الذين يتموضعون في الوسط، إذاً فإنّ زمن الشغور سيطول والحلّ هو التوافق لنتمكّن من انتخاب رئيس يكون قادراً على صياغة تفاهمات مع الأطراف المختلفة.

برّي: لن أقوم بمبادرات

وفي هذا السياق، نقل زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري عنه مساء أمس أن لا جديد على صعيد الاستحقاق الرئاسي، موضحاً أنه ليس في وارد القيام بأي مبادرة مع النائب جنبلاط وقال لزواره إنه مستعدّ لتلقي أي مبادرة إذا كان أحد عنده شيء بخصوص الانتخابات الرئاسية.

عملية التعطيل تعطل الجمهورية

وأكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق «لا يعتقدنّ أحد أنه بإمكانه من خلال تعطيل مجلس الوزراء أو مجلس النواب أن يأتي برئيس للجمهورية، فعملية التعطيل تعطل الجمهورية»، مشيراً إلى أنه لن يسمح بالتطاول على صلاحيات رئاسة الوزراء»، لافتاً إلى أنّ رئيس الحكومة تمام سلام لم يقصّر للحظة واحدة في صلاحياته، مضيفاً: «من يملك القلم للتوقيع ليس بحاجة إلى رفع الصوت عالياً».

في موازاة ذلك، تشهد ساحة النجمة الأسبوع المقبل جلستين لمجلس النواب، الأولى في الثانية عشرة ظهر الأربعاء المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية والتي ستكون كسابقاتها من الجلسات لجهة عدم اكتمال النصاب، والثانية في العاشرة والنصف من قبل ظهر الخميس المقبل ومسائه، لدرس وإقرار مشروعي القانون المتعلقين بسلسلة الرتب والرواتب في القطاع العام والتي يتوقف مصيرها على ما ستصل اليه الاتصالات.

الحريري تلتقي كنعان تلبية لطلب بو صعب

ويبدأ رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان اليوم لقاءاته مع الكتل السياسية بعد زيارته رئيس مجلس النواب نبيه بري يوم الجمعة الفائت. ويلتقي كنعان في ساحة النجمة صباح اليوم رئيسة لجنة التربية النائب بهية الحريري للبحث في ملف سلسلة الرتب والرواتب. وأكدت مصادر الحريري لـ«البناء» أن اللقاء هو تكملة للمساعي التي تقوم بها النائب الحريري، على خط السلسلة، لا سيما في موضوع الدرجات الست للأساتذة، وهو الموضوع الذي بحثته مع وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب خلال زيارته إلى صيدا يوم السبت، وأكدت مصادر الحريري أنّ اللقاء مع كنعان تلبية لطلب الوزير بو صعب لتدوير الزوايا في موضوع السلسلة، لافتة إلى أنّ النائب الحريري لن تستبق الأمور، فبعد الاجتماع يُبنى على الشيء مقتضاه.

الجراح لـ«البناء»: نسعى لإيجاد موارد

وأكد عضو لجنة المال والموازنة النائب جمال الجراح لـ«البناء» أنّ تيار المستقبل يسعى لإيجاد موارد طبيعية لتمويل السلسلة تكون كل الاطراف موافقة عليها، وعندها نذهب إلى الجلسة العامة لإقرارها. وأكد أن الاتصالات مع الكتل السياسية متواصلة لإيجاد مخارج تخفف من الاثار السلبية للسلسلة على الاقتصاد ولا ترهقه.

ولفت إلى أن ما يُحكى عن تأمين ما تبقى من إيرادات للسلسلة التي أقر منها مبلغ 1330 مليار في الجلسة العامة الشهر الفائت، ليس دقيقاً فتأمين 60 مليار ليرة من المشروبات الكحولية هي من ضمن 1330 مليار ليرة، مشيراً الى أنّ مبلغ 350 مليار ليرة من التعرفة على الكهرباء مشكك به، والمبلغ الذي يُحكى عنه في الأملاك البحرية ليس صحيحاً، فلجنة النائب كنعان تحدثت عن 60 مليار ليرة لا 100 مليار ليرة.

وإذ شدّد على أنّ تأمين 150 مليار ليرة من 15 في المئة على TVA أمر مبالغ به، أكد الجراح أنهم مستعدون للنقاش بهذه الارقام بعيداً عن الشعبوية وايهام الناس بأرقام وهمية.

إطلاق عمل الحكومة ينتظر التوافق!

في غضون ذلك، يبقى تنشيط عمل مجلس الوزراء متوقفاً على الوصول إلى اتفاق حول آلية عمل الحكومة، وبخاصة ما يتعلق بالتوقيع على المراسيم التي تصدر عن جلسات مجلس الوزراء. وأشارت أوساط قريبة من رئيس الحكومة تمام سلام إلى أنه «على رغم الأجواء الإيجابية التي تسود جلسات مناقشة عمل الحكومة والاتصالات حول هذا الموضوع، فإن التوافق على آلية العمل يحتاج إلى مزيد من التواصل، ومعربة عن الأمل بحصول توافق قريباً للتفرغ إلى معالجة الكثير من الأمور التي تنتظر الحكومة ورجحت انعقاد جلسة لهذه الغاية يوم الخميس أو الجمعة المقبلين.

وقالت مصادر وزارية إن أجواء معظم القوى السياسية المعنية تسعى للوصول إلى تفاهم حول هذه الآلية، لكن الأمور لا تزال تحتاج إلى اتصالات ليس داخل مجلس الوزراء بل بين القوى السياسية المشاركة في الحكومة، خصوصاً أن المواقف داخل جلسات الحكومة لم تتغير تقريباً خلال الجلسات الثلاث التي بحثت في موضوع الصلاحيات، مشيرة إلى أن المواقف منقسمة بين وجهتي نظر حول توقيع المراسيم وما يصدر عن مجلس الوزراء.

التوافق على لجنة من 7 وزراء…

ومساء أمس تحدثت معلومات عن توصل المشاورات إلى حلّ بشأن الصلاحيات، ويرتكز على تشكيل لجنة من 7 وزراء برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام، يمثلون الطوائف السبعة الأساسية لكي تتولى دراسة جدول أعمال مجلس الوزراء ووضع بنوده، على أن يحتفظ سلام بكامل صلاحيته بالرفض أو القبول»، على أن تضمّ اللجنة إلى جانب سلام عن السنةّ، نائبه سمير مقبل عن الروم الأرثوذكس، وزير المال علي حسن خليل عن الشيعة، وزير الخارجية جبران باسيل عن الموارنة، وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور عن الدروز، وزير السياحة ميشال فرعون عن الروم الكاثوليك، وزير الطاقة آرتور نظريان عن الأرمن.

الغانم في بيروت

من ناحية أخرى، يلتقي رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم، الذي وصل إلى لبنان مساء أمس في إطار زيارة رسمية للبنان، تستمر حتى بعد غد الثلاثاء، رئيس مجلس النواب نبيه بري وعدداً من المسؤولين اللبنانيين ويتفقد مخيمات النازحين السوريين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى