«إسفين» روسي يصدّع التحالف الدولي!

فاديا مطر

مع ارتفاع حرارة الجدل السياسي في الأوساط الدولية حول العمليات الجوية العسكرية الروسية في سورية ضد التنظيمات الإرهابية، بالتزامن مع تباين الآراء الدولية بين ليل ونهار بأمل التخفيف من جدواها أو حتى التعبير عن مخاوف من تداعياتها وكشفها مستور «التحالف الدولي» الفاشل، لكن طلب الدولة السورية من روسيا مباشرة المساعدة بالقضاء على الإرهاب المنتشر على الأرض السورية فتح نافذة في جدار «الانتظار السياسي» دولياً وإقليمياً، بدأت التسريبات الضمنية بالتوافد مع ما تضمنته القائمة الإرهابية المستهدفة روسياً، فقد أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أول من أمس أنه «لا يمكن أن يكون من الممكن إنهاء الحرب في سورية إلا بمساعدة روسيا وأن لا حل بدونها»، بعد أن كانت قد صرحت في 24 أيلول المنصرم أنه «يجب الحديث مع اللاعبين الأساسيين في منطقة الشرق الأوسط والرئيس الأسد أحدهم»، في ما تطغى المخاوف الدولية من العمليات العسكرية الروسية في سورية على أغلب مواقف دول العدوان التي منها الكيان الصهيوني الذي أطلق نيرانه مراراً على مرتفعات الجولان وقصف مواقع سورية استراتيجية حدودية وغير حدودية ، فقد قال عاموس جلعاد، مستشار وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون في تصريح صحافي أمس أنه «من السابق لأوانه معرفة حجم التدخل العسكري لموسكو في سورية، وهل سيؤدي إلى قصّ أجنحة «إسرائيل» على مستوى العمليات»، في ما دعت تركيا وشركاؤها في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة روسيا إلى وقف عملياتها في سورية في حين أكدت روسيا أن غاراتها ستدوم من 3 إلى 4 أشهر مقبلة، فهي رسائل واضحة وصريحة حملت في أوراقها غرفة العمليات الاستخبارية المشتركة مع إيران وسورية والعراق وما مضى من اتفاق دولي نووي مع إيران ودعم سياسي واضح للجيش العراقي والحشد الشعبي الذي لا ينتظر كثيراً من غارات «التحالف الواشنطوني» والذي رحب اليوم على لسان رئيس الوزراء «حيدر العبادي» بعمليات جوية روسية على أراضيه ضد تنظيم داعش الإرهابي، فهو بداية للتصدع في جدار التحالف الأميركي وامتداده إلى تشققات بعد «الإسفين» الروسي الذي بات واضحاً تأثيره في المجتمع الدولي وكسره شبه الإجماع الذي كان منصبّاً على دعم عمليات التحالف الدولي الجوية في سورية والعراق، والذي بدأت ماكينته الإعلامية العمل على موضوع سقوط ضحايا مدنيين في غارات الطائرات الروسية على الأرض السورية قبل بدئها، كما أكد الرئيس بوتين، والذي وصفها بأنها تمثل «هجوما إعلامياً».

فالقرار الروسي في سورية وزيادة المشاركة الإيرانية سيتحول إلى قطب جاذب لمعظم القوى العالمية الراغبة في مكافحة الإرهاب بعد محدودية خيارات الغرب باتجاه التقدم الروسي عسكرياً في سورية الذي يرسخ معادلة «قيصر وأسد وسيد» في إنهاء الإرهاب الذي رفض تحالف أوباما القضاء عليه، كما كان أكد المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص للتحالف الدولي الجنرال المتقاعد جون آلن في 7 تشرين الثاني مطلع هذا العام أنه «لا يعتقد أن الرئيس الأميركي باراك أوباما يعتزم إبادة «داعش»، حينما تعهد بتدمير هذه الجماعة الإرهابية»، فهي تصريحات مشككة في جدية التحالف الدولي بمكافحة الإرهاب من آل بيت أوباما، وهي تصطف في حقل الخداع والمكر الأميركي ـ الغربي ـ العربي تجاه مكافحة الإرهاب، فالعمل العسكري لروسيا ضد تنظيم «داعش» الإرهابي ومتفرعات القاعدة سيشكل تطوراً مهماً على صعيد الحرب الدولية على سورية ومتغيراً ميدانياً على عموم الأرض السورية يكشف ويُعري الولايات المتحدة وحلفاءها الذين يسعون ضمنياً إلى جعل الحرب الروسية ضد تنظيم «داعش» جزءاً من منظومة دولية متكاملة ستتكشف وجوهها قريبا وتباعا بعد تحديد روسيا بالتعاون مع الجيش والدولة السورية بنك أهداف تكتيكية حددت معالمه الاستراتيجية نوعية الأسلحة ومواقع الاستهداف، الأمر الذي دعا الولايات المتحدة وحلفاءها إلى تغليف مطالبهم بالانضمام للحرب الروسية على «داعش» بغلاف «الاشتباك الخاطئ»، فهل ستنضم قوى دولية أخرى إلى «تحالف موسكو» برغبتها القسرية، أم أن الله قضى أمراً كان مفعولاً؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى