تحالفات اليوم… مرآة تعكس انتصارات الماضي
فاديا مطر
لم تذهب بعيداً في ذكراها حرب تشرين التحريرية بين مصر وسورية من جهة، والعدو «الإسرائيلي» من جهة أخرى والتي دامت من 6 ـ 25 تشرين الأول 1973، وهي حرب وصلت إلى مشارف مواجهة بين القوتين العالميتين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية اللتين قدّمت كل منهما الدعم لحلفائها أثناءها، فتلاقي العلاقات الروسية ـ المصرية ـ السورية في حرب تشرين وتكاملها أدّيا إلى إنجازات شتى منها ما حققه الجيشان السوري والمصري من الأهداف الاستراتيجية المرجوّة جراء المباغتة العسكرية لـ «إسرائيل»، مما أدى لتدخل الدولتين الكبيرتين في ذلك الوقت بشكل غير مباشر، حيث زوّد الاتحاد السوفياتي سورية بالأسلحة، فيما أقامت الولايات المتحدة جسراً جوياً لتقديم العتاد العسكري للكيان «الإسرائيلي»، وفي نهاية الحرب وضع وزير الخارجية الأميركية «هنري كيسنجر» نفسه وسيطاً بين الجانبين وتمّ التوصل لاتفاق هدنة بين سورية والكيان الصهيوني أنهت الحرب رسمياً بالتوقيع على فك الاشتباك في 31 أيار 1974، بعد تحقيق تحطيم أسطورة «الجيش الذي لا يقهر» والتي كان يتغنّى بها القادة «الإسرائيليون» آنذاك، فقد ثُبت تاريخياً بأن مصر وسورية عندما يقفان على اتفاق واحد يتغير المشهد العربي، فهذه حالة متكررة منذ زمن السلطان الناصر «صلاح الدين الأيوبي» وفصول العلاقة الأيوبية ـ الفاطمية التي أوقفت في وقتها هجوم الفرنجة على مصر في 1169 م. وأدت إلى انسحابهم من مصر، وما كان من تاريخ بعيد أصبح يُعيد نفسه اليوم على إيقاع التفاهم الروسي ـ السوري والتحرك المصري لملاقاته في عقدة الطرق وهي ما تدل على حقبة تفتح أبواب مرحلة تاريخية من تاريخ دور الجيوش المبنية على القرار المستقل والتي تشكل ضمانة حقيقية للسيادة وأمن بلادها التي تعصف بها الرياح المدبرة والمنسوجة خارجياً وداخلياً. فالجرائم التي تعرّض لها الجيش المصري في سيناء والقاهرة وغيرها من المدن المصرية هي بسبب قراره المستقل. وهو ما أكدته تعبيرات الحكومة المصرية في 3 شباط الماضي من هذا العام بأن الجيش المصري في مواجهة حلف الأخوان المسلمين القطري ـ التركي والذي كان دوره في أن أنقذ «مصريته» أمام هذا الوجه الإرهابي، وما لحق من روسيا في زمن الخراب إبان عهد الرئيس «ميخائيل غورباتشوف» والتطورات الأمنية في زمن الرئيس «بوريس يلتسن» واحتجاز مئات الرهائن داخل أحد المستشفيات في جنوب روسيا وهو ما أوقع أكثر من مئة قتيل، لكن تدخل الجيش الروسي صاحب القرار السيادي أبطل مفعول الإرهاب في تلك الحقبة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وما يسطره اليوم الجيش الروسي من قوة حاضرة في مكافحة الإرهاب على المستوى الإقليمي والعالمي يكمل ذلك التأسيس. فقد كانت روسيا قد أنشأت ما عُرف بـ «كي جي بي» في العام 1954 وعدّلته ببنية وهيكلية جديدة في العام 1960، وهو ما سُمّي بـ «لجنة الدولة للأمن» وهو جهاز متخصص في مكافحة الإرهاب الذي لا يعرف أرضاً ولا وطناً ولا حدوداً وهو ما تقوم روسيا اليوم في محاربته إلى جانب الجيش العربي السوري الذي يحتفل بالذكرى الـ 42 لحرب تشرين التحريرية بفضل صموده وقراره السيادي المستقل بإنهاء الإرهاب على أرضه تحت قيادة حكيمة ومتمكنة. فما أعلنته اللجنة الشعبية المصرية للتضامن مع الشعب السوري من تأييد للضربات العسكرية الروسية ضد تنظيم «داعش» في 6 تشرين الأول الحالي وتأكيدها أن سورية تتعرّض لمؤامرة صهيو ـ أميركية، هو تأكيد على تلاحم الشعوب المستقلة القرار والجيوش الموحّدة الأهداف ضد الإرهاب القاتل. فالجيش العربي السوري يحارب الإرهاب المنسوج خارجياً إقليمياً ودولياً في الوقت نفسه الذي لم ينسَ فيه دوره الأساسي في بناء الوطن. فهو الجيش العقائدي الموجود دائماً في الحرب والسلم، وهو الجيش الذي راهن الكثيرون عليه بالانشقاق والتفكك والتشرذم والانهيار لكن آمالهم ورهانهم عليه قد خابت، فالجيش العربي السوري حامي الأرض والعِرض وما قدّمه من قوة ومقدرة أذهلت العالم «حتى الأعداء». فهو يقود معركة تحريرية جديدة، كما في تشرين الأول العام 1973 ويتجه إلى نصر جديد بتحالفات وثيقة، كمعركة تشرين نفسها، حتى لو تغير لون العدو وشكله، فنحن مع جيش يستولد الأمل من قلب الألم.