السعودية تستعدّ للمواجهة: مأساة الحجاج أكبر من حادثة وأكثر من فرصة

وكأنّ السعودية لا تكفيها الأزمات المفتوحة التي تعيشها حتى تقع حادثة استشهاد حجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة جراء التدافع، ما أودى بعدد كبير منهم بين شهيد وجريح.

السعودية التي لا تزال غير قادرة حتى الساعة على إيقاف حرب بدأتها على اليمن، أي بعد ستة أشهر تشرح بذاتها وضع المملكة المربك الغير قادر على حماية حدودها من هجمات الحوثيين الصاروخية التي استهدفت في الآونة الأخيرة مدرّعات ومعسكرات التحالف العربي بقيادة الرياض.

السعودية التي تسعى الى إثبات صحة استراتيجياتها في المنطقة تواجه اليوم معضلة الاعتراف بالرئيس السوري بشار الأسد كرئيس مقبول لمرحلة انتقالية لحلّ سياسي في سورية، بعدما كان مستحيلاً القبول بذلك لدى واشنطن وحلفائها، وبالتالي فبعد اعتراف الدول الأوروبية وواشنطن وفرنسا وبريطانيا وتركيا فإنّ على السعودية اليوم استحقاق التنازل والاعتراف وترك المكابرة جانباً، لأنّ المكابرة في هذا الإطار لم تعد تنفع بل ستزيدها عزلة وترفع منسوب المشاكل الداخلية بسبب سياساتها الخاطئة القادرة أن تشكل ضغطاً لدى العائلة الحاكمة.

على السعودية أن تأخذ علماً اليوم بأنّ حادثة حجاج منى التي فتحت أبواب النار الإيرانية عليها لعدم وضوح ملابساتها وعدم التعاون الذي تطلبه إيران من المملكة لناحية معرفة المصير وعما إذا كان هناك مفقودين فعلاً أم أنهم في عداد الشهداء، إنها حادثة ستعرّضها للاهتزاز الداخلي وانها حادثة يمكن استغلالها بعدة اتجاهات أبرزها:

أولاً: استغلال الحادثة داخل الديوان الملكي الثائر والمنتفض على سياسات الملك سلمان التعسفية وإقالاته لمسؤولين عدة اسست منذ ما قبل حادثة منى الى تحريض داخلي لإحداث تغيير بإشارات رفض بعض الأمراء لما يجري ولما يعتبرونه حقاً لهم قدّموه الى الملك من دون مقابل، هذا إضافة الى فئة ترى اليوم أنها مبعدة عن الحكم وتسعى لاستعادة دورها.

ثانياً: حادثة منى هي مقدّمة هامة للأميركيين للضغط على السعوديين باتجاه حلّ في اليمن، وذلك عبر مساعدة السعودية في الكواليس الديبلوماسية على إعطاء وعود والتزامات مقابل إرساء حلّ في اليمن.

ثالثاً: حادثة منى هي بوابة تركيا الى العالم الإسلامي وهي فرصة تعبيرها عن سخط قدّمه مسؤولوها كأول تعليقات على الحادثة النارية التي طالبت فوراً بأخذ تركيا على عاتقها ولجنة إسلامية تنظيم الحجّ، وهو الذي يعتبر خطاً احمر سعودياً، وبالتالي فإنّ ايّ مكابرة في الملفات المذكورة وأيّ مكابرة في عدم التعاون للتحقيق بالحادث هو فرصة مقدّمة لتركيا على طبق من ذهب.

وعليه من الأفضل للرياض التعاون في التوصل الى نتيجة جدية تبعد عنها الشبهات أولاً، وتكشف ما اذا كان هناك عمل تخريبي قد لا تكون اليد «الاسرائيلية» بعيدة عنه، وذلك من أجل إنقاذ نفسها من مخاطر استغلال الحادث داخلياً وخارجياً أيضاً.

السعودية تستعدّ لأسوأ ايام المواجهة والتنازلات.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى