الانتخابات الأفغانية تحت الاحتلال: طالبان في المقدمة
عامر نعيم الياس
تنطلق يوم السبت المقبل الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الأفغانية الضامنة «لانتقال هادئ للسلطة التنفيذية!» بحسب صحيفة لوفيغارو الفرنسية، انتقال للسلطة من الرئيس حامد كرزاي إلى واحد من شخصين، الأول هو عبدالله عبدالله وزير خارجية كرزاي الأسبق والناطق السابق باسم أحمد شاه مسعود «أسد بانشير»، حيث حصل عبدالله على 45 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى من الانتخابات التي أجريت في الخامس من نيسان الماضي، وجاء في المركز الأول، ويتحالف عبدالله مع عبد الرسول سياف وغول آغا شيرازي، وهما من زعماء الحرب الذين قاتلوا السوفيات عام 1980، ويأملان في استلام مناصب وزارية في الحكومة التي سيشكلها عبدالله بعد فوزه في الانتخابات. أما الشخص الثاني فهو أشرف غاني وهو اقتصادي سابق في البنك الدولي وكان وزيراً للمالية في عهد الرئيس كرزاي، وحلّ في المرتبة الثانية بحصوله على 31 في المئة من أصوات الناخبين.
على وقع انسحاب الناتو بقيادة الولايات المتحدة من أفغانستان بحلول نهاية عام 2016 تجرى الانتخابات والبلاد تعاني من أزمات اقتصادية حادة، وانقسام دائم وفراغ أمني يساهم في استمرار التقسيم الجغرافي الراهن من حيث مناطق سيطرة الحكومة الأفغانية المحدودة، ومناطق سيطرة حركة طالبات الممتدة على غالبية الأراضي الأفغانية، فهل نحن أمام انتخابات لإخراج البلاد من مأزقها، أم أننا أمام انتخابات شكلية تفرز حكماً غير قادر على الصمود بعد الانسحاب الأميركي؟ ألا تميل صورة المشهد الأفغاني لمصلحة إدارة عملية تفاوضية مع طالبان وبالتالي فإن حكومة الانتخابات هي حكومة انتقالية بانتظار نتائج التفاوض الأميركي مع طالبان؟
إن الرئيس الأفغاني المقبل عليه أن يتعامل مع ملفات معقدة على رأسها ملف انسحاب القوات الأجنبية من الأراضي الأفغانية، وملف الحوار مع طالبان التي تعارض الانتخابات ولا تعترف بها وبنتائجها، والملف الاقتصادي لبلاد تعيش على المساعدات، ومن المعروف أن هذه الملفات تستوجب قبل كل شيء، أولاً توافقاً دولياً إقليمياً يؤمن عملية الانسحاب الآمن للأطلسي والولايات المتحدة، وثانياً اتفاقاً ولو ضمنياً مع حركة طالبان سواء لتأمين الانسحاب، أو لضمان صيغة ما من المشاركة في حكم البلاد بعد الانسحاب الأميركي، وثالثاً برنامجاً اقتصادياً يساعد على تجنيب البلاد ارتدادات الفقر وبحسب لوفيغارو الفرنسية فإن «كلا المرشحين الرئاسيين لا يملكون برنامجاً اقتصادياً واضحاً لمعالجة الأزمة التي تعيشها البلاد. وكان تقرير صادر عن البنك الدولي في عام 2013 قد أوصى بتكثيف الاستثمار في الزراعة والمواد الخام فالبلاد لديها احتياطيات كبيرة من النحاس والليثيوم والغاز»، لكن هل تتوافر الشروط السابقة؟
لا يوجد حتى الآن أي مؤشر على وجود اتفاقات تساعد على تأمين الانسحاب الأميركي السلس من أفغانستان، فالتوتر يعد السمة البارزة في العلاقات الدولية في المرحلة الحالية، والفوضى الصفة الأبرز في وضع الإقليم من باكستان وأفغانستان وصولاً إلى العراق وسورية، وعند هذه النقطة يتخوف المراقبون من تكرار السيناريو العراقي في أفغانستان، فطالبان ليست طرفاً في الحكم ولا الانتخابات، لكنها طرف في استقرار أفغانستان وطرف تعامل معه واعترف به الرئيس أوباما في صفقة إطلاق سراح الجندي الأميركي مقابل خمسة من قادة الحركة في معتقل غوانتانامو، عملية تؤشر بكل وضوح إلى يقين الإدارة الأميركية بفشلها في بناء الدولة الأفغانية بشكلها الحالي، والحاجة إلى خطوات حسن النية مع طالبان لتأمين الانسحاب الأميركي من أفغانستان بحلول نهاية عام 2016، استنتاج نجده في صحيفة التايمز البريطانية التي رأت في مقال بعنوان «أفغانستان قد تتبع العراق» أنه وعلى رغم أن أفغانستان مختلفة عن العراق ونقاط ضعفها مغايرة أيضاً «إلا أن هناك خوفاً من أن يحدث في أفغانستان ما حدث في العراق، لو تكرر سيناريو انتخابات العراق 2011 في أفغانستان 2015». إن التخوف من تكرار السيناريو العراقي في أفغانستان ليس صدفةً، بل ناتج من توجه أميركي لاستتباب الفوضى في المنطقة نتيجة الفشل، فالامبراطورية تنكفئ في الإقليم، والانكفاء جاء نتيجة الكلف العالية، وعليه فإنه لا بأس من تربع اللادولة في المنطقة على صورة المشهد السياسي والجغرافي.
كاتب سوري