تقرير

كتب آلِكس فيشمان في صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية: في اللحظة التي يتّخذ فيها الجيش والشرطة قراراً بإغراق المنطقة بالقوات، أو ما يسمى باللغة المهنية «بطانية واسعة» تخنق النار، فالمعنى أن لا جديد تحت الشمس.

أحد في جهاز الأمن لا يقدّر حقاً أنّ وضعاً جديداً هنا ـ كالانتفاضة ـ يعرّض السلامة العامة والسيطرة «الإسرائيلية» في الضفة للخطر. وإضافة إلى ذلك، كل العقول في جهاز الأمن، الذين يملكون عشرات آلاف «ساعات المناطق»، لم تجد أي ابتكار جديد لمواجهة الانفجارات البركانية التي تنشب مرة كل فترة زمنية.

حتى بعد عملية الطعن أمس في القدس، الإحساس في جهاز الأمن أن الوضع تحت السيطرة. ولهذا، فما كان سيكون، سواء كانوا محقين هناك أم مخطئين.

إذن، نوسّع دائرة الاعتقالات، ندفع بالكثير من القوات، نشدّد تواجد الجيش والشرطة في المناطق، إلى أن يمرّ الغضب. غير أنه لا سيطرة لأحد في جهاز الأمن على عوامل الانفجارات البركانية هذه، والتي تصبح متواترة أكثر فأكثر.

ثمة مسلّمة في «إسرائيل» أن لا مصلحة للسلطة الفلسطينية والجمهور الفلسطيني في استئناف الانتفاضة. أما عملياً، فالتحريض حول ما يسمّونه خرق الاجماع في الحرم، أصبح رافعة مركزية لإشعال اللهيب في القدس قبل سنة، وما يحصل في القدس اليوم. قد لا تكون لأبي مازن مصلحة في العنف، ولكنه يتمسك أمام الفلسطينيين وأمام العالم العربي ـ لاعتبارات سياسية ـ بالكذبة التي في مركزها «المؤامرة الإسرائيلية لتغيير الوضع الراهن في الحرم»، وهذه هي مادة الإشعال الأساس لما يجري هناك اليوم.

معقول جداً الافتراض أنّ قصة الولد الذي أطلق النار عليه المستوطن، والتي تبيّنت كحادثة طرق، تمكّنت من الارتفاع لتصبح موجة تحريض، دفعت الشاب الفلسطيني ذاته ابن 19 للذهاب إلى شرق القدس وقتل اليهود هناك.

وعندنا، تكاد تكون صورة مرآة: شبان متحمسون يقفون ضد الفلسطينيين في المفترقات، زعماء سياسيون مركزيون يدعون إلى إغلاق المحاور، إعادة الحواجز، اتّباع الأكثر تشدّداً ـ الخطوات التي هي عكس ما يوصي جهاز الأمن بعمله من أجل تهدئة الوضع.

تفيد التجربة أنه في الطرق ذاتها التي يسافر فيها اليهود وحدهم، كانت بالذات أعداد أكبر من عمليات رشق الحجارة والزجاجات الحارقة. وذلك لأن المخرّبين يعرفون أنهم لن يصيبوا بالخطأ سيارة فلسطينية.

إن زيادة عدد الحواجز تضيف إلى دائرة استياء السكان الفلسطينيين غير المشاركين في الإرهاب. كما أنها ترفع مستوى الاحتكاك بين الجيش والفلسطينيين. كل حاجز جديد هو مدخل آخر للانفجار.

تتصدّى «إسرائيل» اليوم لموجة إرهاب وفيها عدة دوائر. الاضطرابات في الحرم، رشق الحجارة والزجاجات الحارقة في المحاور وفي أحياء التماس عمليات الافراد العمليات التي تقوم بها المنظمات المؤطرة. العملية قرب ايتمار في الأول من تشرين الأول، والتي قُتل فيها الزوجان هينكن، نفّذتها خلية مؤطرة. جهاز الأمن العام والجيش خبيران جداً. فمعظم هذه العمليات تحبط مسبقاً، وتلك التي تنفّذ يُحلّ لغزها في غضون وقت قصير. ولكن إزاء راشقي الحجارة ـ لا تزال القيادتان السياسية والعسكرية تبحثان عن الصيغة الصحيحة. غير أن الحجارة كانت خبز الجيش في الانتفاضة الأولى. الحلول مكتوبة. جيش 2015 يحتاج فقط إلى أن يقرأ ما فعله جيش 1988. في حينه، أجريت بحوث علمية حول جماعات الشغب، ووجدت حلولاً أيضاً. فمنفّذ العملية الفرد ينتمي لمجموعة «عمليات الاجواء»، ممارسة الضغط على الميدان زادت الضغط واليأس، وستخلق مزيداً من المنفّذين الافراد. وعليه، قبل كل شيء، في ما يتعلق بالقدس، يجب معالجة التحريض حول الحرم. في المجال العملي. على شرطة «إسرائيل» أن تستعد بشكل مختلف في القدس ـ سواء من ناحية استخبارية أو من ناحية نشر القوات. والتعامل والمعالجة للمشاغبين في شرق القدس وكأنهم مواطنون «إسرائيليون» هو خطأ. فالهدف اليوم عمل كل شيء كي لا تنتقل النار المشتعلة في القدس إلى الضفة. ولا يزال القول سارياً: نحن سنبقى مع الانفجارات البركانية.

في الجيش، يفهمون أن أيام «محاولة احتواء النزاع وكسب الوقت مع مزيد من التسهيلات والامتيازات» انتهت. ونحن نقترب من مفترق طرق. مسار واحد يؤدّي إلى تطبيع الحياة في الضفة، لرفع معظم القيود عن السكان الفلسطينيين والشروع في المفاوضات. المسار الثاني: نسير نحو مواجهة شاملة، ستجرّ غزّة أيضاً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى