ظريف ولافروف: الجيش السوري أساس الحرب على الإرهاب نصرالله برسائل متعدّدة… والترقيات تتقدّم لبلوغ مجلس الوزراء

image_0_1

كتب المحرر السياسي

على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة سيبصر النور أول تفاهم للدولتين الأعظم في العالم، حول الأزمات التي عصفت بالعالم منذ مطلع القرن، والحروب الأميركية التي بدأت بغزو أفغانستان، وطاولت احتلال العراق، وسعت لإسقاط سورية وتطويق إيران وسحق المقاومة في لبنان وفلسطين.

تعترف واشنطن بالفشل وتسير على هدي توصيات بيكر ـ هاملتون من دون أن تعلن ذلك، فمنذ توقيع الاتفاق الإطار للملف النووي مع إيران وإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تسير نحو التسليم التدريجي بالمعادلات التي أفرزتها المواجهة التي قادتها شعوب ودول لإسقاط مشروع الهيمنة الأحادي الذي حملت لواءه أربع إدارات متعاقبة بولايتين للرئيس السابق جورج بوش ومثلهما للرئيس أوباما.

بعد التسليم بإيران نووية والاعتراف بها دولة إقليمية عظمى، تسير التسوية الأوكرانية بسرعة، بينما روسيا تنتزع الاعتراف من بوابة تموضعها الاستراتيجي على ضفاف المتوسط، ما كان حلماً لقياصرتها وصار بقوة الدفاع عن القانون الدولي والحقوق السيادية للدول ومحاربة الإرهاب، واقعاً قائماً يتحقق على أيدي الرئيس فلاديمير بوتين.

روسيا بشخص رئيسها بوتين تفرض حلاً أوكرانياً وحلاً سورياً وفقاً لروزنامتها، وتقطع الطريق على فرص حروب الاستنزاف، بينما إيران الشريك الإقليمي لروسيا تتقدّم كقوة صاحبة يد عليا في تسويات المنطقة وفي الحرب على الإرهاب، والشريك السوري لكليهما صنع بصموده الأسطوري فرص نصرهما الرئيسية، وكتب سطور المشهد الجديد للعالم والمنطقة.

على خلفية هذا المشهد كرّت سبحة الاعتراف بالرئيس السوري بشار الأسد عنواناً لسورية الحاضر والمستقبل على رغم الصراخ المعاكس للذين يسلّمون بدور الأسد في المرحلة الانتقالية، وعلى هذه الخلفية أيضاً عقد وزير الخارجية الأميركي جون كيري لقاءاته مع وزيري خارجية إيران وروسيا محمد جواد ظريف وسيرغي لافروف مسلّماً باعتبار أنّ الحرب على الإرهاب يتقرّر مصيرها في سورية والتقدّم في الحلّ السياسي الذي يفترض أن يولد من جنيف الثالث بعد التوافق على سلوك الطريق الذي أرادته إيران وروسيا، وعنوانها الرئيس الأسد، ليسمع بوضوح قاطع أنّ الجيش السوري هو عماد هذه الحرب على الإرهاب، وأنّ الأسد عنوان هذا الجيش، والمسألة تتخطى حدود ضرورات المرحلة الانتقالية، لتتصل بموجبات الفوز في الحرب على الإرهاب وتوفير مقتضياتها وفي طليعتها وقف تمويل وتسليح وتسهيل تحرك الجماعات الإرهابية.

ولإيضاح هذا المشهد وتفاصيله كانت إطلالة أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، الذي تطرّق إلى الوضع الميداني في سورية والتموضع الروسي الاستراتيجي ومعاني التبدّلات في الموقف من الرئيس الأسد، وصولاً إلى ما يتهدّد القضية الفلسطينية والمسجد الأقصى، وما جرى من كارثة في موسم الحجّ، وانتهاء بالملفات اللبنانية الرئاسية والحوارية وفي طليعتها قانون الانتخابات النيابية.

لبنانياً وإقليمياً بقي كلام السيد نصرالله محور ردود أفعال، بينما لبنان ينتظر انعقاد مجلس الوزراء الذي أكدت مصادر متابعة أنه سيكون أمام إنجاز التفاهم على ترقية عمداء في الجيش اللبناني من بينهم العميد شامل روكز، كمدخل لفتح باب استئناف العمل الحكومي وتزخيم الفرص للتفاهمات على طاولة الحوار خصوصاً ما يتصل بقانون الانتخابات.

تنشط الحركة السياسية اعتباراً من اليوم بعد انتهاء عطلة عيد الأضحى وسط تكدّس الملفات والاستحقاقات الداهمة على المستويين السياسي والمطلبي، حيث من المرجح أن يدعو رئيس الحكومة تمام سلام فور عودته من نيويورك إلى جلسة لمجلس الوزراء، لتفعيل العمل الحكومي ومعالجة المشاكل الحياتية، فيما يعود المتحاورون إلى طاولة الحوار الوطني بجلسات متتالية أيام السادس والسابع والثامن من شهر تشرين المقبل، لاستكمال النقاش في الملفات الخلافية.

إطلالة السيد نصرالله خرقت الجمود الداخلي

رتابة المشهد السياسي الداخلي خرقته إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله التي وجه من خلالها جملة مواقف من التطورات المحلية والإقليمية والدولية الأخيرة، فقد جدد التأكيد بأن الفرصة ما زالت قائمة وستزيد لانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، لافتاً إلى أنه الأقوى تمثيلاً وحضوراً، ومشدداً على أنه طالما عون مرشح للرئاسة فنحن معه من دون سقف زمني.

وفي لقاء مباشر على قناة «المنار» حمّل السيد نصرالله السعودية المسؤولية الكاملة عن حادث الحج في منى كونها تدير مناسك الحج وترفض مشاركتها بذلك.

وفي الشأن السوري، لفت نصرالله إلى أن «صمود سورية وحلفائها لمدة خمس سنوات من الحرب الكونية هو سبب التحوّلات الحاصلة اليوم في المواقف الدولية». ووصف الوجود القتالي وليس الاستشاري لروسيا في سورية بأنه تطور كبير، لافتاً إلى انه لم يكن وليد الساعة وتم التحضير له مع الدول المعنية منذ أشهر وأن حركته كانت منسقة».

وفيما أوضح أنّ الزبداني لم تكن عصية على الجيش السوري والمقاومة وأنها كانت معرّضة السقوط بعد أسبوعين فقط من حصارها، كشف السيد نصرالله بأنه تمّ تركها لكي تكون فرصة لمعالجة ملف الفوعة كفريا. مشدداً على «أننا كمقاومة سنكون حيث يجب أن نكون ولن نتخلى عن هذا المبدأ».

وتطرق السيد نصرالله إلى الملف اللبناني، محدداً مجموعة مواصفات لرئيس الجمهورية وهي «الرئيس القوي والحاضر والذي لا يباع ويشترى، وقال: «وجدنا أن هذه المواصفات تنطبق على عون ولكن إن عدل عن ترشيحه ورشح شخصاً آخر فأيضاً سندرس مدى إمكانية تطابق المواصفات عليه».

وأشار إلى أن «من يرفض قانون النسبية هو ديكتاتوري لأنه يرفض في منطقته وفي طائفته شريكاً له ويفرض تمثيله على طائفته، بينما النسبية تتيح أن يكون له شريك»، مشدداً على أن «طاولة الحوار شكّلها الرئيس بري وهي فكرته وهو استشارنا كما استشار بقية الأطراف»، موضحاً أنه «إذا لم نتفق في شأن ملف الرئاسة سنتناقش في شأن الملفات الأخرى».

