أسباب الحرب على سورية
ناديا شحادة
بعد البحث في الأسباب الحقيقية للحرب على سورية بعيداً عن الأسباب غير المباشرة، وقراءة الأحداث بكل أبعادها الاستراتيجية يمكننا معرفة حقيقة وأبعاد الصراع في سورية التي تعتبر من الدول المهمة في المنطقة لمرور الطاقة. فمن أهم أسباب الصراع في سورية هو إبعاد الحليف الروسي عن المتوسط وخطوط الغاز والنفط، فبعد توقيع كل من إيران والعراق وسورية في تموز العام 2011 على اتفاقية لمد أنبوب غاز ونفط بطول خمسة آلاف كيلو متر، حيث أكد معاون رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي لشؤون التعاون الدولي أنه تم تشكيل لجنة فنية سورية عراقية إيرانية مشتركة تعمل على دراسة ومتابعة مشروع مد خط أنابيب الغاز في إيران الى الحدود العراقية فسورية. وقد حددت هذه اللجنة مسار هذا الأنبوب الذي يبدأ من حقل باريس الجنوبي الإيراني وعبر العراق الى الحدود السورية العراقية وعبر سورية من الساحل السوري ومنه إلى أوروبا. يؤكد المتابعون على أن قراءة هذا الخبر للوهلة الأولى بدا عادياً ولكن انطوى على الكثير من الأبعاد السياسية والاقتصادية، وبالذات بعد الاكتشافات الهامة للغاز في المتوسط. لهذا السبب بدأ الضغط على سورية، فبتوقيع اتفاق لتمرير الغاز الإيراني عبر العراق وسورية ومن ثم للبحر المتوسط لتتم تغذية أوروبا بالغاز كما أعلن وزير الخارجية الإيراني فيكون الفضاء الجيوسياسي انفتح بينما أغلق الفضاء الغازي على غاز نابوكو – خط الغاز الأميركي، حيث خطت واشنطن خطوات من أجل تقليل النفوذ الروسي في أوروبا وآسيا الوسطى عبر تشجيع بناء أنابيب نفط غاز جديدة تمتدّ من بحر قزوين عبر جورجيا وتركيا إلى أوروبا، باقتراح بناء خط أنابيب غاز نابوكو المخصص لنقل الغاز الطبيعي. فغاز نابوكو أغلق، وضاعت فرصة الغاز السوري وثبت مشروعي السيل الشمالي والجنوبي الروسي، وما يُضاف إليهما من استثمارات في شرق المتوسط كأولوية على حساب الأميركيين والغرب. وقد اعتبر هذان المشروعان وسام الاستحقاق التاريخي على صدر فلاديمير بوتين من أجل عودة روسيا إلى المسرح العالمي من خلال إحكام السيطرة على الاقتصاد الأوروبي الذي سيعتمد لعقود على الغاز.
يؤكد المراقبون أن واشنطن التي حاولت جاهدة السيطرة على منابع الغاز وتحجيم الدور الروسي وإبعاده عن المتوسط، تعلم خريطة الغاز في المنطقة وتدرك تماماً أن الحصول على الغاز في المتوسط مفتاحه سلام في المنطقة. هذا السلام وفق الشرعية الدولية سيكون بداية نهاية «إسرائيل». فمن هنا قررت واشنطن تقسيم الشرق الأوسط وشنت حربها على سورية التي ستكون عقدة الاقتصاد العالمي المقبل، فحاولت واشنطن وحلفاؤها تكرار النموذج التونسي والمصري والليبي في سورية من خلال تسليم الحكم للإخوان ولكنهم فشلوا في إسقاط الحكومة السورية، فاستخدموا الجماعات الإرهابية المتمثلة بـ»القاعدة» و»داعش» وغيرهما. انتشر الإرهاب الذي هو صنيعة المخابرات الأميركية، وفق تأكيد وزيرة الخارجية الأميركية الأسبق هيلاري كلنتون، في كل من سورية وفي منطقة الشرق الاوسط وانعكست النتائج سلباً على الحلف المعادي لسورية من خلال العمليات الإرهابية التي شهدتها بعض الدول الأوروبية في الآونة الأخيرة وازدياد أعداد اللاجئين السوريين.
فمع انتشار الإرهاب وازدياد توسعه وفشل استراتيجية أوباما بمحاربة داعش طرحت روسيا مشروع قرار أممي يعزز القتال ضد الجماعات الإرهابية بسورية بموافقة الحكومة السورية، ودخلت المقاتلات الروسية الحرب وبدأت غاراتها بسورية في 30 أيلول من العام الحالي ضد تنظيم داعش بعد اتفاق استخباري بين موسكو وطهران وبغداد ودمشق. هو تحالف رباعي جديد اعتبره مراقبون أنه محور جديد ومدخل لتعزيز النفوذ الروسي في المنطقة أمام الفراغ السياسي والعسكري الأميركي في منطقة الشرق الاوسط، وهذا ما أكده خبير الاستخبارات العراقي جاسم محمد.