ليبراسيون: الفرنسيون عاقبوا اليسار… وهولاند
155 بلدة من مجموع 500، خسرها الحزب الاشتراكي الفرنسي في الانتخابات البلدية الأحد الماضي. إذ حصل حزب «الجبهة الوطنية» اليميني على 14 بلدة، في حين فاز حزب «الاتحاد من أجل حركة شعبية» المحافظ بـ140 بلدة خسرها الاشتراكيون.
في ضوء هذه الأجواء للخسارة المدوية للحزب الحاكم بقيادة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في الانتخابات البلدية، ووسط الوضع الاقتصادي القاتم الذي تعانيه فرنسا، ستخاض الانتخابات البرلمانية الأوروبية. وكان حزب «الجبهة الوطنية» اليميني قد أحرز تقدماً ملحوظاً في الانتخابات، وفاز بغالبية ساحقة في واحدة من أكبر البلديات في الدورة الأولى من هذه الانتخابات، إذ حل في المرتبة الأولى في العديد من المدن الواقعة في جنوب البلاد بربينيان، افينيون، بيزييه وفريجوس وأخرى واقعة في شمالها فورباش ، فيما شهدت الدورة الثانية تكريس التقدم وفوز مرشحيه بهذه البلديات.
وحصدت «الجبهة الوطنية» 50.26 في المئة من الأصوات في بلدية اينين بومون ، المدينة الواقعة في شمال البلاد والتي كانت تاريخياً معقلاً لليسار، كما أظهرت النتائج الرسمية. وقد سارعت رئيسة «الجبهة» مارين لوبين إلى الترحيب بأولى النتائج التي أعطت مرشحي حزبها المراتب الأولى في مدن عدة، وقالت إنها «نهاية القطبين في الحياة السياسية» بين اليسار واليمين، واصفة منجزات حزبها بـ «الانتصار الكاسح».
جاءت هذه الانتخابات في وقت امتنع العديد من الأشخاص الذين صوتوا لهولاند وحزبه منذ سنتين عن التصويت، الأمر الذي أدى إلى خسارة مدوية للحزب الاشتراكي، الذي واجه صعوبة كبيرة في الدورة الثانية من هذه الانتخابات البلدية. وجاء العنوان الرئيسي لصحيفة «ليبراسيون» اليسارية على صفحتها الأولى «العقاب»، في وصفها لنتائج الانتخابات.
وتأتي هذه الانتخابات قبل شهرين تقريباً على موعد الانتخابات الأوروبية، وفي وقت تبدو حظوظ حزب «الجبهة الوطنية»، وحزب «الاتحاد من أجل حركة شعبية»، متساوية في استطلاعات الرأي، ولكل منهما أسبابه للاحتفال.
هذه النتائج دفعت بفرانسوا هولاند لتعيين وزير الداخلية مانويل فالس رئيساً للحكومة الجديدة، بعد إعلان رئيس الوزراء جان مارك آيرولت، أنه يتحمل جزءاً من اللوم عن هزيمة الحكومة، والذي قال مكتبه إنه استقال صباح أول من أمس. حيث أتت محاولته هذه لتشتيت التركيز عن خسارة هولاند وحزبه. وقد أقر ايرولت بأن الهزيمة الكبيرة التي مني بها الحزب الاشتراكي الحاكم في الدورة الثانية من الانتخابات البلدية تمثل فشلاً لحكومته.
هولاند قال إنه تلقى بوضوح رسالة الفرنسيين واعداً بفريق حكومي مصغر وبتخفيف الضرائب قبل عام 2017. وفي خطاب ألقاه على شاشات التلفزة قال هولاند الذي كشفت الانتخابات عن تراجع شعبيته إن موعد التغيير قد حان، مؤكداً أن الآن هو الوقت المناسب للحفاظ على الموارد العامة للدولة.
ويأتي ذلك في وقت لا يزال معدل البطالة الذي تعهّد هولاند بمكافحته بحلول نهاية عام 2013، في ارتفاع. وبلغ عدد الباحثين عن وظائف من العاطلين 31.500 شخص الشهر الماضي، وهو أعلى مستوى سجل في العام الماضي. إذ يقدر إجمالي الباحثين عن عمل، ومن بينهم من يعملون بدوام جزئي، حوالى 5 ملايين شخص.
وقد أُعلن أمس عن تفويت حكومة هولاند الهدف الذي وضعته للعجز، والمتمثل بنسبة 4.1 في المئة، والذي وعدت به شركاءها في الاتحاد الأوروبي. وسيتوجب عليها إجراء مزيد من التقشف. ووفقاً للأمم المتحدة، فقد تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في فرنسا بنسبة، بلغت 77 في المئة العام الماضي.
وتعتبر رئاسة الوزراء الدرجة الأعلى في سلم المناصب السياسية التي تولاها مانويل فالس. إذ تبدد حلم هذا الاشتراكي الإسباني بتبوؤ منصب رئاسة فرنسا في انتخابات عام 2011، وحين فشل في الحصول على دعم الحزب الاشتراكي اتجه لدعم هولاند.
قبل توليه حقيبة الداخلية، كان قد دخل الجمعية العمومية نائباً منذ عام 2002. وقبل ذلك انتخب عمدة لبلدية ايفري ، واستلم مناصب قيادية واستشارية في الحزب.
مانويل فالس البالغ من العمر 51 سنة، والمعروف بـ «الشرطي الأفضل» في فرنسا هو من مواليد مدينة برشلونة الإسبانية، ليس محبوباً بين الاشتراكيين، لكنه يرضي الكثيرين من ناخبي اليمين، وقد انتسب للحزب الاشتراكي عن 17 سنة، ويصف نفسه بالاشتراكي الإصلاحي، ويدعو إلى ما يسميها اشتراكية واقعية. يعتبر أن على اليسار دفع الفرد إلى تحقيق ذاته، بدلاً من العيش للتكافل الوطني فقط.
وانطلاقاً من هنا، يروج فالس لاعتماد نظام ضريبي تصاعدي على غرار المحافظين، كذلك يدافع عن اعتماد نظام رقابة أوروبي موحد لدول الاتحاد الأوروبي.
وإذ يعتبر فالس «إسرائيل» مكاناً روحياً لجميع يهود العالم، يؤكد أن ارتباطه بـ»إسرائيل» أزلي. ترجم موقفه هذا عام 2011، حين عارض حصول فلسطين على صفة دولة مراقبة في الأمم المتحدة، ومن خلال وقوفه القوي ضد مقاطعة «إسرائيل» بسبب سياساتها الاستيطانية.
وعلى غرار نيكولاس ساركوزي، يرتبط فالس بتفشي البطالة بين الغجر الذين يعيشون في مناطق عشوائية على حواف المدن الفرنسية، وبحسب إذاعة «أوروبا واحد» الفرنسية، يسارع فالس بزيارة مواقع الجريمة، وهو تصرف «يشبه ساركوزي إلى حدّ كبير».