أهمية ظهور السيد في إدارة الصراع

وأشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» في تعليقها على كلام السيد نصرالله، إلى أنه «في سياق المعركة الكبرى الدائرة في المنطقة فإن شخصية السيد نصرالله تفوق الاعتبار اللبناني لتصبح شخصية محورية في إدارة الصراع الكبير في المنطقة وحضورها في معادلة المواجهة بين محور المقاومة والمحور الآخر الذي يتآمر على المقاومة، بالتالي باتت لإطلالة السيد فواصل زمنية محددة يجب أن لا تترك أي فراغ في الخطاب الإعلامي والسياسي والمعنوي لا سيما أن هناك 3 شخصيات تناوبت مؤخراً على الإطلالات الإعلامية في إدارة المعركة وهي الإمام علي الخامنئي والرئيس الأسد والسيد نصرالله وتكاملت مع إطلالة الرئيس فلاديمير بوتين خصوصاً بعد تفعيل الحضور الميداني الروسي في سورية والتي تشكل نقلة نوعية في قلب الصراع في سورية والمنطقة».

ولفتت المصادر إلى التنوع في إطلالات السيد، منبرية أو خلال مناسبات وأحياناً في حلقات تلفزيونية لتبقى منظومة التواصل بين القيادة التي تدير الصراع وبين الجمهور وكذلك توجيه الرسائل لأطراف الصراع على مستوى المنطقة والعالم».

وأضافت: «واضح أنّ الإطلالة المستفيضة والتي أخذ السيد مداه ليتحدث عن المرحلة في زمنها الحالي واستشراف المستقبل، أولاً حرص السيد على وضع حادث الحج في إطار مباشر وحمّل المسؤولية للسعودية ومقاربته أتت تأكيداً على الاشتباك السياسي مع المملكة وأسقطت رهان فريق لبناني على أيّ حوار سعودي- إيراني قريب يكفل فرض حلّ الملفات العالقة ومنها رئاسة الجمهورية، كما وضع السيد الحادثة في إطار خطير وتشكيك بقدرات السعودية على الإدارة المباشرة لملف الحج، ما سيفتح نقاشات مهمة في هذا الشأن لما للسيد نصرالله من حضور على مستوى العالم الإسلامي».

ولفتت المصادر إلى أن السيد نصرالله «وضع ملف الزبداني وكفريا والفوعة في نطاقه الصحيح وكشف أسراره وظروفه لقطع دابر التأويل والإشاعات وضرب كلّ الحملات الإعلامية التي روّجت لسيناريوات تتحدث عن فشل الحزب والجيش السوري في حسم هذه الجبهة بل الربط بين الزبداني وبين كفريا والفوعة واضح وأنّ التقدّم الواسع في الزبداني استغلّ لإنقاذ شريحة واسعة من السوريين المحاصرين».

وركزت مصادر أخرى لـ«البناء» على حديث السيد نصرالله في الشأن المحلي، وأكدت أنه «أفرد الوقت لمسألة قانون الانتخاب على أساس النسبية. وحديثه التفصيلي فيه، وهو قائد على مستوى المنطقة، يعتبر ترميزاً مستقبلياً بأن مسار نجاح أي نظام سياسي جديد يكون من خلال هذا القانون النسبي وبالتالي فهو نقلة نوعية برؤية حزب الله إلى الدولة والنظام السياسي فيها». واعتبرت المصادر أن حديث السيد عن الحوار قطع دابر التأويل بحصر الحوار بملف الرئاسة بل منذ تسلم حزب الله للدعوة تبلغ تنوع عناوين الحوار.

جمود حكومي بانتظار عودة سلام

في الشأن الحكومي لا جديد في انتظار عودة الرئيس سلام من نيويورك، حيث من المتوقع أن يدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء الخميس المقبل، إلا أن الاتصالات بموضوع تفعيل العمل الحكومي وإنضاج تسوية التعيينات الأمنية لم تلحظ أي تقدم بل تراوح مكانها ضمن الشروط والشروط المقابلة.

وفي السياق، أكد وزير الإعلام رمزي جريج لـ«البناء» أن الوزراء لم يتبلغوا رسمياً أي دعوة لجلسة لمجلس الوزراء لكنه شدد على أن سلام سيدعو إلى جلسة فور عودته من نيويورك، ومن المرجح أن تكون يوم الخميس المقبل ما يتيح المجال أمام استكمال الاتصالات لحلحلة ما على الصعيد الحكومي. وأشار إلى أن «هناك فريقاً يربط بين ملف التعيينات الأمنية وبين حضوره لجلسات مجلس الوزراء على رغم أن لا ضرورة لهذا الربط، ودعا جريج هذا الفريق إلى حضور أول جلسة حكومية بلا شروط مسبقة».

