الرغبة الأميركية في التنسيق مع روسيا لمحاربة «داعش»
ناديا شحادة
أثبتت الدبلوماسية الروسية التي اتبعها الرئيس فلاديمير بوتين نجاحها واستطاعت ضرب الدبلوماسية الأميركية وإفشال مخططها في منطقة الشرق الأوسط وبالذات في سورية حيث استطاعت موسكو القادرة على مقاومة الضغط الدولي والمستعدة لعمل ما هو ضروري لإعادة إحياء الاستقرار في سورية، استطاعت بسياستها إعادة رسم الخرائط في شكل يتوافق مع الواقع الحالي الذي تمر به المنطقة بعد المتغيرات التي شهدتها من توقيع الاتفاق على النووي الايراني وظهور ايران كقوى اقليمية عظمى، وصمود سورية قيادة وجيشاً، الذي افشل مخطط التقسيم وقلب موازين الصراع على الارض، حيث بات واضحاً ان اليد العليا هي للجيش السوري والمقاومة في الميدان، فهذا التحول النوعي المستند الى دعم روسيا التي اعادت اميركا عن طريقها الخاطئ في سياستها المتعبة تجاه ملفات المنطقة ومنها سورية، وهذا ما أكده احد المستشارين السابقين في البيت الابيض وينث تود حيث قال ان السياسة الروسية تجاه سورية تساهم في اعادة اميركا عن طريقها الخاطئ.
ويرى المراقب لشؤون الشرق الاوسط ان الوقت قد حان للبدء في التمهيد للتسوية السياسية على مستوى المنطقة، فالحركات المكوكية لوفود سياسية دبلوماسية روسية وأميركية والتركيز الروسي على محاربة الارهاب وايجاد حل سياسي للازمة السورية والملفات العالقة بالتنسيق مع الاميركي تؤكد بأن هناك نوايا فعلية للبدء بالتسوية على مستوى الشرق الاوسط. فروسيا نجحت في ظل انبعاثها في شؤون الشرق الاوسط بتبديد الحلم الاميركي وإلغاء المعادلة التي مكنت الولايات المتحدة من التحكم بالعالم منفردة لعقود طويلة وباتت الأخيرة لديها رغبة للتعاون مع روسيا لحل مجمل الملفات العالقة وهذا ما أكده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في 27 ايلول من العام الحالي.
فالرغبة بالتنسيق والتعاون الروسي – الاميركي اللذين اثمرا نجاحات منها التوقيع على النووي الايراني والذي كان لروسيا دور مهم فيه سيكون فعالاً لمحاربة الارهاب الذي سيشكل بداية الطريق لحل الازمة السورية التي ستنعكس على ملفات منطقة الشرق الاوسط ككل، فعلى رغم استبعاد روسيا من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة «داعش» في سورية والعراق التي سيكون لها دور فعال في محاربة الارهاب، وذلك لارتباط روسيا مع معظم دول المنطقة بأطر مؤسسية للتعاون الامني في مجال مكافحة الارهاب بالاضافة الى وقوفها الى جانب شعوب المنطقة ودعم الحكومة السورية سياساً وعسكرياً منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من أربع سنوات وكذلك الدعم العسكري الذي قدمته للعراق لمحاربة الارهاب في إطار عقد تسليح بقيمة 4.2 مليار دولار الذي وقع مع رئيس الوزراء نوري المالكي، تمسكت روسيا بضرورة تشكيل تحالف دولي وإقليمي ضد الإرهاب واستصدار تفويض بذلك من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وكذلك موافقة الدول التي تجري انشطة التحالف في اقليمها، ونجح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بفرض وجهة نظره على أميركا وأرووبا في تأسيس هذا التحالف العسكري وضم الحكومة السورية اليه، فموسكو بذلت جهوداً كبيرة لحل ملفات منطقة الشرق الأوسط ولمكافحة الإرهاب وباتت فجوة الخلافات بين اميركا وروسيا في مواجهة توسع تنظيم داعش تضيق تدريجياً، وأصبح الرئيس الاميركي باراك اوباما أكثر اقتناعاً بالحل الروسي للازمة السورية وإعطاء الأولوية لقتال تنظيم داعش، فيبدو ان اميركا تتجه نحو التأقلم مع الواقع الجديد فبعد ان عبرت عن قلقها رحبت بأية مساهمة روسية في محاربة «داعش»، وبات وزير دفاعها ينسق مع وزير الدفاع الروسي في دقائق الميدان، وأصبحت المواقف الاميركية والروسية من الحرب ضد «داعش» متقاربة وهذا ما اكده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، فمع الرغبة بالتنسيق والتعاون الاميركي – الروسي اللذين يشكلان تحولاً مهماً من التماهي الاميركي مع السياسية الروسية التي استخدمت الفيتو مرتين في مجلس الأمن الدولي ضد أي قرار يسمح بالتدخل العسكري في سورية وفق البند السابع من ميثاق المنظمة الدولية تقدمت به الجامعة العربية مدعومة من الولايات المتحدة الاميركية، يبقى السؤال هل سنشهد قريباً حلاً لجميع الملفات العالقة في منطقة الشرق الاوسط والتي ستكون بدايتها إنهاء الأزمة السورية؟ وبالذات بعد تأكيدات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في 28 من الشهر الجاري على ان هناك تقارباً بين موقفي موسكو وواشنطن تجاه أزمة سورية.