مسلسل السلسلة مستمر!
د. أحمد لقيس
كان يوم العاشر من حزيران 2014 حلقة أخرى في مسلسل تأجيل إقرار السلسلة المتعلقة بالرتب والرواتب للموظفين في القطاع العام والمعلمين، إذ امتنع فريق من النواب عن الحضور الى مجلس النواب للمشاركة في جلسة استكمال دراسة هذه السلسلة التي تقرّ جميع الكتل النيابية بأحقيتها وضرورة استكمالها بعدما اجتازت مسيرة طويلة من الدراسة وإعادة الدراسة وإعادة التقويم الأرقام التي تفسرها كل كتلة أو فئة سياسية وفقاً لما تقتضيه مصالحها السياسية والانتخابية.
عبّرت مواقف الأطراف بطريقة مثيرة للعجب عن تأييدها الحقوق المشروعة للموظفين والمعلمين وأفراد القوات المسلحة التي تضمنتها السلسلة المقترحة، إلا أنها رغم ذلك تتخلّف عن الحضور، ما أفقد الجلسة نصابها القانوني وحال دون انعقادها، وما أضاف حلقة جديدة لحلقات سلسلة الرتب والرواتب، وحصل تأجيلها الى تاريخ لاحق. وما يثير الدهشة أن من تغيّب عن حضور الجلسة هو الفريق نفسه الذي كان يعيب على الآخرين غيابهم قبل يوم واحد عن جلسة كانت مخصصة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ووصفوا ونعتوا بأشدّ النعوت من غياب مخالف للدستور ومخالفة للديمقراطية، الى حدّ اعتباره بمثابة خيانة للوكالة النيابية، وطالب بعض هؤلاء باتخاذ إجراءات وعقوبات في حق هؤلاء لغيابهم عن تلك الجلسة، وفي اليوم التالي مارسوا الخطيئة نفسها وتعاملوا مع موضوع يقاس بأهمية حياة المواطنين ومعيشتهم، وهو أهم بالنسبة اليهم من الأمور الأخرى كلّها، حتى انتخاب رئيس للجمهورية.
هنا نستطيع طرح السؤال الآتي: ماذا وراء هذين التخاذل والتخلف عن الحضور الى مجلس النواب لإنجاز أهم مشروع اجتماعي يطول حياة نحو 30 في المئة من الشعب اللبناني ويؤثر في معيشتهم واستقرارهم المادي والإجتماعي؟
أستطيع الادعاء أن هناك وراء هذا الازدواج في المواقف غايات سياسية يخفيها بعض الأطراف السياسيين ويختبئون وراء الأرقام والتكلفة للسلسلة والتي أصبحت في الواقع، ولو صدرت عن أكثر المعنيين بها والأكثر صدقية في إصدارها، موضع جدال وأخذ ورد، ما يعني هذا الغياب للصدقية لبعض من من يتشبث بأرقام تخالف ما تصوّره الوزارة المعنية أي وزارة المال عن القدرة على تأمين التوازن المطلوب بين نفقات السلسلة والواردات المقترحة لتغطيتها.
كان أفضل تعبير عن هذا التضارب في المواقف من بعض الأفرقاء هو ما أدلى به الرئيس نبيه بري، عن أن الغاية المضمرة من وراء عدم حضور الجلسة المقررة لإقرار هذا المشروع هو «العبور على جثث المؤسسات» لتحقيق أغراض سياسية، ونرى أنه ليس في هذا شيء من الصحة والسلامة في الممارسة الساسية مع كل ما يمكن أن نتصوره من وسائل وأدوات لتحقيق أغراض سياسية، إلاّ أنه يجب الإبتعاد عن المسائل الإجتماعية لأنها ستنفجر وتؤدي الى نتائج تفوق سلبياتها ما يمكن أن ينتج من إقرار المشروع سواء على الصعيد الإقتصادي أو الإجتماعي أو التربوي، وهذا الأخير لا يزال، رغم الحل الذي توصّل اليه المعنيون حول إجراء الامتحانات الرسمية، الأصعب على واقع التلامذة والطلاب بسبب ما يشعرون به من ضيق تجاه هذه المواقف غير المسؤولة، رابطاً ما سيسيطر عليهم من قلق حيال عدم الوقوف بإصدار النتائج للامتحانات الرسمية التي سيجرونها.
اللهم أنقذ هذا الوطن واحمِه من كلّ شر يضمر له.
أستاذ جامعي