ونفت مصادر وزارية لـ«البناء» ربط تيار المستقبل تسوية ترفيع الضباط ومنهم العميد شامل روكز بتشكيل مجلس قيادة قوى الأمن الداخلي وتعيين مدير عام قوى الأمن الداخلي.

وحذر رئيس مجلس الوزراء تمام سلام في تصريح من «مغبة استمرار التعطيل على مستوى السلطة التنفيذية لما لذلك من ضرر مباشر وأكبر من شلل رئاسة الجمهورية ومجلس النواب»، آملاً في «أن ينعكس الحوار القائم إيجاباً على عمل مجلس الوزراء».

طاولة الحوار قادرة على إنجاز الكثير

واعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري أنه «يخطئ الظن من يعتقد في الداخل أن طاولة الحوار هي لتضييع الوقت أو ضد الحراك الشعبي المدني، بل هي قادرة على إنجاز الكثير شرط أن تتوافر النوايا الصادقة لدى الأطراف المتحاورين، وإنني مؤمن بأن النوايا الصادقة لدى الجميع لإنقاذ لبنان».

خطة النفايات إلى التنفيذ اليوم

على صعيد ملف النفايات، من المتوقع أن يبدأ اليوم تنفيذ خطة الوزير أكرم شهيب لمعالجة أزمة النفايات، بعد الموافقة النهائية لأهالي المناطق المعنية بالخطة، على رغم استمرار اعتراض هيئات المجتمع المدني.

وفي السياق، أوضح أهالي عين درافيل وفي بيان «أننا استجبنا وقبلنا بفتح مطمر عين درافيل لمدة سبعة أيام فقط، استناداً إلى الوعد بأن تكون هذه الأيام السبعة هي الأخيرة بعمر المطمر وأن تتم فوراً الإجراءات اللازمة لإقفاله».

في المقابل تجمع عدد من الشبان أمام مطمر الناعمة رفضاً لخطة النفايات التي قدمها شهيب والتي تقضي بإعادة فتح المطمر سبعة أيام فقط. كما نظمت هيئات المجتمع المدني اعتصاماً على طريق مجدل عنجر احتجاجاً على إقامة مطمر للنفايات على السلسلة الشرقية عند الحدود اللبنانية السورية.

ودعا الرئيس سلام في تصريح اللبنانيين إلى «التجاوب مع خطة الوزير أكرم شهيب في شأن النفايات لتسهيل تطبيقها، بالتالي رفع فتيل متفجر تمثل بغضب الشارع».

ورجحت مصادر وزارية في حديث إلى «البناء» أن يبدأ التطبيق العملي للخطة اعتباراً من اليوم.

للحراك مصلحة باستمرار أزمة النفايات

وأشار عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار لـ«البناء» إلى أن «هناك أطراف متعددة لا مصلحة لها بالوصول إلى حل لموضوع النفايات على رغم التوافق بين جميع الأطراف داخل الحكومة على خطة شهيب، وأكد الحجار أن لا حلول بديلة عن الخطة المطروحة في ظل ضيق الوقت، قائلاً: من لديه حل بديل أفضل فليطرحه للنقاش لا أن يعمل إلى تضييع الوقت وإثارة المشاكل، وتساءل الحجار عن اعتراض بعض الأشخاص على إعادة فتح مطمر الناعمة طالما الأمر برعاية البلديات التي سيعود لها الحق بتولي الموضوع لاحقاً وطالما أن الخطة ستكون تحت إشراف اتحاد بلديات المنطقة وأن فتح المطمر لـ 7 أيام فقط».

وإذ أكد أن موافقة النائب وليد جنبلاط على فتح المطمر وهو الذي أعطى التوجيهات بإقفاله في تموز الماضي، جاءت في إطار خطة شهيب للحل، اعتبر الحجار أن هناك مصلحة للحراك المدني بإبقاء مشكلة النفايات قائمة لتحقيق أهداف سياسية ولتبرير التحركات في الشارع».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى