الأمين حسن دندش… ستبقى في أحلى صفحات تاريخ حزبنا
لبيب ناصيف
إذا كنّا قد كتبنا عن الرفيق مشهور دندش وما تميّز به في الحزب، في الهرمل، وفي البقاع الشمالي من حضور آسر، إلا أن الأمين حسن دندش لم يكن أقل منه تميّزاً في حزبه، وحضوراً في منطقته.
مثله، رفض ارتداء «العباءة» بعد وفاة والده رئيس «عشيرة آل دندش»، مصطفى طعّان دندش. فهو آمن بالتعاليم القومية الاجتماعية التي فيها نبذٌ للطائفية والعائلية والعشائرية.
كان قومياً اجتماعياً حقيقياً، في ممارسته والتزامه وتعاطيه.
عرفته قديماً في الفترة التي عرفتُ فيها شقيقه الرفيق ركان، قومياً رائعاً، بسلوكيته ورقيّه ووعيه، وتجسيده فضائل النهضة. ومع أنه ابن «زعيم» إحدى أهم عشائر البقاع. فهو لم ير في زواجه من زميلته في الجامعة، إليصابات ضاهر، أمراً غريباً على من اعتنق العقيدة السورية القومية الاجتماعية وشرب من روحها حتى الثمالة. ولذا، أيضاً، شجّع أبناءه، الواحد تلو الآخر، على الخضوع لدورات الأشبال في مخيمات صيفية. فكم من مرّة التقيت به في اختتام إحدى الدورات، يقف مع زوجته المواطنة، ينظران بفرح وإعجاب الى أحد أبنائهما المتخرّجين.
التقيتُ الأمين حسن منذ الستينات ورافقته في مسؤولياته، وتابعته عندما غادر إلى الأرجنتين…
من مآثره، وهي كثيرة، أنه عام 1958، وقد حصل خلاف في الموقف بين الحزب وبين والده أبي مشهور، سعى الأمين حسن إلى تجنيب الحزب والمنطقة، معركة كان يراها خاسرة، بين القوميين الاجتماعيين وبين ما كان يسمى حينذاك «المقاومة الشعبية»، التي كان والده متعاوناً معها، فلم ينجح. وتمكن «الثوّار» من التقدّم من بلدة عرسال إلى بلدة النبي عثمان، يساندهم في الهجوم، الشيخ مصطفى طعان دندش، فيما كان الأمين حسن يقاتل مع رفقائه دفاعاً عن القلعة القومية الاجتماعية.
بعد ذلك مباشرة، التحق الأمين حسن بقوات الحزب في شملان، فأصيب في المعركة إصابة بالغة كادت تؤدّي الى بتر ساقه، لولا اهتمام الدكتور البارع إميل رياشي الذي أجرى له عملية معقدة، وأصرّ على وصل ما انقطع من شرايين.
شارك الأمين حسن في الثورة الانقلابية، وكانت مهمته ضبط الأوضاع في منطقة بعلبك ـ الهرمل فور إذاعة البيان «رقم واحد» من إذاعة لبنان. فخضع لما يشبه الإقامة الجبرية في منزل والده، لمدة تزيد على ثلاثة أشهر، وهذا الإجراء اتخذ بحقه، منعاً لردود فعل قد تحدث ضدّ الدولة في منطقة الهرمل.
عام 1971 ـ 1972 انتقل الأمين حسن إلى مدينة حمص، فتعرف فيها إلى اللواء حكمت الشهابي وتوطدت العلاقة بينهما. وكان من جرّاء ذلك أن دعا الأمين حسن رؤساء العشائر في منطقة الهرمل لزيارة حمص واللقاء باللواء حكمت، ولبّى هؤلاء الدعوة وعلى رأسهم كبير «عشيرة» آل جعفر، المرحوم أبو ياسين علي حمد جعفر.
تطوّرت العلاقة تدريجياً حتى أدّت، وبمساهمة رفقاء آخرين إلى بناء علاقة متينة مع الحكم القائم في الشام، أسفر عن رفع الحرم على النشاط القومي الاجتماعي الذي كان محظوراً منذ حادثة اغتيال العقيد عدنان المالكي.
في فترة تولّي الأمين حسن مسؤولية منفذ عام الهرمل، 1993-1995، شهدت المنفذية نشاطاً لافتاً. من إنجازاته أن أسّس مشروعاً زراعياً في سهل القاع، حفر له الأبار وأقام المنشآت، ونظّم انتقال الطلاب من الهرمل إلى زحلة لمتابعة الدراسة، إلى إعطاء أهمية للعمل الثقافي، ومنها استضافة الباحث والمؤرّخ فراس السوّاح لإلقاء محاضرة في البقاع الشمالي ـ مركز القيروان.
هل هذا كل شيء؟ كلا، فسيرة الأمين حسن دندش، ومثلها سيرة الرفيق مشهور دندش، لا تنتهي بصفحتين، أو أكثر. حبذا لو يكتب عنه أحد الرفقاء فتبقى السيرة منارة للأجيال، وقدوة تحتذى. مؤلم أن يرحل أفذاذنا من ذاكرة الحزب بعدما يرحلون جسداً.